* الأوضاع الأمنية تمنع الوفد الجزائري من الذهاب الى معبر رفح " تحيا الجزائر"... " تحيا فلسطين" ... " تحيا مصر" بهذه الشعارات سلّم وفد الهلال الاحمر الجزائري المساعدات للهلال الاحمر الفلسطيني برعاية مصريّة، ... 10 شاحنات آخرها تحمل العلم الجزائري محمّلة ب 75 طن من الأدوية والعتاد الطبي غادرت، أمس، مطار الاسماعيليّة العسكري متّجهة نحو غزّة، حيث سيضطر الوفد المرافق للمساعدات ومكوّن من عضو ومتطوّع من الهلال الأحمر المصري سائق وكذا 3 ممثلين من سفارة الجزائر بمصر، سيضطرون لقضاء الليلة بالعريش بسبب حضر التجوّل المفروض بالمنطقة ابتداءا من الساعة الرابعة مساءا بالنظر للوضع الأمني غير مستقر، لينطلق الوفد صباحا لغزّة. كانت الساعة تشير إلى تمام الساعة السادسة مساءا بتوقيت الجزائر والسابعة بتوقيت مصر عندما حطّت طائرة الخطوط الجويّة الجزائرية بمطار القاهرة الدولي بعد حوالي أربع ساعات من الطيران، حيث فضّل قائد الطائرة المرور عبر مالطا بدلا من سماء ليبيا لأسباب أمنيّة، حسب ما أعلمنا به مصدر من طاقم الطيران، وكان في استقبال الوفد أعضاء من سفارة الجزائر بمصر، ليبلّغنا الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري، فيما بعد أن سعادة السفير كان في الاسماعليّة لانهاء آخر الرتوشات والاجراءات والتحضير لوصول الثلاث طائرات العسكريّة محمّلة بالمساعدات الجزائريّة لغزّة. * أكثر من 3 ساعات داخل المطار و"الشويش" مصرّ رغم وصولنا إلى المطار، إلا ان خروجنا منه لم يكن سهلا ويسيرا لأسباب لم يهضمها أعضاء الوفد بسبب تأخّر وصول الموافقة الأمنيّة من الخارجيّة المصريّة والهلال الأحمر المصري، رغم علم كلا الهيئتين بتفاصيل المهمّة وعدد الفوج الجزائري وتسليم رئيس الوفد التصريح بالدخول الذي تحصّل عليه من سفارة مصر بالجزائر، إلا ان المكلّف بأمن الحدود بالمطار كان يقول في كل مرّة " ليس لدي معلومات وتفاصيل ولم يصلنا أي شيء عن مهمّة الهلال الاحمر الجزائري، اصبروا بعثنا فاكس للخارجيّة وننتظر الرد"، حيث بقي أعضاء الوفد بالمنطقة الحيويّة لشرطة الحدود لمدّة فاقت 3 ساعات تنتظر رد الخارجيّة ... وبين هذا وذاك بقي أعضاء وممثلين سفارة الجزائربالقاهرة على قدم وساق لإنهاء الاجراءات ... ورغم التعب والأرق الذي أتى على أعضاء الوفد إلا أن روح العزيمة التي سادت كانت أقوى من أي "ضغط" داخلي كان أو خارجي تسبّب في عدم دخول الوفد مباشرة بعد وصوله للقاهرة. * قطعة خبز " شعير" لإطفاء جوع الوفد بالمطار وكانت الثلاث ساعات التي انتظرنا فيها كافية وفرصة لاكتشاف والتعرّف أكثر على شخصيات أعضاء الوفد الجزائري، حيث سادت روح التضامن والتنكيت والمرح بين أعضائه، حيث قام الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري ورئيس الوفد بتوزيع قطع من خبز "الشعير" كما يسمى عندنا على أعضاء الوفد واحدا تلوى الآخر في جو أخوي، وهو ما علّق عليه ممثل الاتحاد العام للعمال الجزائريين، قطيش أحمد، بالقول "واش هذا جبتو من طمبوكتو"، ... ، قبل أن يضيف " جماعة أنا معتاد على شغل النقابات دوك نقلبهالهم إضراب هنا واتشوفوا إلى كان مخلاوناش ندّخلوا"، نكت من هنا وهناك قصص طريفة، ...