عندما قرر الرئيس الزعيم الراحل هواري بومدين رحمة الله عليه وضع مشروع التعريب حيز التطبيق على مستوى مختلف قطاعات الدولة الجزائرية ومؤسساتها بدا هذا المسعى السياسي والسيادي أمرا عسيرا يتطلب رفع تحديات إضافية تقتضي مزيدا من التضحيات بعد سنوات الثورة الكبرى السبع وسنوات الاستقلال بهذه الربوع الثورية التي كانت بصدد البناء... أمر المرحوم صاحب «قرّرنا» ولنطبق! بتعريب المؤسسات الاعلامية الوطنية في ظروف طبعتها تحولات مصيرية على مسار تأسيس دولة لا تزول بزوال الرجال... وتكفل في تلك الأيام من بداية سنة 1976 الدكتور أحمد طالب الابراهيمي الذي كان وزيرا للإعلام بتنفيذ قرارات الرئيس حين أصدر تعليماته الى مختلف وسائل الاعلام الوطنية بمباشرة العملية... و... تكونت بجريدة «لاريبيبليك» في شهر مارس من سنة 1976 خلية للتعريب على غرار مثيلاتها بمختلف القطاعات الحيوية للوطن في الوقت الذي بلغت فيه هذه الجريدة العريقة ذروة العطاء بنخبة من الصحفيين المحترفين... وبلا مقدمات شرعت هذه النواة الأولى التي ضمت مخضرمين آلوا على أنفسهم أداء هذه المهمة الوطنية النبيلة نذكر من بينهم حسبما وقعت عليه أيدينا من وثائق السادة عثمان بلعباس ونصروش محمد (رحمه الله) ومحمد صالح ونيار محمد وجلاس عبد الحميد وبرسولي أحمد وكان بالطبع يشرف على الجريدة في تلك الفترة الحاسمة السيد محمد شريف زروالة الذي عين على التو كمدير عام للجريدة... وشرعت هذه الجماعة أشبه بخلية نحل في الإعداد للصفحة «صفر» التجريبية التي اقتصرت في بداية البداية على الصفحة الأولى ليتواصل اكتساح الحرف العربي لأعمدة «الجمهورية» بالحلة الجديدة رويدا رويدا صفحة بصفحة على مدى 10 أشهر بعدما تدعمت هيئة التحرير ب 17 صحفيا من أحدث خريجي الجامعة بداية من سنة 1977 وسار القطار على السكة كما يقال وتحققت وأنجزت المهمة التي باركتها السلطات العليا للبلاد واستبشرت لها جموع جماهير القراء التواقين لتصفح جريدتهم بلغتهم الوطنية بلغة الضاد.. و... نجح الرهان بفضل هذه النخبة من الصحفيين والتقنيين والإداريين وبلا انقطاع وعلى نفس الايقاع حافظت «الجمهورية» في تلك السنوات الثورية على مقروئيتها 50 ألف نسخة يوميا تماما مثل سابق عهدها باللغة الفرنسية... وقد زاد «الجمهورية» ثراء فيما بعد حظها المتميز في اكتسابها لهيئة تحرير شكلت نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات نخبة الصحافة الوطنية باللغتين العربية والفرنسية.. مما أهلها لأن تظل مدرسة تخرج منها من كانوا يسمون بلغة الصحافة فرسان الريشة.