أُعلن في السودان عن اكتشاف مدينة أثرية كاملة، تمتاز عمّا حولها من المدن بأنها فريدة من نوعها بطرازها المعماري، اذ ليس للمدينة القديمة-الجديدة مثيل في أي من حضارات ما حول النيل المكتشفة إلى حد الآن. وبحسب تصريح البروفيسور السويسري تشارلي بوني رئيس بعثة التنقيب عن آثار كرمة النوبية، فإن المدنة الأثرية الاستثنائية تقع في منطقة "دوكي غيل"، وعلى بعد كيلومتر واحد فقط من منطقة الدفوفة الأثرية، مشيرا الى انها كانت عاصمة مملكة كرمة في النوبة. ولفت العالم الانتباه الى أهمية الاكتشاف بالقول إن أسلوب بناء المدن المكتشفة في السابق كان أقرب الى الأسلوب المصري الفرعوني، حيث تُعتمد المثلثلات والمربعات. أما "مدينة كرمة" فتجلى فيها الأسلوب النوبي الدائري، الذي احتفظت بآثاره معابد نوبية لم يحطمها الجيش الفرعوني الغازي، خشية غضب الآلهة النوبية. وكان هذا الجيش قد دمر القصور "فظهرت هذه الفوارق جنباً الى جنب للمرة الأولى".وعبر البروفيسور بوني عن سروره بهذا الاكتشاف قائلاً: "كنت أسعى لفهم الحضارة النوبية السودانية كحضارة أصيلة، لكنها لم تجد ترويجاً مثل الحضارة الفرعونية في مصر". كما نوه تشارلي بوني الذي أمضى 50 سنة في البحث والتنقيب الى أهمية إضافية للاكتشاف، وهي أن المدينة كانت مقصداً لزوار من مناطق أخرى كدارفور وكردفان، "الأمر الذي قد يعني تجمع ملوك تلك الحقبة التاريخية لإظهار القوة أمام الجيش المصري، مما يجعل لهذا الاكتشاف أهمية للسودان ككل وليس شماله فحسب". ومما يعزز وجهة النظر هذه اكتشاف آثار طرق عديدة في المدينة، من الوارد انها كانت ممراً لطرق أخرى تصلها بكل منطقة افريقيا، مما جعلها محط اهتمام المصريين القدماء. وأشار العالم الى حجم الحصون المحيطة بالمدينة المكتشفة واصفاً إياها بأنها ليس لها مثيل. فلقد بلغ حجم هذه الحصون ضعف قلاع بوهين في جنوبحلفا التي بناها فراعنة الأسرة السابعة لحماية الحدود الجنوبية لدولتهم، وهو ما اعتبره بوني دليلا على قوة الدولة النوبية وتخطيطها لصد أي هجوم أو محاولات غزو خارجية.