تشكل لسعات العقارب مشكلة كبيرة في الجزائر، حيث تسجل الوصاية سنويا أزيد من خمسين (50) ألف حالة تسمم عقربي، تكلف الخزينة العمومية مابين سبعمائة (700) الى عشرة (10) آلاف دينار جزائري للسعة العقربية الواحدة، أو ماتم احصاؤه بقيمة تسعين (90) مليون دينار جزائري لمعالجة كل اللسعات سنويا. إن لسعات العقارب شائعة في الجزائر وأصبحت مسألة رئيسية في الصحة العامة، فهناك آلاف حالات اللسع المسجلة والعشرات منها قاتلة كل سنة، والعقارب هي حشرات شرسة تفضل المشي في الليل وبها سم قاتل يكون نشيطا في فصل الصيف، وهي عدة أنواع فمنها العقارب ذات اللون الاسود كالتي تتواجد في أدغال افريقيا وآسيا، ومنها ذات اللون البني كتلك التي تتواجد في مصر بكثرة وهي أكثر خطورة من الاولى، أما الصفراء، فتوجد في الصحراء الجزائرية وسوريا وغيرها، تتغذى العقرب على الحشرات والخنافس، وتتكاثر في فصل الخريف، حيث أن مدة الحمل تدوم عندها الى ستة عشرة (16) يوما. كذلك تتحمل البرد والاشعاعات النووية، لأن قشرتها الصلبة تتكون من مادة تعمل على عدم تأثرها بالاشعاعات، وعندما قام الفرنسيون بالتجربة النووية برڤان في 13 فبراير 1960 لاحظوا أن الكائن الوحيد الذي لم يتأثر من الاشعاعات هي العقرب (وللّه في خلقه شؤون). العقرب تستعمل السم لشل حركة فريستها من الحشرات، ثم تأكلها بسهولة ليس إلا أما الإنسان تصادفه العقرب وهي في رحلة البحث عن غذائها، ومن بين الأصناف الشائعة من العقارب في الجزائر، بوتوس وهكتور الاسترالي القاتل. وتعتبر ولاية أدرار من أكثر المناطق التي تنتشر فيها العقارب نظرا لطبيعة المنطقة وتركيبتها الجيولوجية بالاضافة الى كون المساكن والبنايات بالقصور، تقع وسط بساتين ونخيل، وهو وسط ملائم لتكاثر مثل هذه الحشرات، هذه الظروف المناسبة والجو الأنسب تجعل العقارب تخرج في أسراب لتتجول بكل حرية عبر الشوارع وتلدغ عددا لا بأس به من المارة الأبرياء، بحيث يتم احصاء عشرات الحالات على مستوى مصالح الاستعجالات بالمراكز الصحية والتي يتم إسعافها أوليا ناهيك عن الحالات الاخرى التي لم يلتحق اصحابها بالمصالح المعنية، خاصة وأن أغلب قصور الولاية متناثرة عبر العرق. وقد سجلت مصالح الصحة والسكان لولاية أدرار سنة 1998 أربعة آلاف وثلاثمائة وخمسة وتسعين (4395) تسمما خلف خمس (5) وفيات، وارتفع عدد الاصابات سنة 1999 الى خمس آلاف وتسعمائة وأربع وثلاثين (5934) حالة خلفت ست (6) وفيات، لينخفض عدد الاصابات من سنة 2000 التي سجل خلالها أزيد من ثلاثة آلاف واربعمائة (3400) لدغة عقرب وخلفت خمس (5) وفيات، وفي سنة 2001 سجلت المصالح الصحية أربع آلاف وستمائة وسبع وسبعين (4677) لسعة نتجت اثرها عشر (10) حالات وفاة، كما سجلت أربع آلاف وثمانمائة وتسع (4809) حالة للتسمم العقربي تسببت في وفاة شخصين سنة 2003 وفي سنة 2008 تراجع عدد الاصابات الى أقل من ألفي (2000) اصابة فيما لم تسجل أي وفيات. تدابير تقلّص من عدد الإصابات وكشفت ذات المصالح أن عدد الاصابات تراجع خلال السنوات الأخيرة مقارنة بسنوات التسعينيات، نظرا للاجراءات التي اتخذتها السلطات المحلية، والتدابير الخاصة بالوقاية من الاصابات والتقليل منها، وتهيئة المحيط والانارة العمومية فضلا عن حملات التوعية والتحسيس في أوساط المواطنين، بأهمية النظافة واستخدام الوسائل اللازمة أثناء العمل، ورفع الوعي لديهم بالمخاطر القاتلة واخبارهم عن تدابير المنع والاسعافات الأولية، التي يجب اتخاذها في حالة التعرض للسعة العقرب. بالاضافة الى تجنيد كافة المداومات الطبية، وتوفير كميات هائلة من المصل المضاد للتسممات العقربية، غير أن دور الجماعات المحلية وتوعية المواطنين، يبقى الحل الامثل للتقليص نهائيا من هذه الظاهرة التي طالما افتكت الارواح بالمناطق النائية. وعلى الرغم من تراجع عدد التسممات خلال السنوات الاخيرة بفضل اتساع شبكة الانارة العمومية وحملات التوعية والتحسيس، الا أن ولاية أدرار ماتزال ضمن المناطق الاكثر عرضة لظاهرة التسمم على المستوى الوطني، وكانت بعض البلديات بالولاية تبادر خلال السنوات الاخيرة الى تنظيم حملات لجمع العقارب مقابل مبلغ مالي عن كل عقرب في إطار نشاط الاحياء السكنية، وقد أسفرت هذه العملية الهامة عن تحصيل عدد كبير من العقارب ونشر توعية واسعة، لكن هذه السنة لم يعلن بعد عن تنظيم هذه الحملة ونحن نقترب من دخول فصل الصيف. وخلال الايام القليلة الماضية، كشفت وزارة الصحة والسكان، عن برنامج مشترك متعدد القطاعات مع وزارات الداخلية والبناء والتعمير والبيئة والفلاحة الى جانب وزارة الاتصال، قصد وضع آليات واستراتيجيات تحسيسية للوقاية من التسممات العقربية، وذلك من خلال حملات التوعية حول تكاليف وانعكاسات هذه المشكلة على الفضاءات الاجتماعية والاقتصادية. وقد نظم مؤخرا بدار الثقافة والفنون لمدينة أدرار، ملتقى جهوي حول التقليص من التسممات العقربية وكيفية الوقاية منها تحت اشراف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، وبمشاركة اطباء ومختصين من مؤسسات جامعية ومراكز عمومية للصحة العمومية، الملتقى الذي شاركت فيه تسع ولايات خاصة الجنوبية منها وهي بشار، تندوف، النعامة، البيض، غرداية، ورڤلة، بسكرة، الوادي، وأدرار، عرف تقديم محاضرات حول كيفية الوقاية والمكافحة.