هل هي بوادر حرب عالمية ثالثة بالشرق الأوسط؟ العديد من المحللين الاستيراتيجيين و السياسيين يؤكدون أن المنطقة على صفيح ساخن، و أن شرارة الحرب قد تندلع في أي وقت، لاسيما بعد قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بإرسال بوراج و حاملات طائرات مزودة بصواريخ " كروز " و اقترابها من المياه الإقليمية السورية، فما هو السبيل لتجنب ذلك؟ و هل سيبقى حلفاء الرئيس بشار الأسد في المنطقة مكتوفي الأيدي و يتفرجون على هذا التصعيد الأمريكي الخطير؟ كيف سيكون الرد الروسي، الإيراني، الصيني على ذلك؟ و هل سيتدخل حزب الله في سورية، للدفاع عنها مثلما وعد بذلك حسن نصر الله مؤخرا؟ الأكيد أن الاحتمالات ستبقى مفتوحة و أن تصريحات مسؤولي هذه الدول المتحالفة مع دمشق تؤكد قدرتهم على القيام بذلك، بل و استعدادهم للدخول في أتون هذه الحرب لا لشيء سوى لوضع ما سموه "عنجهية الغرب " معتبرين بذلك أن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية على دمشق هو في الأصل إعلان الحرب عليهم جميعا، و أن المساس بالأمن القومي السوري هو مساس و تهديد لأمنهم كذلك... حدة الصراع في منطقة الشرق الأوسط و تصاعدت بشكل كبير، مباشرة بعد حادثة ما يسمى ب " السلاح الكيماوي " التي قيل إن طرفا ما من أطراف النزاع السوري استعمله في الغوطة الشرقية و تحديدا في زملكا بريف دمشق، ففي الوقت الذي نفت فيه الحكومة السورية بالأدلة و البراهين استخدامه من قبل جيشها النظامي ضد مسلحي المعارضة ، أصرّ الغرب و لاسيما فرنسا التي زعمت أن لديها إثباتات تؤكد استخدامه من قبل النظام السوري، و تسببه في قتل المئات من المواطنين الأبرياء...لذا يعتقد بعض المراقبين، أن الدافع وراء إصرار بعض الدول الغربية على اتخاذ قرار توجيه ضربة عسكرية على حكومة دمشق راجع بالأساس إلى عدم تمكن الجيش السوري الحر و حتى مقاتلي ما يعرف ب " جبهة النصرة الإرهابية "، من إسقاط الرئيس بشار الأسد، و من ثمة فإنه، حسب صناع قرار الإدارة الأمريكية، حان الوقت للتدخل عسكريا في سوريا، حتى دون اللجوء إلى مجلس الامن، لتحقيق بعض المكاسب و النقاط الإضافية التي تسمح بتحقيق التوازن العسكري بين قوات الجيش النظامي و المعارضة المسلحة، غير أن الكثير من المحللين الاستيراتيجيين يستبعدون هذا الطرح في الظرف الراهن لعدة أسباب، منها بالأساس أن التهديد باستخدام القوة العسكرية من قبل الدول الغربية يدخل في سياق استعراض أمريكا لقوتها و العمل على استرجاع هيبتها الضائعة و سياساتها المرتبكة حيال ما يجري في مصر، سورية و لبنان، ثانيا سعي الرئيس الأمريكي أوباما الجاد للبحث عن إيجاد توازن في كفة الصراع الدولي، خصوصا بعدما تمكنت روسيا من البروز و بقوة في الكثير من المستجدات العالمية، حتى خيّل للبعض أن بوتين صار اليوم قيصر الإمبراطورية الروسية الجديدة التي يحلم الكثير من الروس، ثالثا أن البيت الأبيض يدرك جيدا أن ضرب دمشق سيكون له تبعات وخيمة على إسرائيل حليفها الأزلي و الاستيراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، لذلك يحذر العديد من القادة العسكريين الأمريكيين، من أن الرئيس بشارالأسد ليس لديه ما يخسر في هذه الحرب و أن إعلانه في السابق عن فتح جبهة الجولان المحتل، للقتال ضد الكيان الصهيوني معناه استعداده لفتح جبهة جديدة في الصراع، قد تؤدي في الأخير إلى حرق إسرائيل و إرجاعها 50 سنة إلى الوراء او ربما أكثر، رابعا أنه لو افترضنا قيام الولاياتالمتحدة بتوجيه ضربة عسكرية على سورية، فإن هذه الأخيرة ضف إليها روسيا، إيران و حتى حزب الله، الذي قال زعيمه نصر الله مؤخرا أنه مستعد شخصيا للقتال هناك لمنع أي محاولة للنيل منها، عازمون على الرد على هذه الحملة التي تستهدف حليفهم في المنطقة، مما قد ينذر باشعال المنطقة كلية و يدخلها في حرب عالمية ثالثة مرعبة و مدمرة، خامسا أن الهدف من هذا التهديد الأمريكي هو العمل على رفع معنويات مسلحي الجيش السوري الحر، الذين فقدوا الأمل كلية في إمكانية إسقاط النظام السوري، و باتت قياداته الميدانية تشتكي من قلة الدعم العسكري الغربي و شحّه بخلاف حكومة دمشق التي أثبتت للعالم أن جيشها منظم و يحمل جنوده عقيدة عسكرية قاعدتها الأولى و الأخيرة الدفاع عن الوطن و الذوذ عن حياضه بالنفس و النفيس، و طرد الإرهاب و دحره من كل شبر من تراب سورية. و من ثمة فإن الاتجاه العام الذي يسود منطقة الشرق الأوسط اليوم، هو أن الحملة العسكرية الواسعة التي يهدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بشنها غير واردة في الظرف الحالي، و أن من يقول إنه ستكون بدلا منها ضربات جوية محدودة على بعض الأراضي السورية، ربما يريد ان يمهّد لتسوية ما قد تسبق انعقاد " مؤتمر جنيف 2 " الذي تميل كفّته لحد الآن لصالح النظام السوري الذي تمكن من تحقيق تقدم عسكري واضح على الميدان، و أن السبيل الوحيد لخلط و خلخلة موازين القوى هناك، لا يكون إلا من خلال هذا العدوان الذي يتم التحضير له من إحدى الدول العربية المجاورة لدمشق و الذي تشارك فيه قيادات 6 دول أجنبية و أخرى عربية حليفة لها. فهل سنعيش فعلا حربا عالمية ثالثة أم لا ؟