الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    حزب العمال يسجل نقاطا إيجابية    صورة تنصيب ترامب تثير الجدل!    90 مؤسسة في برنامج دزاير لدعم المصدّرين    نحو 23 ألف سائح أجنبي زاروا الجنوب    الجزائر تتحرّك من أجل أطفال غزّة    نشاط قوي للدبلوماسية الجزائرية    حماس: نقترب من التحرير    التأكيد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار والانسحاب الصهيوني الكامل من قطاع غزة    الصليب الأحمر يعلن التحضير لتنفيذ عملية تبادل الأسرى وتكثيف الاستجابة الإنسانية في غزة    شايب: نهدف إلى تحسين خدمة المواطن    أين الإشكال يا سيال ؟    نسيج وجلود: تنظيم المتعاملين في تجمعات وتكتلات لتلبية احتياجات السوق الوطنية    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    الأمم المتحدة تكثف جهودها الإنسانية في غزة مع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار    تجارة: عدم التساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار للحفاظ على استقرار السوق    خدمات الحالة المدنية لوازرة الخارجية كل يوم سبت.. تخفيف الضغط وتحسين الخدمة الموجهة للمواطن    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    التقلبات الجوية عبر ولايات الوطن..تقديم يد المساعدة لأزيد من 200 شخص وإخراج 70 مركبة عالقة    تمديد أجل اكتتاب التصريح النهائي للضريبة الجزافية الوحيدة    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    اليوم الوطني للبلدية: سنة 2025 ستشهد إرساء نظام جديد لتسيير الجماعات المحلية تجسيدا للديمقراطية الحقيقية    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    35 % نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    ربات البيوت ينعشن حرفة صناعة المربى    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    مرموش في السيتي    الرئيس يستقبل ثلاثة سفراء جدد    أمطار وثلوج في 26 ولاية    حزب العمال يسجل العديد من النقاط الايجابية في مشروعي قانوني البلدية والولاية    إحياء الذكرى ال70 لاستشهاد البطل ديدوش مراد    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    بسكرة : تعاونية "أوسكار" الثقافية تحيي الذكرى ال 21 لوفاة الموسيقار الراحل معطي بشير    مجلس الأمن الدولي : الدبلوماسية الجزائرية تنجح في حماية الأصول الليبية المجمدة    تطهير المياه المستعملة: تصفية قرابة 600 مليون متر مكعب من المياه سنويا    سكيكدة: تأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية تخليدا لبطولات رموز الثورة التحريرية المظفرة    تجارة : وضع برنامج استباقي لتجنب أي تذبذب في الأسواق    كأس الكونفدرالية: شباب قسنطينة و اتحاد الجزائر من اجل إنهاء مرحلة المجموعات في الصدارة    الأونروا: 4 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول غزة    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    وزير الاتصال يعزّي في وفاة محمد حاج حمو    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    قتيل وستة جرحى في حادثي مرور خلال يومين    تعيين حكم موزمبيقي لإدارة اللقاء    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    جائزة لجنة التحكيم ل''فرانز فانون" زحزاح    فكر وفنون وعرفان بمن سبقوا، وحضور قارٌّ لغزة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    تسليط الضوء على عمق التراث الجزائري وثراء مكوناته    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية "الأندلس أسفار في الذاكرة"للكاتب لمين بن علو
فكرة التعايش من خلال أدب الرحلات
نشر في الجمهورية يوم 09 - 03 - 2015

يعتبر"أدب الرحلة" أو"أدب الرحلات" من أهم الأجناس الأدبية التي تقترب كثيرا من الحقيقة
والتاريخ،وتساهم إلى حد بعيد في التقريب والتعارف بين الشعوب،فسبحانه عز وجل قال في محكم تنزيله:"الرحمن،علّم القرآن،خلق الإنسان،علّمه البيان"(سورة الرحمن- آية من 1 إلى 4) و"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"( سورة الحجرات-آية 13).ولعل من أهم نعم الله على الإنسان نعمة اللغة والبيان لينتج "أدب الكلمة" ونعمة فطرة حب التعرف إلى الآخر واحترامه بالرغم من الفروقات المختلفة من موطن ولغة و تقاليد ومعتقدات،لتتولد عادة السفر وحب الاطلاع
والاستكشاف و التعارف لدى الناس جميعهم.