، تعليقات، كلّها ساهمت في تخفيف الضغط الذي فرض على أعضاء الوفد من طرف البوليس والامن المصري الذي كان يراقب كل كبيرة وصغيرة من وراء الزجاج الأسود الذي لم يتسن لنا من خلاله رؤية أي شيء، وكل ما كان يصلنا من جديد يحمله ممثل السفارة الجزائريةبالقاهرة في كل مرّة معبّرا عن أسفه الشديد لما تلقاه الوفد جرّاء الانتظار. * نهر النيل .. برج القاهرة ... محلات مفتوحة ... عاصمة تعيش ليلا لتنزل علينا بشرى خبر بالسماح لنا بالخروج من المطار بعد ضغط كبير مارسه أعضاء السفارة الجزائرية بمصر على أمن الحدود داخل المطار، لنعرف في آخر المطاف أن كل ما كان ينتظره الأمن القومي المصري هو " ىتدخّل" مثلما هو متعامل به في دول العالم الثالث التي ننتمي إليها نحن، ... لنتجه إلى الزمالك عبر جسر عملاق طوله 35 متر المسمى " كبري 26 يونيو" يمكن القول أنه يربط تقريبا المطار بالزمالك للهروب من زحمة الطريق ويمر الجسر عبر أكبر شوارع القاهرة شارع صالح سالم وشارع رمسيس ومنطقة غمرة" التي كانت تضيء بسكانها ومفتوحة على مصراعيها وكذا وفوق نهر النيل الذي بقي وفيا للعائلات ومحلات المدمّس والشاي المصري الأحمر مثلما يتصوّره الجزائريون ويصوّر له عبر مسلسلات وأفلام عبد الحليم حافظ وشادية ... صور كثيرة تخطر على بالك وأنت تعبر شوارع القاهرة، كل شيء مفتوح بما فيها المحلات، كنائس بعدد المساجد الموجودة، محطات الحافلات والأتوبيسات والقطارات ... برج القاهرة يتراءي للناظرين وكأنّه يقول لهم أنا هنا شامخ ولازالت القاهرة بخير، ملصقات عملاقة ومضيئة وغيرها...، صور جملية وأخرى سوداء فيها دمار وسواد على بعض المباني التي بقيت شاهدة على ثورة مرّت من هنا ... سيكتشفها القارئ معنا ان شاء الله عبر صفحات "الجمهورية" في روبورتاج خلال الأيام القليلة المقبلة. ورغم حالة الاكتظاظ الكبيرة التي تعرفها الشوارع والزحمة التي تتراءى للأعين من بعيد بفعل أضواء السيارات المصطفة على طول كل الشوارع، إلا أننا وصلنا في لمح البصر إلى الفندق الذي لم ننم فيه طويلا باعتبار أن موعد الانطلاق في صباح الغد كان على الساعة الخامسة صباحا للذهاب إلى مطار الإسماعيلية الذي يبعد عن الزمالك ب 80 كلم لاستقبال الطائرات العسكريّة وإيصال المعدات الطبية والأدوية إلى مقر السفارة الجزائرية وتسليمها للهلال الأحمر الفلسطيني. على بعد أمتار قليلة من الفندق تتواجد سفارة الجزائربالقاهرة بالزمالك التي كانت تبدوا لنا منطقة "شيك" نوعا ما حسب ما يصوّره الكاميرات المصريّة على الشاشات إلا أنه ورغم تواجد السفارة الجزائرية وغيرها من السفارات بمنطقة الزمالك بالطريق الرئيسية كسفارة الهند واسبانيا والبحرين، إلا أن المرور عبرها تشمئز له القلوب من كثرة النفايات