مجموعة من الشبان يرتدون ثيابا سوداء، وجوههم غائبة خلف الأقنعة، خرجوا إلى الساحة قبل أيام، سمّو أنفسهم "بلاك بلوك" أي الكتلة السوداء، تفاجأ الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي بحضورهم القوي، قالوا أنهم يعارضون نظام محمد مرسي ويريدون الدفاع، بكل ما يملكونه من وسائل عن المتظاهرين بوجه الإسلاميين وقوات الأمن. وكانت هذه الجماعة أعلنت تأسيسها في 24 يناير عشية الذكرى الثانية للانتفاضة ضد نظام حسني مبارك عبر شريط فيديو نشر على موقع يوتيوب صور ليلا في الإسكندرية يظهر مجموعة من الشبان المقنعين يقولون أن مهمتهم النضال "ضد النظام المستبد والفاشي –الإخوان المسلمون- وذراعه المسلحة". وقد انضم أعضاء "بلاك بلوك" إلى المظاهرات الصاخبة التي شهدتها مدن مصرية عديدة، كالقاهرةوالإسكندرية والمنصورة منذ أكثر من أسبوع. وقال بعضهم للمتظاهرين في ميدان التحرير الجمعة الماضي "نحن هنا لحمايتكم ولا نريد الاعتداء على أحد" وأضافوا "نحن لا ننتمي لأي حزب أو مجموعة". "ردة فعل لمدنيين تجاوزهم العنف" ترى الناشطة المصرية سارة عثمان أن ظهور "بلاك بلوك" بمثابة ردة فعل لمدنيين تجاوزهم العنف الذي كانوا من ضحاياه، خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها المظاهرات السلمية خلال حصار القصر الجمهوري مطلع ديسمبر/. وقتها قتل سبعة أشخاص على أيدي مجموعات تنتمي إلى الإخوان جاؤوا لطرد المتظاهرين. بعد ذلك التاريخ شاركت عناصر من الإخوان المسلمين ومن السلفيين في عدة أعمال عنف منها إحراق مقر حزب الوفد المعارض في القاهرة دون أن تقوم السلطات بأية اعتقالات وسط المعتدين. وتضيف الناشطة المصرية، يبدو أن الهتافات القديمة من نوع "سلمية،سلمية" والتي راجت في المظاهرات المناهضة لحسني مبارك قد ولى عهدها. ويشك قسم من معارضي اليوم بجدوى الاحتجاجات السلمية ولا يريدون البقاء مكتوفي الأيدي. يضاف إلى ذلك أن الشرطة وبالرغم من زوال نظام حسني مبارك ما زالت متهمة بالاغتصاب المتواصل لحقوق الإنسان ما يزيد عداء المواطنين لرجالها. وكانت منظمة العفو الدولية استنادا إلى شهادات مدنيين أدانت مطلع الأسبوع استعمال الشرطة العنف المفرط حتى ضد الذين لا يمثلون أي تهديد يذكر. المحامي والناشط السياسي نجاد البرعي لا يستغرب الظهور المفاجئ لجماعة "بلاك بلوك"، ويؤكد لمحطة "سي بي سي" المصرية أن محرك هذه الجماعة هو اليأس من النظام الحالي الذي أصبح "نظاما ديكتاتوريا دينيا، يتصرف بنفس طريقة تصرف نظام مبارك". هذا الرأي لا يجاريه فيه سمير شحاتة مدرس العلوم السياسية العربية في جامعة جورجتاون. فهذا المراقب الدقيق للحياة السياسية المصرية لا يخفي تفاجئه بظاهرة "بلاك بلوك" ويعتبرهم العناصر الأكثر راديكالية بين الشبان الثوريين المصريين. حضور شبان "بلاك بلوك" لا ينحصر على الشارع المصري فحسب بل هم يتحركون على شبكات التواصل الاجتماعي – انظر صفحاتهم على فيس بوك وتويتر وينشرون أشرطة فيديو تظهرهم في وضعية دفاع عن متظاهرين أو في مواجهات حادة مع رجال الأمن. حملة اعتقالات في صفوفهم في مواجهة هذه الظاهرة، كانت ردة فعل السلطة سريعة. مسؤولو الإخوان ووسائل الإعلام المرتبطة بهم اتهموا جماعة بلاك بلوك أو الكتلة السوداء بالفوضويين وحملوهم مسؤولية أعمال عنف وتخريب واتهموهم أيضا بالعمالة للخارج وبمحاولات حرق القصر الرئاسي والاعتداء على عدة مقرات للإخوان. سعيد اللاوندي من مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، قال في حديث إلى فرانس 24، إن هذه المجموعة هي "نتيجة لغياب الوعي السياسي في مصر، خاصة لدى الشبان" ويتخوف اللاوندي من أن يؤدي "عنفهم إلى تعطيل إمكانية الحوار الوطني الأساسي لمصر حاليا". من جهته أمر المدعي العام المصري الجهات المعنية بتوقيف كل شخص يشتبه بانتمائه إلى بلاك بلوك واتهم المجموعة بالقيام بعمليات إرهابية. وقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني اعتقال حوالي 170 متظاهرا يرتدون الملابس السوداء منذ السبت الفائت من دون التأكد من انتماء البعض منهم لبلاك بلوك. ولكن البعض يخشى أن تؤدي تحركات هذه المجموعة إلى توسيع دائرة العنف في مصر. وقد ظهرت على فيس بوك صفحات لمجموعات "ثورية" حذرت مشتركيها من بلاك بلوك خاصة من الانتماء إلى صفوفهم. واتهمت بعض هذه الصفحات الكتلة السوداء بالدوران في فلك الإخوان المسلمين للعمل على عرقلة حركة الاحتجاجات. وقد حذرت سارة عثمان من ذلك بقولها "المطلوب عدم البدء في استعمال العنف بل البحث عن طريقة للخروج منه". المدون المصري محمود سالم رأى بدوره أن بلاك بلوك بمثابة العدو المثالي للنظام فهم يسحبون الشرعية عن المتظاهرين السلميين. أما سمير شحاتة فهو قلق من هذه الظاهرة التي قد تستغلها السلطة للتشكيك بالمتظاهرين وبمطالبهم الشرعية --منقول عن---موقع فرنسا 24.