من بين الكُتاب الجزائريين المعاصرين المهتمين بهذا اللون الأدبي،الأستاذ لمين بن علو (أستاذ جامعي منذ الثمانينات وعَلَم من أعلام مدينة وهران). لقد جاء كتابه "الأندلس أسفار في الذاكرة" (مارس 2010- دار المرجان-وهران) مُبوّبا في 19 فصلا،يمثل كل واحد من هذه الفصول مدينة التجول والترحال الني يزورها الأصدقاء الثلاثة،وكل فصل يحمل اسم مدينة من جنوب اسبانيا أوما يُسمى "مقاطعة الأندلس"حاليا،بدءً من مدينة "جبل طارق"مروراً ب"الجزيرة الخضراء" و" أركوس دي لا فرونتيرا" و"روندا" و"مالقة" وغيرها من المدن وصولا في آخر المطاف إلى"غرناطة"،و كأن الكاتب يتذكر،يُذَكّر ويختزل في صفحات الكتاب قصة الأندلس منذ الفتح الإسلامي مع طارق بن زياد سنة 711م إلى تاريخ سقوط آخر ملوك الطوائف مملكة بنو الأحمر"غرناطة" سنة 1492. لهذا جاءت "النصوص الموازية" أو"العتبات"-على حسب تعبير جيرار جينيت- وكأنها تلخص تاريخا كاملا وتوحي بحنين أزلي إلى هذه الحضارة التي مازالت شامخة شاهقة إلى يومنا هذا. وقد تعمّد الروائي اختيار أسماء الشخصيات بخلفيات دينية ليمرّر فكرة التعايش والصداقة بين الأديان والجنسيات بطريقة غير مباشرة،ويلمح أساسا إلى التسامح الذي جسّده المسلمون في حضارتهم التي شيدوا صرحها في الأندلس خلال ثمانية قرون وفي كل بلاد فتحوها وأقاموا فيها حضارتهم.
فالرحالة الأصدقاء يحملون أسماء لأنبياء الرسالات السماوية:الإسلام،المسيحية واليهودية. الأول اسمه "محمد"مترجم جزائري،الثاني اسمه "عيسى" اسباني الأصل والثالث اسمه "داوود" اسباني من أصول يهودية.إضافة إلى هذا فإن الكاتب استطاع استنطاق التاريخ البطولي السلمي الذي عرفته الأندلس طيلة حكم المسلمين فيها. فإذا تتبعنا الحركات التّجْوالية للأشخاص وكذا المفردات المستعملة للوصف الزمكاني التاريخي تجلّى لنا حنين الكاتب إلى أندلس أجداده الذي يدفع القارئ-مهما كان انتماؤه- إلى تذكّر واحترام حضارة مازالت أطلالها من قصور و حدائق ومنازل ترثي مُشيديها بصمتٍ و بشموخِ بقائِها الذي يقاوم الزمن وكأنه ينتظر عودة أصحابه بوفاء وأمل. فمثلا نقرأ في الصفحة 12: "كان محمد يحاول تخيل المدينة في القرن الرابع عشر...) و في الصفحة ال17 يتجلّى تعطّش محمد بأن يرافق صديقيه عيسى و داوود للتنزه أكثر لكي يُعرّفهم على الحمّامات العربية في مدينة جبل طارق.
وفي "الجزيرة الخضراء" يستوقفنا احترام الأصدقاء لطقوس وديانة كل واحد منهم في الصفحة ال 24 يفترقان ذات يوم أحد عند مدخل الكنيسة ليذهب عيسى لأداء صلاته وصديقه داوود يرجو منه ألا ينساه هو و محمد من الدعاء. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن الكاتب وُفّق في استعمال أسلوب يناسب نثرية وصف المكان المُزار في إطار رحلة استكشافية وكذا الزمان والتضاريس والمناخ بدقة وتفاصيل وإن تكررت فإنها غير مملة بل مشوقة تجعل القارئ يتحول من مجرد متلقي للكلمات إلى مسافر مع الشخصيات ومرافقهم في تجولهم،كما في هذه الأمثلة:" الأندلس كانت أرضا خصبة للاحتكاك والتبادل الإنساني،الثقافي و الفكري...." (ص 4) ، "حرارة مرتفعة ورطوبة عالية تغطيان كل المدينة"(ص 11)،"السواحل المغربية. ترى المغرب وبتحديد أكثر جهة سبتة وقصر الصغير بالمغرب الأقصى"(ص14)،"توغلوا أكثر داخل القصر أين يوجد المسجد الذي لم يفقد منارته ولا محرابه وبه ساحة للصلاة..." (ص 35)،"هذه المدينة الصغيرة المحفوفة بأشجار الزيتون وبعض حقول القمح..." (ص 151). وموازاة مع هذا السياق تتوالى الأمثلة والحقائق التاريخية عن شعراء مدن الأندلس
وعلمائها وحُكاّمها في فترات قوتها وضعفها وصولا إلى ملوك الطوائف وسقوط غرناطة في يد الأسبان. مما يجعل الروائي –وهو ابن مدينة الباهية البار- يبدو في عمله هذا كأنه داخل نصه،شاهد عيان على صوت تاريخ الأندلس وحاضرها بأسلوب ينمّ عن حنينه المنبثق عبر"أدب رحلة"ربما استطاع أن يضاهي به أسلوب ابن بطوطة لأنه برهن أنه قادر على فتح شهية القارئ لقطع تذكرة سفر خيالية وواقعية إلى المدن الأندلسية المذكورة،بدافع لذة النص المشوق ولهفة الاكتشاف واستنطاق التاريخ الذي لن يُمحى مهما توالت الأزمان والعصور.وفي الأخير،يمكن الجزم بأن أدب الرحلة في وقتنا الحالي جدير بالدراسة
والتحليل والنقد،خاصة ما يتعلق بموضوع "الأندلس"من منظور أدبي وتاريخي معاصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.