والأوساخ و" الزبالة" ... وهي مناظر تغيب عندنا في الجزائر عندما يتعلّق الأمر بمقر السفارات والقنصليات وإقامات مسؤولي الدبلوماسيين الأجانب سواء كانوا عرب أو غيرهم... * عمليّة شحن المعدات بمصر تغضب أعضاء الوفد الجزائري توجّهنا بعدها إلى مطار الاسماعليّة العسكري، أين تم استقبالنا من طرف القائد الأعلى للقوات الجويّة حيث أعطى أوامر بتجنيد كل الوسائل والإمكانيات الماديّة والبشريّة لشحن المساعدات في شاحنات، علّق عليها، قائد الوفد الجزائري الأمين العام للهلال الأحمر الجزائري على أنها تغيب فيها المعايير الدولية، حيث وقف دكتور العيادي شخصيا رفقة كل ممثلي الوفد منذ بداية إنزال المساعدات بالمطار العسكري وإعادة شحنها، حيث أبدى غضبه وامتعاضه من طريقة الشحن، واضطر وفد الهلال الأحمر المصري لشحن المعدات بطريقة فوضويّة في عشر شاحنات بعدما هيّئ لها 3 شاحنات فقط بسبب عدم جلب عدد كبير من الشاحنات، بالمقابل وصلت نفس عدد المساعدات إلى المطار العسكري ببوفاريك انطلاقا من قصر المعارض الصنوبر البحري في حولي 16 شاحنة وهو ما يبرز الاهتمام الذي تليه السلطات الجزائرية لمثل هذه العمليات وعلى أعلى مستوى، وفي تبريرها لعدم وجود الشاحنات بكميّة كبيرة أرجعت ممثلة الوفد المصري السبب " لسوء حساب"، مؤكدة أن المعدات غالبا ما تكون غذائية أو ألبسة وأفرشة في هذه الحالة توضع الشّحنات والطرود واحدة فوق الأخرى دون المساس بالمعدات ولكن لكون المساعدات عبارة عن معدات طبية فهذا يستلزم شروط للشحن. وصلت، الطائرات العسكريّة تباعا وحطّت بمطار الاسماعليّة على الساعة 9.10، والثانية 9.25 والثالثة على الساعة 9.35، بطائرتين من نوع "هيليوشين 76" وطائرة من نوع "هيركول س 130"، وما إن حطّت على أرضيّة المطار حتى هبّ الوفد الجزائري وأعضاء السفارة لاستقبال المساعدات، ليختلط "الحابل بالنابل" حيث اختلط " العسكري بالمدني" بالمطار وبعد الوقوف عند المعدّات ومرافقتها لغاية شحنها في الشاحنات، كان الوفد في كل مرّة يلح على سفير الجزائربالقاهرة من جهة وعلى مسؤول الامن المصري بالاسماعليّة للسماح للوفد الجزائري بالوصول إلى معبر رفح وإيصال المساعدات إلى غاية الديار. ورغم درجة الحرارة المرتفعة جدا باعتبار محافظة الاسماعلية تتواجد بمنطقة صحراوية، إلا أن الوفد الجزائري والسفير نذير العرباوي وممثلي السفارة وقفوا على قدم وساق بالمحطة طول مدّة تفريع وشحن المساعدات والتي فاقت الثمانية ساعات تحت أشعّة الشمس المحرقة، إلا أن الوفد لم يغادر المحطّة حتى خروج الشاحنات محمّلة بالمساعدات متّجهة نحو غزّة... لغاية كتابة هذه الاسطر لم يتقرّر أي شيء بعد حول إمكانية دخول الوفد الجزائري إلى قطاع غزّة، ولكن الشيء الأكيد هو إصرار أعضاء الوفد من ممثلين للهلال الاحمر الجزائري واتحاد العام للعمال الجزائري واتحاد التجار وصحفيين وطلبة على الدخول لتتم العمليّة بشكل كامل وهذا ما ستسفر عليه الساعات القليلة القادمة.