* هناك عدة مؤلفات جاهزة للطبع منها.. «الفلسفة والعولمة» و«تندوف في القرن الماضي» تزخر الساحة الفكرية والادبية والتاريحية بتندوف بنماذج وأسماء كثيرة حلقت في سماء الابداع وعانقت الثورة ، وترنمت بشذى المعرفة ، حتى اصبحت ذات صيت في عالم الفكر والابداع ، وحققت في مسارها الطويل مكانة ضمن النضال والثورة ، فكانت لها علاقات وطيدة مع صناع الفكر تارة ومع المناضلين في صفوف الثورة فذاقت المر وتنقلت من مكان الى مكان بحثا عن العلم ونشرا للمعارف ، وسجلت في سجل البطولات أسماءها بحروف من ذهب وتحملت المشاق والاقامة الجبرية والمعتقلات . تشاء الصدف أن تلتقي مع احدى تلك الرموز خلال هذا الشهر ، وتجري معه هذا الحوار الذي اتسم بالصراحة والبساطة ، وكم كان تحمسه وانبساطه للفكرة ، التي اردنا من خلالها تسليط الضوء على أحد الشخصيات المحلية بتندوف والوطنية في بعدها الانتمائي والوطني العميق ، انه بكل بساطة الاستاذ الفاضل أحمد تواقين ، ولعل الكثير من ساكنة تندوف يجهلون أشياء كثيرة عن الاستاذ الذي يزورهم كلما سنحت له الفرص لذلك للاطلاع على أحوالهم واسترجاع مع كبارهم وشيوخهم ذكريات يقتسم معهم حلوها ومرها . ولعل أول ما تبادر الينا ونحن في لقاء مع ضيفنا وهو يستعد بما سنطرحه عليه من أسئلة تبدو الينا هامة للإطاحة بشخصية صقلتها رمال تندوف وشبت على أريج نخلها وداعبت ابارها وتجولت بين قصورها واثارها ، وبنبرة الواثق مما يقول ، تحدث أحمد تواقين عن طفولته وتعليمه ونشاطه السياسي ، واماله وتطلعاته ، ورؤيته للواقع التنموي الذي آلت اليه بلدته – تندوف – لمن لا يعرف الاستاذ أحمد تواقين ، ماذا تقول ؟ أنا من مواليد تندوف ، بداية الاربعينيات من القرن الماضي ، أي سنة 1942 ، تعلمت في الكتاتيب القرآنية المختلفة بمسقط رأسي. من أهم مدرسيك في تلك الفترة ؟ من هؤلاء أذكر على سبيل الحصر : دحمان ولد الناجم ، مولود ولد لعرب ، سيدي علي ولد الطالب ، محمد العيد في أي فترة كان ذلك ؟ وماذا عن مرحلة الدراسة ؟ كان ذلك في الفترة الممتدة من سنة 1942 الى غاية 1947 ، وبخصوص الدراسة درست بالمدرسة الفرنسية الاولى المعروفة بمدرسة القبة ، وهي مكان بلدية القبة الان ، كان ذلك من سنة 1947 الى غاية 1952 . ألم يولد فيكم هذا التعلم نشاطا نضاليا ما ؟ فعلا ، بالاضافة الى مرحلة الدراسة كنت عضو بالكشافة للحركة الوطنية الاستقلالية المسماة : أم تل د – حركة انتصارالحريات الديمقراطية ، وكنا أنذاك حوالي 16 كشافا من مدينة تندوف من بينهم : الطاهر لحبيب – عطاب عبد القادر- سليماني حمو – صباح بن محمد – عبد الوهاب الطاهر وهو شهيد ، براهيم ولد مولود --- والقائمة طويلة ... وأين يتموقع الاستاذ أحمد ضمن هذه الاسماء ؟ بالنسبة كمجاهد أو مناضل ؟ خلال الفترة من 1956 الى غاية 1962 ، ومع بداية الاستقلال واصلت الدراسة بجامعة الجزائر المركزية ، كما أنني من تلاميذة المدرسة العليا للاساتذة بالقبة القديمة – الجزائر ، كان ذلك من 1964 الى غاية 1968 . وماذا بعد ذلك ؟ طيب ، تحصلت بعد ذلك على دبلوم الدراسات المعمقة – قسم علم النفس التربوي ، حيث درست بثانوية الامير عبد القادر بالجزائر ، وثانوية عائشة ، بعد ذلك انتقلت خلال الفترة 1969 الى 1970 الى مدينة معسكر ، أين التحقت بها كأستاذ في مادة الفلسفة بثانوية معسكر الى غاية 1987 ، ثم أستاذا بجامعة معسكر الى غاية أواسط التسعسينات وتحديدا عام 1995 . أنتم الآن محالون على التقاعد ، هل تغير النشاط الفكري لاحمد؟ منذ احالتي على التقاعد أصبحت أستاذا زائرا في عدة جامعات بالغرب الجزائري ، الى جانب أستاذ محاضر عبر جامعات الوطن في مادة الفلسفة - تاريخ الحركة الوطنية – المقاومات الشعبية من 1830- 1954 ، ثم أصبحت متخصصا في تاريخ الحركات الوطنية المغاربية . نعود الى نشاطكم السياسي من أين البداية ؟ عضو مؤسس لجمعية 08 ماي 1945 الى جانب المرحوم المناضل ، وأول رئيس لمجلس الامة السيد بشير بومعزة ، كنت مسؤولا بالجمعية على مستوى الغرب والجنوب الغربي أيضا لا شك أن ماضيكم النضالي قد عرف صمودا في وجه الاعتقال ؟ ما حكايتكم مع السجون؟ لقد مررت بعدة سجون ومعتقلات من أبرزها : السجن المدني بمعسكر - معتقل أفلو من 1956/ 1957 - اضافة الى معتقل أركول بوهران – وهو يسمى الان ببير الجير ، كان ذلك سنة 1957 – وكذا معتقل بوسوي ( الضاية ) بولاية سيدي بعلباس ، ومعتقل سيدي معروف ، المسمى سيدي الشحمي سابقا ، ومعتقل – كان دو ماريشال ، وهي منطقة تادمايت بالقبائل اليوم ، الى جانب معتقل بول قزال ، بالجلفة ، عين وسارة اليوم بماذا اتصفت تلك الفترة ؟ تعتبر هذه الفترة من أهم الفترات العصيبة التي عشتها ، وأعتبر نفسي فضلا عن كل ذلك خريج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تحت راية جبهة التحرير الوطني بالمعتقلات هل يتذكر الاستاذ أحمد بعض اساتذته أنذاك ، ممن تلقى عليهم المعرفة بالسجون؟ نعم أتذكر الكثير منهم ، ك: أحمد سحنون – الشيخ عبد القادر الباجوري – الشيخ سعيد الصالحي – محمد الشبوكي – الشيخ الطاهر الاطرش – الشياخ أسماعيل – الشيح قادة الشاذلي – الشيح محمد المجاجي – عمار الشكيري --- القائمة طويلة . ماذا كان يقدم لكم هؤلاء ؟ كان يقوم هؤلاء بتدريس برنامج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تحت لواء جبهة التحرير الوطني وذلك داخل المعتقلات ، للاشارة فالمعتقل أنذاك يتبع الاقامة الجبرية . وكانت فترة الاعتقال 42 شهرا بداية من 1956 الى 1959 ، ولدي كل الوثائق والمعلوماتية المتعلقة بتلك الفترة التي قضيتها بالاقامة الجبرية الى يومنا هذا . يعود احمد الى مسقط رأسه من حين الى اخر ، كيف يجد تندوف ؟ على مستوى النمو والمؤسسات والهياكل الادارية والمعاهد ، ومؤسسات تسهيل حياة المواطنين ، لاحظت ثمة وتيرة رأيتها عيانا ، تنمو بكيفية مدروسة ومتمشية مع ساكنة تندوف ، لكن عندما زرت منذ 10 شهور القطب الثقافي – أعني المركز الجامعي – تيقنت على أن الدينار الجزائري الذي يدفع من أجل تثبيت ثقافة الناشئة الجزائرية هنا بتندوف سيكون له المردود المرجو في سبيل تطوير هذه الولاية التي هي اخر ما تغرب عنه الشمس ، ومن ثمة فإن دفع الشهيد دمه فداءا للوطن . ماذا تقول لطلبة المركز الجامعي بتندوف بعد أن زرتهم ؟ على طلبة – المدارس والمتوسطات والثانويات خاصة المركز الجامعي أن يدفعوا ضريبة التكوين العلمي حتى يصبح المواطن الجزائري يشعربما تبذله الدولة في سبيل أن تتبوأ الجزائر مكانتها المرموقة بين الامم علما وحضارة . بعد فترة التقاعد ماذا سيقدم الاستاذ من المعارف للمركز الجامعي وللأجيال المعاصرة ؟ لقد تحدثت مع الدكتور تهامي عبد الحميد مدير المركز الجامعي بتندوف منذ 10 شهور تقريبا – وأكدت له استعدادي في أن أسهم – قدر المستطاع وحسب تخصصي ، وبما ما يمكن أن أقدمه في ميدان المعرفة الانسانية – فلسفة – أدبا – ولاسيما تاريخ المنطقة ، الى جانب مساهماتي عندما ينظم المركز ملتقياته العلمية والفكرية . بماذا يشعر الاستاذ أحمد عندما تحط قماه أرض تندوف ؟ شىء عظيم – الشعور- أولا ، إحساسي بالقيام بصلة الرحم والتعرف على أحوال ساكنة تندوف على اختلاف شرائحهم – ثم أنني وأنا أتجول عبر شوارع وخياء المدينة الجديدة – حي النهضة ، حي المستقبل – تندوف لطفي – وحي النصر ، أحس بأن رجالا شبابا وكهولا وراء اصلاحات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ، لكن عندما يأتي وقت السحر ووقت السمر أتذكر أنشطة المسجد العتيق وزاوية بلعمش وزاوية أهل العبد ، وما كانت عليه ساكنة تندوف في حياة القوافل والرحل ، والاسواق السنوية – قديما – بحيث أتذكر حياتي الطفولية من كتاب الى كتاب ومن نخلة الى نخلة ومن بئر الى بئر . ماذا يولد فيك هذا الكم الهائل من الذكريات ؟ أشعر بتلك اللحمة والتضامن المجتمعي – رغم شظف العيش الذي كان يجمع سكان تندوف دون استثناء ، وإنه لشعور نابع من طفولة تنزل في التاريخ الى 60 سنة من الزمان ، لذا ، فان حنين الى تندوف يراودني رغم كبر السن ورغم الغربة والبعاد والمسافات الطوال ، لكي أعود الى مسقط رأسي لآعب العبة الكبرى . وأنهل من عواطف هذه المدينة المباركة حتى تصبح العودة وقودا يشجعني على مواصلة الحياة . لاشك أن هذا المسار الطويل مشجع على معرفة برنامج الاستاذ أحمد المستقبلي ؟ طبعا ، لدي أجندة مليئة بالبرامج والطموحات في حقل المعرفة والفكر منها على سبيل الحصر تحضير مداخلة بدار الثقافة بولاية معسكر حول موضوع : تفكير مع اقبال – الجانب الاجتماعي – بالاضافة الى تقديم سلسلة من المحاضرات تتناول جملة من القضايا الفكرية منها نشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالمعتقلات السياسية بالتنسيق مع الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الى جانب ثلة من أعضاء الجمعية الافاضل ، وذلك في عدة ولايات ، الى جانب برنامج اخر حول دور الحركة الوطنية الاستقلالية وذلك بجامعة سيدي بلعباس ، ومحاضرة تتناول أحداث مجازر 08 ماي 1945 بجامعة الامير عبد القادر بقنسطينة ، كل تلك الانشطة ستكون خلال السنة المقبلة 2014 بحول الله تعالى. لاشك أن للاستاذ أحمد مشاريع اصدارات ومؤلفات في طريقها للطبع ؟ صحيح ، لدي افاق مستقبلية لطبع مجموعة من الاعمال منها ( عادات وتقاليد منطقة تندوف في القرن الماضي ) بالاضافة الى التحول الذهني من التبدي الى التنمية – التحضر – وذلك بمنطقة تندوف أيضا ، وعلى مستوى مجالات التربية هناك مشروع تأليف كتاب حول تدريس الفلسفة والعولمة . كلمة أخيرة ؟ بداية أشكر جريدة الجمهورية على اتاحتها لي هذ الفرصة والحيز ضمن صفحاتها اللامعة لاكشف عن بعض الامور التي يجهلها الكثير من أبناء جلدتي ، كما أتوجه بالشكر والتقدير للسيد زرقون سليمان والي تندوف الذي تكرم بإستقبالي وما أسبغه من أريحية وحسن الاصغاء ، كما أشكر كل مساعديه وتحية الى كل ساكنة تندوف ومزيدا من النمو والازدهار والرقي.