تنقلنا إلى معتقل مهدية جنوب ولاية تيارت، الصمت يخيم بداخله وينتابك شعور بالخوف 'يروي عبر غرفه ما اقترفه الجيش الفرنسي في حق الجزائريين من التعذيب والتنكيل بأجسادهم ، فمعتقل مهدية بني في عام 1955 'سنة بعد اندلاع الثورة المظفرة وكانت مهمته تحويل الجزائريين المشتبه فيهم و المجاهدين من مناطق عديدة بالجهة الغربية لاستنطاقهم وبشتى الوسائل فمعتقل مهدية كان اكبر مركز للاستنطاق والتعذيب بالجهة الغربية من الوطن . وكان يشرف على المعتقل ضباط فرنسيون مختصون يعرفون بالجلادين وكان أغلبيتهم من القوات الخاصة معاملتهم قاسية و تنعدم الرحمة في قلوبهم المليئة بالحقد و يستعملون كل الوسائل التي لا يتصورها عقل و لا يتقبلها منطق مارسها أفراد الجيش الفرنسي فبمجرد الاشتباه في شخص يحوّل إلى المعتقل وتبدأ رحلة التعذيب بعد أن يزج به داخل مغارات مجهزة خصيصا لذلك فهي مظلمة وباردة ويجرد من ملابسه في الليلة الأولى لينتظر دوره داخل المغارة ويحين موعد التعذيب وفي ساعة متأخرة من الليل يجر كالشاة خارج المغارة ويتقدم نحوه الجلاد يحمل عصا حديدية ويبدأ بضربه بكل قوة حتى تكسر عظامه ثم يجر مرة أخرى إلى خيمة داخلها معدات التعذيب "الكهرباء و الماء" دون أن يتحدث معه الجلاد وبعد ساعات طويلة ينقل منهار القوى إلى خيمة المعتقلين ويكتفي بشربة ماء وحساء بارد ليأتي دور آخر وهكذا دواليك طيلة أشهر مظلمة لا تسمع فيها إلا الصراخ والعويل وما أشار إليه مجموعة من المجاهدين التقيناهم أنه كانوا يمشون حفاة الأقدام و لا يسمح بالسير داخل المعتقل . ثم يأتي الجلاد و يحوّل المعتقلين إلى غرفة أخرى تدعى بالمغارة و يبدأ التعذيب كما أكد لنا المجاهدون أن العديد منهم قد استشهد تحت التعذيب فمعتقل مهدية كان في البداية يضم 100 جزائري ليرتفع العدد إلى 1303 معتقل. فالعسكر الفرنسي كان دون رحمة في حق شعب أعزل وذكر أحد المجاهدين أن معتقل مهدية ضم العديد من المجاهدين ممن حاولوا أن يقدموا يد المساعدة للثورة الجزائرية من ولايات الغرب وأضاف محدثنا أن اغلبنا قضى شهورا طويلة يصارع الموت والجوع ولا ينسى أن بعض المعتقلين نهشت أجسادهم الكلاب المدربة التي كانت تطلق عليهم وأنت تشاهد الضباط الفرنسيين يهزؤون ويسخرون لساعات طويلة ويكافئون الكلاب باللحم ثم ترمى جثة الشهيد بعيدا ****5مليار سنتيم للحفاظ على طابعه التاريخي قررت وزارة المجاهدين منح غلاف مالي قدر ب 5 مليار سنتيم لإعادة الاعتبار لهذا المعلم التاريخي والشاهد على بشاعة الاستعمار الفرنسي مع اختيار مكتب دراسات مختص لإعداد دراسة تحافظ على طابعه التاريخي الذي سيشهد على مر العصور ما قامت به الجيوش الفرنسية والقوات الخاصة من جرائم في حق الإنسانية وعبرة للأجيال الصاعدة لما قدمه المجاهدون من تضحيات من أجل الجزائر المستقلة وإن كان ذلك الثمن غاليا بالنفس والنفيس