اشتهرت الروائية الجزائرية الكبيرة آسيا جبار "فاطمة الزهراء ايمالاين"الحاصلة على عضوية الأكاديمية الفرنسية بكتابة الرواية والقصة وغيرها من الفنون الأدبية بلغة موليير واراغون كما اشتهرت بإسهاماتها السينمائية والمسرحية المعتبرة.فاستطاعت ان تكتسب جمهورا عريضا من القراء والمشاهدين على مستوى عالمي وتكاد لا تخلو مكتبة من كتبها الكثيرة والمتنوعة... وقد اخترت في هذه الوقفة المتواضعة رواية من رواياتها وسأتحدث عنها باختصار شديد بعيدا عن التنظيرات الأكاديمية المعقدة..إنها رواية " امرأة بلا قبر" "الصادرة سنة 2002 بدار ( البان ميشال) بفرنسا.. femme sans supulture »،إنها رواية ممتعة ومؤلمة في نفس الوقت تتأرجح أحداثها المثيرة بين الحقيقة والخيال وبين تداعيات الماضي وامتزاجها بالحاضر وتتناول جانبا من حرب التحرير الجزائرية ودور المرأة المجاهدة في هذه الحرب التحريرية بأسلوب تجريبي فني متميز. كتابة آسيا جبار كلها تجعلنا نقرا التاريخ التحرري من خلال الكلمة والحركة والصورة والصوت والترميز الفني مبرزة الجانب الوثائقي للذاكرة الجزائرية الجماعية الممزوجة بالتاريخ. زليخة المرأة الرمز في رواية " امرأة بلا قبر تستهلها الروائية بلقائها في ربيع 1976 بابنة بطلة قصتها " هنية " بمدينة شرشال أو كما تفضل آسيا تسميتها باسمها القديم....Cesaree » ،إنها ابنة زليخة القادمة من الجزائر العاصمة ...نظرت إلي تقول الروائية بنظرة مليئة بالتوهج ذاكرة اسمي وقائلة لي..." كنت انتظر هذه اللحظة وهي تذكرني ببيت والدك الملتصق بجدار بيتنا تذكرت في الحين الاسم زليخة ...زليخة..الوالدة المعروفة بالمجاهدة التي واجهت مصيرها ربيع 1956 ... هنية استدرجتني بلهجتها الدارجة بكلمات تقطر بالأسف والمرارة....نظراتها لم تفارق الجدار الذي يفصل البيتين...هنية تدرس في الجزائر في مؤسسة تعليم ثانوي وتبلغ من العمر 28 سنة...قالت عندما قتلت كان عمري 12 سنة.... تواصل اسيا...منذ سنتين أنهيت الفيلم الذي أهديته لزليخة بطلة قصتي زليخة بعنفوانها وشبابها وأزواجها وأطفالها وصعودها إلى مناطق الكفاح التحرري والتهديدات التي تعرضت لها عند عودتها الى مدينتها" شرشال" للاشراف على جمع الأدوية وحتى الأسلحة للمجاهدين. كانت حياة زليخة حافلة بجلائل الأعمال قبل أن تحل لحظة المأساة لتوقف زليخة في قلب غابة محاصرة من طرف جنود الفرنسيين....لم تفقد البطلة الجزائرية عزيمتها وقوتها بل ظلت تتحدى هؤلاء فبكاها المجاهدون بينما قادها " الحركة" المتواطؤون مع الاستعمار إلى الطائرة المروحية إلى الأبد ولم يرها احد بعد اختفائها وبقيت بلا قبر....زليخة تقول الكاتبة ظلت حية في قلبي تتحرك حاضرة بقوة في ازقة وزوايا واسطح شرشال لا تفارق مخيلتها.