شيّعت أمس إلى مثواها الأخير آسيا جبار ترقد إلى جانب والدها بشرشال ووري أمس الثرى جثمان الكاتبة الراحلة آسيا جبار، بمقبرة بلدية شرشال بولاية تيبازة، بحضور أفراد عائلتها ووزير الاتصال حميد قرين وشخصيات سياسية ومثقفين وفنانين و مواطنين من مسقط رأسها. رقدت فاطمة الزهراء إملحاين وهو الاسم الحقيقي للراحلة قرب والدها بمدينة شرشال مسقط رأسها تحت زغاريد عدد من النساء اللواتي فضلن الحضور الى المقبرة لتوديع من يعتبرنها أحسن ممثله ومدافعة عنهن، وهن جميعا تقريبا من نفس سنّ آسيا، وقد شيّع جثمان الراحلة إلى مثواه الأخير صباحا وفي جنازة رسمية أشرفت على تنظيمها السلطات المحلية لبلدية شرشال بحضور رئيس الدائرة ورئيس البلدية. وقد أديت صلاة الجنازة على الجثمان في ساحة المقبرة الجديدة لبرج النابوط بمدينة شرشال تحت تساقط زخات من المطر اعتبرها الحضور خيرا جاء رفقة الراحلة، ولوحظ بين الحضور فضلا عن وزير الاتصال حميد قرين رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، و بوعلام بن حمودة، كمال بوشامة عز الدين ميهوبي محمد صاري وعدد معتبر من نساء ورجال الثقافة والأدب والفن والإعلام. دفنت آسيا جبار في تراب مدينة شرشال الساحرة، تحت أنظار والدتها التي حضرت إلى المقبرة وهي تبلغ من العمر قرنا وسنة واحدة، وكانت هذه المرأة ماسكة أحزانها إلى درجة لا توصف رغم تهافت المعزين عليها وهي جالسة فوق كرسي في الخيمة الصغيرة التي نصبتها الحماية المدنية في ساحة المقبرة خصيصا لاستقبال المشيعين. وكان جثمان الراحلة آسيا جبار قد وصل بعد ظهر أول أمس الخميس، إلى مطار هواري بومدين حيث كانت في استقباله وزيرة الثقافة نادية لعبيدي ورئيس الحكومة الأسبق رضا مالك وعدد من المسؤولين ورجال الثقافة، وتم نقل الجثمان إلى قصر الثقافة، حيث ألقت عليه جموع من المثقفين والسياسيين النظرة الأخيرة، وقد أطلقت نسوة كن هناك الزغاريد عند دخول الجثمان إلى قصر الثقافة، بينما امتلأت القاعة بالعشرات من المثقفين ورجال السياسة على غرار الكاتبة والوزيرة السابقة زهور ونيسي، و الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وأدباء وكتاب وفنانين وشخصيات سياسية وكان العنصر النسوي من سنّ آسيا جبار هو الغالب بين الحضور. وقرأ الشاعر ابراهيم صديقي، تأبينيه في حق الراحلة نيابة عن وزيرة الثقافة، عاد فيها إلى مسار هذه المرأة الجزائرية التي اختارت أوجاع الكتابة لتكون منهجا ومسلكا لها في هذه الحياة، فقال أنه برحيلها يتضاءل نجم ساطع في سماء الفكر والأدب لكن شعاعه سيبقى ينير على الأجيال القادمة، وتساءل لماذا حرمت هذه الكاتبة الفذة من جائزة نوبل؟ وبعدها تمت قراءة مجموعة من أشعار آسيا جبار على الحضور، قبل أن ينقل الجثمان مساء إلى شرشال حيث جرت مراسيم الدفن بعد ذلك بيوم. قالوا عن الراحلة خولة طالب الابراهيمي: آسيا كتبت للجزائر وللجزائريين كل كتاب لآسيا له قصته في تكوين خولة المواطنة، لا يوجد مؤلف لآسيا إلا وله صدى في عقلي ووجداني، ويأتي على رأس مؤلفاتها هذه رواية» بعيدا عن المدينة» وكذا « امرأة دون قبر» وهي رواية عن مجاهدة وبطلة لحرب التحرير، femme sans sépulture » آسيا جبار وهي تواصل بحثها الحفري في تاريخ الجزائر التقت هذه الشخصية وكتبت لها رواية تخلدها فيها. روايتها الأخيرة « لا مكان في منزل أبي» كل جزائرية فقدت والدها مثلي تعيش ما كتبت آسيا عن والدها، نحن جميعا ندين لها، وكجزائريات على وجه الخصوص ندين لها كثيرا.. آسيا كتبت للجزائر وللجزائريين، ووجودنا اليوم فيه حزن لكن فيه نوع من الاعتزاز والافتخار بآسيا التي مثلتنا أحسن تمثيل. محمد صاري: هي منارة الأدب الجزائري هي منارة الأدب الجزائري لماذا؟ لأنه في شرشال لدينا تقليد المنارة في المناسبات نسبة إلى منارة سيدي علي الفركي بميناء شرشال. هذه الوفاة وككل وفاة لكاتب هي الميلاد الثانية لكل كاتب، لأنه لما يتوفى تتحول الأنظار إلى شخصه و مواقفه وتسلط الأضواء على كتبه، وأنا أخذت التجربة من محمد ديب، وترجمت مؤلفاته إلى العربية، وما ترجم بعد وفاته أكبر بكثير مما ترجم له وهو على قيد الحياة. أتمنى أن تحظى الراحلة بمكانة كبيرة لدى قرائها جميعا ولدى القراء باللغة العربية على وجه أخص و أقصد بذلك ترجمة مؤلفاتها، ووزيرة الثقافة وعدت بترجمة أعمالها. عز الدين ميهوبي: على وزارة الثقافة شراء حقوق أعمالها وترجمتها إلى العربية خسارة على مستويين، لأنها رحلت