احتضن متحف المجاهد بوهران أمس ندوة تاريخية حول المجاهد الشهيد " قطيب محمد "من منطقة عين الصفراء بولاية النعامة،وذلك بحضور ابنه " عبد الله " الذي اعتبر المبادرة خطوة هامة لرد الاعتبار لوالده الذي استشهد مرتين – على حد تعبيره -،فاستشهاده الأول كان بمعركة "مزي"الكبرى عام 1960،والثاني عندما خطفه الموت وهو يحاول نزع الألغام التي زرعتها فرنسا بعين الصفراء عام 1970،حيث قال إن اسم والده لم ينل حقه من الاهتمام و التقدير رغم بطولاته الفذة خلال ثورة التحرير الجزائرية،ما جعل عائلته تعاني من تهميش وإهمال كبيرين لاسيما زوجته المريضة التي لا تزال تعاني في صمت رهيب،ومن جهة آخرى عرف اللقاء الذي نشطه الأستاذ " محبوبي عبد اللطيف" باعتباره المسؤول عن تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين والمجاهدات عبر كامل ولاية وهران مشاركة المجاهد " حفاينة محمد "الذي أثرى الندوة بشهاداته الحية حول الثورة التحريرية المجيدة وأهم المعارك التي خاضها ضد المعمر الغاشم رفقة ثلة من أصدقائه المناضلين ،حيث سرد "الحاج محمد "على مسامع الحضور بطولاته الثورية و مسيرته النضالية بدءا من التحاقه في صفوف جيش التحرير الوطني ،مرورا باعتقاله و تعذيبه إلى غاية إطلاق سراحه في جوان 1962 ،دون أن ننسى بطبيعة الحال الحضور الشرفي لكل من المجاهدة "روميك يمينة " المدعوة ب " البهجة" و" يخو صليحة " المدعوة ب " زوبيدة "وأيضا حفيد الشيخ بوعمامة "عبد القادر". وعلى ضوء النقاش الذي عرفه اللقاء قال الأستاذ والباحث الإعلامي "مرين ابراهيم "إن التحاق المجاهد "محمد قطيب "بالثورة المسلحة بمنطقة العين الصفراء كان عام 1957،ففي البداية كان رئيس فوج ثم قائد فصيلة ليتدرج بعد مسيرة حافلة بالعمل العسكري والشجاعة النادرة في إدارة العمل العسكري والحربي،وقد أكد ذات المتحدث أن اسم "محمد قطيب "ارتبط بأكبر معركة عرفتها المنطقة الثامنة للولاية الخامسة التاريخية و اشتهر فيها بدوره البارز في القيادة و التنظيم،ثم البسالة والصمود الحربي وهي معركة "جبل مزي الكبرى "التي وقعت أحداثها في 6،7 و 8 ماي 1960،حينما كانت ثلاث فيالق لجيش التحرير التي انطلقت من منطقة "سوف "كسر الحدود المغربية في اتجاه الداخل الجزائري لتدعيم قوات جيش التحرير بالداخل ،فكان الفيلق الثاني الذي يقوده المجاهد "حميدي بولنوار" ونائبه المجاهد الفذ "قطيب محمد "يعبر عبر منطقة " جنين بورزق "،فتم تدخل القوات الاستعمارية بجبل مزي " ليصبح المكان تحت الأضواء والرصاص والنار والقصف الشديد . ولأن المعركة كانت حامية الوطيس حسبما أشار إليه الأستاذ "مرين ابراهيم " فقد كان ل " محمد قطيب " الدور الكبير في التنظيم و التسيير الحربي،حيث كانت بداية المعركة لصالح الجيش التحرير الذي نصب كمينا للمستعمر وقضى على أكثر من فصيلة ،وهو ما أغضب الفرنسيين الذين قصفوا دون تمييز ،حينها حاول المجاهد " قطيب "نقل البعض من جيشه إلى مكان اقل قصفا فأصابته رصاصات العدو على مستوى الفم والفك ،فمزقت لسانه وأسقطت أضراسه وفكه الأيسر،فأغمي عليه ليحمله المجاهدون ووضعوه في غار وغطوه بالحلفاء والحطب ظنا منهم بأنه استشهد ،وفي اليوم الثاني - قال " مرين - أعلنت فرنسا عن قتلها له ووزعت منشورات على المجاهدين لتزعزع صمودهم، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فالمجاهد " قطيب" لم يمت ،حيث أنه استفاق بعد ثلاثة أيام من الإغماء ومشى بصعوبة بالغة متجها غربا بحثا عن مراكز جيش التحرير،فوصل إلى منطقة " ايش "بالحدود المغربية "،أين احتضنه المناضل المغربي " بوستة عبد القادر" الذي كان متعاطفا مع الثورة الجزائرية وقام بعلاجه وخياطة لسانه،لكن بعد شفائه رفض المكوث بالمغرب وصمم على العودة للجهاد والثورة ،وشارك في عدة معارك وبعدها أصبح برتبة ضابط إلى غاية الاستقلال،ليواصل حياته العسكرية بصفته ضابطا عضوا في صفوف الجيش الوطني الشعبي ،وانتقل إلى مدينة شرشال ثم المدية، ومستغانم و كرزاز ومدينة بشار،إلى أن تم تسريحه من الخدمة العسكرية فاندمج في العمل المهني ببلدية العين الصفراء إلى أن وافته المنية وهو يحاول نزع الألغام التي خلفها الاستعمار الفرنسي في المنطقة فانفجر لغما أرضيتا أودى بحياته يوم 28 فيفري 1970 .