استجابة لمشروع توسعة الحرمين الشريفين بدأ قلب مكةالمكرمة ينبض بأسلوب مختلف، خالياً من بعض الأحياء المحيطة بالحرم الشريف بكل تركيبتِها السكانية وذكريات ساكنيها، حتى أسماء الشوارع باتت صفحة من التاريخ . وقد وصف الخبير العقاري منصور أبورياش في لقاء مع "العربية نت" وضع مكةالمكرمة في السنوات المقبلة قائلاً: "ستشهد المدينة طفرة عمرانية يقابلها ارتفاع كبير في عدد السكان". وأضاف "قد يكون هناك تفريغ طوعي لمدينة مكة للحاج، والمعتمر، والزائر، ويصبح أهالي مكة في أطرافها، نظراً لشحّ الأراضي وانكماشها في المساحة المكانية بفعل المشاريع الضرورية الذي يخطط لها ويدفع بها وينفذها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمكة وأهلها وزوارها من ضيوف الرحمن". ورداً على سؤال "العربية نت" عن مدى إمكانية السعودية في تنفيذ خططها العمرانية الجديدة والقضاء على العشوائيات والأحياء الكثيرة في فترة زمنية محدودة، أجاب أبورياش: "أعتقد أن عملية إزالة ما يقارب 72 من الأحياء العشوائية ستتم بطريقة متدرجة ومتأنية، ثم سيتم حل مشكلة الكثافة السكانية الدائمة عبر مشاريع قائمة لمعالجة المشكلة بكافة أشكالها". فيما بدأ حي جرول في المنطقة، يلملم بقاياه، ومعدات العمل قد شرعت في قطع الكهرباء وظهر أهالي الحي ينقلون قشهم هامين بالخروج. ويعتبر هذا الحي أحد الأحياء الراحلة عن جغرافية مكة كغيره من الشوارع، رغم أنه كان أكبر مراكز تصدير الأسماء الأدبية، التجارية، ول رياضية. وبات فقدان الجار أكثر ألماً من فقدان الدار، لكنَّ العزاء بالنسبة للأهالي يكمنُ في إعادة بناء مكة بحلة أجمل، وتسهيل سبل الوصول إلى الحرم المكي الشريف. وفي هذا السياق، قال سعد القرشي المستشار للشؤون العقارية في الغرفة التجارية بمكةالمكرمة: "إن هذه التوسعة تعد من التوسعات الضخمة التي تشهدها مكة والتي تجاوزت أكثر من 22 ألف عقار مخلخلة العشوائيات المتواجدة، إلا أن تلك العشوائيات انتقلت وتناثرت بصورة مخيفة في أطراف مكة، في شمال وجنوب المدينة. ويضيف "لعل كل ذلك جعل قيمة العقار تقفز بصورة كبيرة جداً، حتى تضاعفت بنسبة 500% القيمة العقارية الأراضي والمخططات المجاورة للخطوط الدائرية لمكةالمكرمة". تنامي الأحياء العشوائية أما بالنسبة لهذه الظاهرة فتشير التقارير وخبراء العقارة إلى أن تنامي الأحياء العشوائية في مكةَ جاءت أثناء غفلة من التنظيم العمراني، على مدى عشرات السنين، ما استوجب حلولاً جراحية. ويبقى الثابت هو أن تلك الأحياء العشوائية أشبه بالورم العمراني الذي يصيب بقية جسد المدن بوهن حضاري يوشك على قتلها، لذلك فإن في اجتثاث العشوائيات حياة لبقية مكة. إلا أنه بعد التنظيم الجديد سيكون للحرم جيران جدد، فيما سينتقل أهالي الأحياء القديمة إلى أحياء أخرى، في مخططات على أطراف مكة تعد السعودية أن تكون أكثر تنظيماً وترتيباً. فيما ستظل كل الذكريات الجميلة وعبق الأحياء القديمة خالدة في أذهان أهاليها، وفي مجلدات كتبها ومؤرخيها.