ككاتبة وكمثقفة ومبدعة وكأيقونة في الثقافة الجزائرية وقد تركت بصمتةكبيرة في أعمالها المتميزة، أما الخسارة الثانية هي أن الأجيال الجديدة لم تعرف آسيا جبار عن قرب ولم تقرأ أعمالها وهي من الرهانات التي على وزارة الثقافة رفعها من ناحية شراء حقوق أعمالها وترجمتها إلى العربية. ثم لما اختارت منفاها الإرادي لم تدخل في النقاشات التي عرفتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي سياسيا وثقافيا، وظلت تنأى بنفسها عن هذا الجدل وواصلت كتابة أعمالها الجيدة التي مكنتها من عدة جوائز حتى انتخبت عضو في الأكاديمية الفرنسية، و أقول انتخبت ولم تعين. محمد عدنان
جثمان الفقيد ووري الثرى بمقبرة بولوغين بالعاصمة الرئيس بوتفليقة: روجي حنين رمز الصداقة الجزائرية-الفرنسية نوّه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بخصال الممثل الفرنسي روجي حنين الذي وافته المنية الأربعاء الماضي بباريس، عن عمر يناهز 89 سنة، معتبرا إياه بمثابة رمز للصداقة بين الشعبين الجزائري والفرنسي. وقال رئيس الجمهورية في برقية تعزية بعث بها الى أسرة الفقيد «تلقيت ببالغ التأثر وعميق الأسى نبأ وفاة الممثل الفرنسي الكبير روجي حنين الذي نذر كل حياته للثقافة وتبوأ مكانة بارزة في عالم السينما». وأضاف الرئيس بوتفليقة «إن الشعب الجزائري الذي يشاطر الشعب الفرنسي الصديق مصابه في هذا الظرف الحزين، سيتذكر على الدوام ما كان للفقيد روجي حنين من إسهام مشهود في توطيد أواصر الصداقة بين الشعبين الجزائري والفرنسي». وأشاد رئيس الجمهورية بمسار الفقيد الذي «استطاع، من موقعه روائيا وممثلا وسينمائيا ومخرجا، أن يثري، من خلال أعماله ورهافة حسه وبصمته الشخصية، الثقافة العالمية ويوثق العلاقات بين بلاده فرنساوالجزائر، البلد حيث ولد»، معتبرا «رغبته في أن يدفن بالأرض حيث ولد، شهادة على الاحترام الذي كان يكنّه على الدوام للشعب الجزائري ولتاريخه». وتابع الرئيس بوتفليقة «فالجزائر تتشرف باحتضان جثمان هذه القامة البارزة من بين قامات الثقافة الحديثة وسيحظى تشييعه بكل التشريف والاحتفاء بما يقتضيه مقامه ومساره وطيبة روحه». و خلص رئيس الجمهورية إلى القول «دعوني إذن، و نحن نفقد رمز الصداقة بين الشعبين الجزائري والفرنسي هذا، أن أتقدم إليكم بأصدق التعازي ومشاعر المساواة والتعاطف». للإشارة، ووري صباح أمس ا جثمان روجي حنين الثرى بالمقبرة المسيحية ببولوغين، في المربع اليهودي بالجزائر العاصمة، وجرت مراسيم الدفن في إطار محدود. وكان جثمان روجي حنين قد وصل أمس، باكرا إلى مطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة قادما من باريس على متن رحلة عادية منتظمة، بعد أن غيبه الموت بباريس عن عمر يناهز 89 سنة الأربعاء الماضية. وكان في استقبال الجثمان بمطار هواري بومدين الدولي وزيرة الثقافة نادية لعبيدي ووالي العاصمة عبد القادر زوخ ومدير الحماية المدنية مصطفى لهبيري والسفير الفرنسي لدى الجزائر بيرنارايمي، بالاضافة إلى وجوه ثقافية. ورافق جثمان الراحل عدد من أفراد عائلته وسينمائيون وإعلاميون فرنسيون. وكان روجي حنين قد عبر عن تضامنه مع الجزائر في محنتها خلال العشرية السوداء، حيث صرح للصحيفة الفرنسية «لومانيتي» في أفريل 1999 بأن «الجزائر ليست بلد فوضى بل أرض نبيلة لا ترفض الأخوة». بدأ روجي حنين الذي ولد بتاريخ 20 أكتوبر 1925 بباب الواديبالجزائر العاصمة مشواره الفني في السينما في الخمسينات حيث تقمص عدة أدوار في أفلام على غرار «كلنا قتلى» لأندري كايات (1952) و»كوني جميلة واصمتي» لمارك ألغري. و في نفس الفترة دخل الممثل عالم المسرح حيث قدم عدة مسرحيات ليغادره بعد 50 سنة من العمل الفني وأكثر من 40 مسرحية وجولة فنية. وبعد مشوار سينمائي ثري دام أكثر من 45 سنة توج بأكثر من 80 فيلما تقمص روجي حنين دور الملازم نفارو في التلفزيون سنة 1989 و هو مسلسل بث على التلفزيون لأكثر من 20 سنة.كما كان الممثل مخرجا من خلال إنجازه لست أفلام منها «المحامي» في 1973. وبالإضافة إلى براعته في التمثيل اشتهر روجيه حنين بكتاباته ابتداء من الثمانينات بإصدار عدة مؤلفات. وفي سنة 2000 منحه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وسام الأثير من مصف الإستحقاق الوطني خلال تكريم خصص له بالجزائر العاصمة مسقط رأسه. و صرح روجيه حنين بهذه المناسبة أنه «كان دائما يرفض أن يتقلد الأوسمة» وأن هذا التقليد كان الأول والأخير.