الأكيد أنّ المستفيد من إضراب الخبازين، هما إمّا صناع المطلوع (والغالب صانعات )، أو الأزواج الذين تذهب نساءهن مرغمات ومخيرات على تجهيز خبز الدار، الذي يؤكل سواء كان لذيذا أو سيء. النقمة التي ولّدت نعمة على المذكورين السابقين، لم تتأكد إلا في اليوم الذي أغلقت فيه المخابز أبوابها، فعجز غالبية المواطنين عن شراء الخبز، خاصة في منتصف النهار، حيث يعود التلاميذ والعمال الى بيوتهم لتناول الغذاء، هذا الغياب لمادة غذائية أساسية في المائدة الجزائرية، فنّدته قبل أيام الإتحادية الوطنية للخبّازين التي قالت أنها ضد الإضراب وأعطت أوامر لكافة الخبازين بالعمل قصد توفير هذه المادة للمواطنين، وعكس ذلك نادت بالإضراب ودعمته اللجنة الوطنية للخبّازين المنضوية تحت لواء الإتحاد الوطني للتجار والحرفيين وظنّ الجزائريون أنّ الخبّازين سيفتحون أبواب مخابزهم لأنّ الجهة الأولى كانت تطمئن وتصرّح بالعكس تماما. إنّ أزمة الخبز بالجزائر، أو بالأصح أزمة الخبّازين، ليست وليدة اليوم، وفي البدء كانت مطالب واهية، لم يفهمها الجزائريون، لأنّ أصحاب المخابز والهيئات التي كانت لسان حالها، كانت تنادي في السابق برفع ثمن الخبزة الى 10 دنانير، لكن هذا الطرح فتح عددا من الاستفهامات، ذلك أنّ المخابز كانت تبيع الرغيف ب 10 دنانير منذ سنوات عديدة، بالرغم من أنّ السعر الرسمي الذي حدّدته الدولة، وما يزال ساري المفعول بالنسبة إليها، هو 7٫5 دينار، وعليه فقد تمّ توسيع أرضية المطالب الى الرفع من هامش الربح ب 20 بالمائة والتخفيض في أسعار الفرينة من 2000 دينار للقنطار الى 1500 دينار للقنطار. الظاهر أنّ إضراب، اليوم الواحد الذي شنّه الخبّازون، يوم الثلاثاء الماضي، سيتكرّر لاحقا، لأن الحكومة لم تستجب بعد الى مطالب المحتجين ولأن وزير التجارة، اعتبر إضراب الخبّازين غير شرعي، لأنّ انشغالاتهم ما زالت قيد الدراسة بمصالحه، وذهب في أبعد من ذلك، في وصفه للإضراب «أنّه لا يمكن تجويع الشعب من أجل حسابات تجارية». لكن الجزائريون، ووفق الحقيقة الملموسة، قد اتجهوا منذ سنوات الى تفضيل خبز الدّار (المطلوع) عن خبزات المخبزة حيث وجدوا في المحلات التي فتحها بعض الحرفيين التقليديين، الدّوق المفقود والخبز البديل، ومثل هذه التجارة تنتشر هذه الأيام بعدد من الأحياء، بل أصبحت المادة التي يحبّد تقديمها للضيوف والمدعويين في العزائم ومختلف الدعوات،و وتستعملها محلات «الفاست فود» في تحضير «الهامبورغر» ومن المحتمل جدا أن تعتمد قاعات الحفلات مستقبلا على المطلوع كظاهرة أصبحت تفرض وجودها في وقتنا الحالي بجميع ولايات الجزائر. وعليه فليس من الغريب أن نسمع لاحقا عن تأسيس هيئات لخبز الدار، كأن ينشىء هؤلاء الحرفيين إتحاد المطلوع، من السّهل جدا أن ينضوي تحت لواء الإتحاد الوطني للتجار والحرفيين، كما هو الحال بالنسبة للجنة الوطنية للخبازين التي تتبع التنظيم الذي ناد الى إضراب الخبّازين.