نظرت محكمة وهران بحي جمال الدين في جلسة أمس في قضية إبرام صفقات مخالفة للتشريع بالمديرية الجهوية لبريد الجزائر وسوء إستعمال الوظيفة التي تمت متابعة فيها جزائيا كل من المنسق الولائي للمديرية الجهوية المحال على التقاعد منذ قرابة شهر فقط إلى جانب رئيس مصلحة الوسائل العامة للمديرية الجهوية لبريد الجزائر الحالي حيث إلتمس في حقهما ممثل الحق العام عقوبة سنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 مليون سنتيم لتترك هيئة المحكمة الملف في المداولة للنطق بالحكم إلى غاية جلسة الحادي عشر (11) نوفمبر القادم. الدعوى العمومية حركها المدير الإقليمي السابق المقال بقرار وزاري ضد إطاري المديرية الجهوية خمسة (5) أيام بعد إقالته أي بتاريخ التاسع (09) من مارس 2008 بعدما كانت برقية الإقالة قد لحقت الإدارة بتاريخ الرابع من نفس الشهر والسنة حسبما أكده دفاع الإطارين في جلسة أمس والذي طالب هيئة المحكمة بإعطائه إشهادا من أجل إيداع شكوى ضد هذا الأخير مفادها التزوير وإنتحال صفة. وبالرجوع إلى محتوى الشكوى التي طرحت في حق الإطارين فقد تمحورت حول إنجاز صفقة بقيمة 10 ملايين دينار أي ما يعادل واحد مليار سنتيم لإعادة تهيئة مركز بريد صايم محمد (سان شارل) وذلك بتعليمة من المديرية العامة لبريد الجزائر لكنها حسبما جاء في شكوى المدير الإقليمي المقال لم تدخل في إطار إجراءات الإعلان عن المناقصة حسبما ينص عليه قانون الصفقات العمومية كونها تجاوزت مبلغ 6 ملايين دينار، كما تضمنت الشكوى بأن مشروع الإنجاز تخللته عدة نقائص كوجود نقاط سوداء من الإسمنت على البلاط الذي تقلع بمجرد الإنتهاء من الأشغال وكذا نقائص على مستوى سطح المكتب البريدي الأمر الذي إستدعى فتح تحقيق قضائي في الملف إنتهى بإستفادة كل من الإطارين ومكتب الدراسات والمقاولة التي أنجزت المشروع من إجراءات إنتقاء وجه الدعوى لتقرر غرفة الإتهام من جديد بإجراء تحقيق ثان بعد إحالة الملف على هيئتها. وفي جلسة أمس أنكر الإطاران المتمثلان في كل من المنسق الولائي للمديرية الجهوية لبريد الجزائر ورئيس مصلحة الوسائل العامة الأفعال المنسوبة إليهما جملة وتفصيلا بدليل وجودهما بمنصبيهما لحد الان ما عدا المنسق الولائي الذي أحيل على التقاعد بعد 40 سنة من العمل، موضحين بأن أشرفا على إنجاز الصفقة وإختيار المقاولة ومكتب الدراسات للقيام بها تنفيذا لتعليمات المديرية العامة التي أمرت من خلال إرسالية لها بإنطلاق مشروع إستثمار وترميم جميع المكاتب البريدية الموزعة عبر الوطن بينهما مركز بريد محمد الصايم (سان شارل) بوهران دون إلزامية إدخال هذا المشروع في إطار الإعلان عن مناقصة، وهو الأمر الذي تم تطبيقه بحضور اللجان المكلفة بفتح الأظرفة والتقييم وكذا الطعن التي إتفقت على قبول الصفقة بقيمة 10 ملايين دينار بعدما تم التفاوض مع مكتب الدراسات وتخفيض المبلغ من 13 مليون الى 10 ملايين دينار جزائري. أما دفاع الإطاران الأستاذ فهيم حاج الحبيب فقد أكد براءة موكليه للخلفيات التي تأسس عليها الملف لوجود خلافات بين المدير الإقليمي المقال محرك الدعوى العمومية والمنسق الولائي للمديرية الجهوية لبريد الجزائر الذي كان يرأسه قبل مجيء الشاكي إلى وهران حيث تمت إقالته يقول الدفاع إثر تورطه في قضية قذف الوالي السابق كما أضاف الدفاع بأنه تفاجأ لمثول موكليه أمام المحكمة في ظل غياب الطرف المدني وعدم وجود ضحية تتقدم بتعويضات عما لحقها من أضرار مادية ومعنوية ليتساءل بذلك الدفاع فإذا كانت المديرية العامة لبريد الجزائر لم تتقدم بأي شكوى ولم تتخذ أي إجراء يقضي بوقف الإطارين عن عملهما، فمن المتضرر إذن هذا وقد تمسك الدفاع في مرافعاته على تقرير الخبير الذي أنجز الخبرة بعد 3 سنوات وأوضح بأن الصفقة تمت بإجراءات قانونية ولا يوجد أي مخالفة للتشريع، طالبا بذلك البراءة التامة في حق موكليه. هذا وقد إستغرقت هيئة المحكمة مدة ثلاث ساعات بين مناقشة القضية والمرافعات والسماع إلى الشهود مما أبرز كل المعلومات الدقيقة التي يحتويها الملف إذ حضر أيضا أربعة شهود على رأسهم المدير الإقليمي المقال الشاكي الذي أكد ما جاء في شكواه موضحا بأنه لم يودع شخصيا الشكوى وإنما المدير الذي خلفه وهو ما نفاه الدفاع الذي أكد بأن هذا الأخير عند سماعه أوضح بأنه لا يعلم عنها أي شيء وإنما المكلفة بالمنازعات ليضيف الشاهد بأنه سجل عدة نقائص على المشروع مما جعله يمتنع عن مخالصة المقاول لاسيما وأنه لم يتم التسليم النهائي للمشروع لحد الآن. بدورها قابضة المركز البريدي الموجود محل نزاع بصفتها شاهدة أوضحت بأن رئيس مصلحة الوسائل العامة أمرها بإمضاء محضر إستلام المشروع رغم النقائص المتمثلة في البلاط المقلع ونقاط السوداء للإسمنت، المهندس جاء بنفس الشهادة حول النقائص الموجودة مؤكدا بأنه لم يتم لحد الآن الإستلام النهائي للمشروع، صاحب المقاولة تعجب عن عدم إتمام عملية المخالصة لحد الآن مطالبا بتسوية حقوقه.