"القارة السمراء"، "الجوهرة السوداء"، " العذراء" .. أسماء تطلق على قارة افريقيا التي تتربع على مساحة 2,30 مليون كلم مربع ،يسكنها نحو مليار نسمة موزعين على 54 بلدا .افريقيا تنام على موارد طبيعية عديدة جدا من بينها مادة "الكوبالت " بنسبة 70% التي تدخل في صناعة الهواتف النقالة وهي مادة ثمينة جدا . افريقيا تكفي لأستقطاب كامل سكان القارات الأخرى بما فيها حاجياتهم ،افريقيا التي ماتزال محل أطماع سبعة مستعمرين وهم : اسبانيا ،اطاليا ،فرنسا ،يريطانيا،المانيا،البرتغال ،بلجيكا ماتزال تعاني مشاكل مخلفات الاستعمار الذي أراد لها ان تبقى تراوح مكانها جهلا وفقرا وأمراضا وفسادا وحروبا أهلية وانقلابات وهجرة أدمغة واستنزاف ثرواتها وتهريب مدخراتها .ان تأزم الوضع في افريقيا ليس وليد العقود الماضية بل منذ مؤتمر برلين الذي احتفل في الغربيون سنة 1884- 1885اثر القضاء النهائي على الحضارة الاسلامية في كل امتدادها الجغرافي بما فيها افريقيا التي كانت أكثرية سكانها يعتنقون الاسلام وكانوا ينعمون بالأمن والازدهار وما تزال بعض الجهات الغربية تطيح بحكومات وتنصب أخرى . اما آخر الكوارث التي حلت بها فهي انتشار مرض فقدان المناعة المكتسبة-الإيدز-هذا المرض الفتاك الذي ما حل بقوم إلا وأهلكهم بالكاد مهما سخروا من وسائل الوقاية اذ تتراوح نسبة الاصابة ما بين 0.1 الى 23% ،الذين هم في سن العمل حسب البلدان ،طبقا لإحصائيات 2011 للأمم المتحدة .وبذلك يضاف لها عبء اجتماعي واقتصادي جراء هذا الوباء الذي يخلف ارامل وأيتام وبطالة ونقص في يد العاملة وهنالك العديد من الدول الآيلة للزوال خاصة دول مجموعة افريقيا الجنوبية هي : سوازيلند ، جنوب افريقيا ، ناميبيا ، ليسوتو، بوتسوانا التي بلغ فيها متوسط الاصابة بالإيدز 18.2% وهي نسبة مرتفعة جدا .وحسب استشراف حالة سكان هذه المجموعة فان عددهم حاليا 58 مليون نسمة وسيزيد ب 10 ملايين نسمة في غضون 39 سنة القادمة اي في سنة 2050 فقط في الوقت الذي من المفروض ان يتضاعف عددهم الى 116 مليون. هذه الدول مرشحة ان تصبح خالية من سكانها في غضون قرن او قرنين حيث تشكل نسبة الوفيات بسبب هذا الداء %50 عن طريق الحروب والكوارث والأمراض طبقا لنظرية "المالتوسيون الجدد" الذي يرون ان المعمورة لا تتحمل هذا الكم الهائل من السكان لذا يجب الرجوع الى عدة وسائل من اجل تكافؤ موارد الارض مع عدد السكان وبذلك لا نستغرب متوسط أمل الحياة هناك ب 53 سنة فقط. ومن بين سيناريوهات برلين 2 - قد يبدو ضربا من ضروب الخيال -هو جمع ما يتبقى من سكان المنطقة في دولة واحدة ألا وهي جنوب افريقيا لما تتوفر عليه من هياكل استقبال كالمدارس والمستشفيات لان هذه الدول ستكون عاجزة عن تلبية متطلبات سكانها بسبب كثرة الاضطرابات . اما السيناريو الثاني : فيتمثل في بقاء السكان في بلدانهم على ان تتولى مؤسسات العولمة شؤونهم نظرا لإفلاسهم تحت بند "بقاء الشعوب". فيما يرى عقلاء افريقيا انه يمكن الامساك بزمام الامور اذا تبنت كل الدول الأفريقية مبادرة "النيباد" حيث يتعهد الجانب الإفريقي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق التنمية المستديمة في مجالات واسعة النطاق تشمل الأمن والسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان ، والاستقرار الاقتصادي ، وتنظيم الأسواق المالية والتعليم والصحة ، ودور المرأة ومشاركتها الفعالة في التنمية ، وترسيخ قواعد القانون والنظام ، والبنية السياسية ، والتنوع الزراعي والتصدير مقابل أن يقدم العالم الخارجي الجزء الأكبر من مسألة تعبئة الموارد الخارجية ، التي تشمل خفض الديون ، وإدارة المساعدات الإنمائية الخارجية ، وتشجيع انسياب رأس المال الخاص الأجنبي" . يرى خبراء السكان والتنمية ان سبيل الخروج من الازمة التي تعيشها افريقيا هي الانخراط في خارطة الطريق الحكم الراشد التي رسمت محاورها الاممالمتحدة والمتمثلة في تطبيق البنود التسعة الخاصة بأداء الدولة ومؤسساتها الرسمية فحسب بل تتعدى الى مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمتمثلة في المعايير التالية وهي : المشاركة، حكم القانون ، الشفافية ،حسن الاستجابة،التوافق ، المساواة في تكافؤ الفرص ،الفعالية ، المحاسبة،الرؤية الإستراتيجية.او الإعتماد على مبادرة "النيباد" التي اقرها الإتحاد الإفريقي.