شواهد راسخة على فظاعة الاستعمار الفرنسي انطلقت صبيحة أمس فعاليات الملتقى الوطني حول مراكز التعذيب و المعتقلات بالولاية الخامسة التاريخية بالمركب التاريخي للولاية الخامسة بمنطقة لالة ستي بتلمسان ، المنظم بالتعاون بين جريدة "الجمهورية" ووزارة المجاهدين و بالتنسيق مع ولاية تلمسان ، تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية. و كان وزير المجاهدين الطيب زيتوني ، الذي أنهى زيارة عمل بتلمسان ، قد ألقى الكلمة الافتتاحية للملتقى ، بعدما أشرف قبلها على تسمية المركب الرياضي للالة ستي لألعاب القوى و الجمباز باسم المجاهد وهراني أحمد المدعو سي لخضر. و استهل وزير المجاهدين كلمته بنقل تحية رئيس الجمهورية للمشاركين في الملتقى ، وذكّر بفظاعة مراكز التعذيب و المعتقلات و المحتشدات و المطامر المنتشرة بكثرة في الولاية الخامسة على غرار مراكز الشاطو و أبغاون و بوسوي و جنين بورزق و شابر و ملاكو و سيدي علي ومراكز أخرى بمعسكر و سعيدة و البيض و بن خليل و مغنية و مكاتب "لاساس" و الأسلاك و الألغام التي لا زالت تتسبب في إزهاق المئات من الأرواح إلى يومنا هذا على الشريط الحدودي. و شدد الوزير خلال كلمته على أهمية جيل نوفمبر "الذي سيبقى خالدا خلود الأمة" ، مضيفا أنه حيثما نزل إلا و أدرك أن "جيل نوفمبر حاضر دائما ". و اختتم الطيب زيتوني كلمته باستذكار رموز المنطقة على غرار لطفي و بن بلة ، كما استذكر أهم أحداث المنطقة كمعركة فلاوسن و عصفور و بوسدرة و بلكسكاس و غيرها. وألقى المدير العام لجريدة "الجمهورية" السيد بوزيان بن عاشور كلمة ترحيبية ركز فيها على ضرورة حماية الذاكرة التاريخية للثورة الجزائرية التي قال أنها لم تبح بجميع أسرارها ... * الحفاظ على رموز المنطقة ومن جهته أبرز والي تلمسان السيد ساسي عبد الحفيظ في كلمته الدور الريادي للولاية الخامسة التاريخية في الثورة التحريرية وأكد استعداد الولاية على المساهمة في حماية الشواهد التاريخية التي تزخر بها المنطقة والحفاظ على رموزها , أما الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين لتلمسان السيد بن علي عمر فقد وضع الحضور في شساعة الولاية الخامسة التاريخية التي كانت تشمل تقريبا نصف الوطن (24 ولاية ) . ودعما لهذه الشهادات تابع الحضور شريطا وثائقيا بعنوان "نماذج و أساليب... في حرب إبادة" من إعداد المتحف الجهوي للمجاهد بتلمسان , نقل بالصوت والصورة فظاعة وبشاعة التعذيب الممارس من طرف جلادي الاستعمار ضد الجزائريين بالمعتقلات ومراكز التعذيب التي أقيمت على كامل تراب الولاية الخامسة التاريخية . وألقى الدكتور محمد شاطو من جامعة معسكر محاضرة تحت عنوان "المعتقلات ودور المعتقلين في الولاية الخامسة التاريخية" استعرض فيه النتائج التي خلفتها الثورة بالولاية الخامسة عندما بدأ عدد الفارين من الجيش الفرنسي يرتفع من عام إلى آخر ليصل سنة 1959 إلى 992 جندي ، فيما أخذ عدد المعتقلين الجزائريين في الانخفاض. و أضاف الأستاذ شاطو أن عدد كبير من المعتقلات و الضحايا يبقى غير معروف مستندا في ذلك إلى وثائق أرشيفية جلبها من مراكز الأرشيف بسان فلوفنس بمارساي ... وأبرزت الدكتورة مليكة القورصو في مداخلتها "التعذيب في الجزائر ,في محور النقاش " شهادات الجندي الفرنسي جون مولار الذي رفض أساليب وطرق التعذيب التي كانت تمارسها فرنسا ضد الجزائريين ، وكان يدون ذلك في رسائل إلى عائلته نشرها أخاه في المجلة الفرنسية "شهادات فرنسية " اعتمدتها الدكتورة القورصو كوثائق إثبات في كتابها الذي حمل نفس العنوان , الصادر في 2012 . * شخصيات ناهضت المستعمر كما تم استذكار بعض الشخصيات الفرنسية المناهضة للإستعمار كأندري موندوز الذي كان ناطقا رسميا للحركة المناهضة للإستعمار و الذي عين بعد الإستقلال أول مدير لجامعة الجزائر ، بالإضافة إلى روبار بارا و هو أول صحفي فرنسي التقى عبان رمضان و ذهب إلى الجبل لملاقاة المجاهدين و أجرى روبورتاجا معهم ليكون بذلك أول مقال ينشر في الصحافة الفرنسية و يعرف بالأفلان. و يضاف إليهما أرفي بورج الذي طلب منه بن بلة بعد الإستقلال أن يكون مستشارا . ثم جاء دور المجاهدين ليدل بشهاداتهم الحية حول بشاعة التعذيب الذي مورس ضدهم وكشفوا عن الشجاعة التي كان يتميز بها الثوار الذين كانوا يرددون عبارة "تحيا الجزائر" حتى و هم يصارعون الموت. وذكروا بالحصار الذي فرضه المستعمر على الثورة بالولاية الخامسة ، عندما تم تفخيخ الحدود الغربية من مرسى بن مهيدي إلى بشار على طول 750 كيلومتر. و تتواصل اليوم فعاليات الملتقى على منوال اليوم الأول بشق أكاديمي يثريه الباحثون بدراسات وأبحاث إضافية حول الموضوع وبجانب خاص بالشهادات الحية للمجاهدين وقادة الولاية الخامسة التاريخية , على أن تتوج التظاهرة بتوصيات من شانها البحث في هذا الموضوع وحماية المواقع الأثرية لمراكز التعذيب والمعتقلات ...