دعم قويّ للإنتاج السّينمائي والدرامي من طرف الدولة السّورية " سُوريّون " آخر أعمالي السّينمائية أكّد المخرج السّوري " باسل الخطيب " المشارك ضمن المنافسة الرسمية للأفلام الرّوائية الطويلة بفيلمه "الأم " أن المشهد السّينمائي بسوريا يشهد حاليا إنتاج أربعة أفلام روائية طويلة رغم ظروف الحرب الصّعبة التي يعيشها البلد بعد أزيد من أربع سنوات ،مشيرا إلى أن جُلّ هذه الأعمال تحاول إيصال رسائل معيّنة إلى الرأي العام العالمي من شأنها إماطة اللثام عن معاناة الشعب السّوري وصموده الأسطوري في وجه الحملة التي تتعرض لها دمشق من خلال ثقافته وقيمه رغم الرّياح العتيّة التي تحاول أن تعصف به، مشيدا في نفس الوقت بالدعم القوي الذي تقدمه الدّولة السّورية للقطاع السّينمائي والدرامي رغم الارتباك الذي تشهده خريطة الحياة العربية، كما تحدث " باسل الخطيب "في الحوار الحصري الذي خص به جريدة الجمهورية عن ثلاثيّته السّينمائية التي جسدها منذ بداية الأزمة السّورية متّخذا من المرأة محوره الأساسي في الطّرح و المعالجة، كاشفا في ذات الصدد أنه يستعد لتقديم فيلمه الجديد " سوريون "بعد شهرين فقط ، إضافة إلى تصريحات أخرى تتابعونها في الحوار التالي : الجمهورية : تشاركون للمرة الثانية في مهرجان وهران السينمائي من خلال فيلمكم الطّويل " الأم " ، هل تتوقّعون تتويج العمل بجائزة الوهر الذهبي ؟ باسل الخطيب : أولا وبعيدا عن كلام المجاملات التي تُقال عادة في مثل هذه المناسبات السينمائية، اسمحوا لي أن أعبّر عن سعادتي واعتزازي بتواجدي للمرة الثّانية بمهرجان وهران للفيلم العربي الذي شاركت فيه قبل عامين بفيلم " مريم " الذي ترك انطباعا جميلا لدى الجمهور الوهراني والعربي، وهاهو اللّقاء يتجدّد اليوم من خلال فيلمي الأخير " الأم " الذي أشارك به في المنافسة الرسمية للمهرجان ، في الحقيقة لا أستطيع أبدا أن أنسى الانطباعات الجيدة التي خرجت بها في الدّورة السابقة والتي شجّعتني أكثر على القدوم للمرة الثّانية لاسيما رغم الظّروف الصعبة التي نعيشها بسوريا، أما فيما يخصّ المنافسة فأنا متفائل جدا من ناحية رد فعل الجمهور لأنه جائزتي الحقيقية . إيصال رسائل للرّأي العام الجمهورية : كيف هو حال السّينما السورية في ظل الظروف الصّعبة التي تعيشونها ؟ باسل الخطيب : حاليا يتم إنتاج أربع أفلام روائية طويلة في سوريا في ظلّ ظروف الحرب التي تعرفونها جميعا، فالأمر لم يعد يقتصر اليوم على تقديم أعمال سينمائية أو درامية من أجل الانتاج فقط، بل نحاول ايصال رسائل معينة إلى الرأي العام العالمي من خلال كل فيلم، فسوريا رغم دخولها الحرب في عامها الخامس وهي حرب برأيي غير مسبوقة في التاريخ من خلال ما يعيشه الشعب السوري من معاناة وألم ، فهي تحاول أن نبقى ثابتة وقوية، وبالتالي فعندما نعرض أعمالا فنية كمخرجين في الخارج فنحن نوجّه بذلك رسالة تقول إنّ شعب سوريا شعب حيّ ومتماسك بثقافته وقيمه ، و السينما هي الوسيلة الوحيدة لمحاربة الإرهاب وترجمة كل ما يحدث في البلد . الجمهورية : هل هناك خطّة لإعادة بعث الإنتاج الفني السوري ؟ باسل الخطيب : بالفعل هناك توجه واضح وقويّ من طرف الدولة السّورية التي تدعم الإنتاج الفني سواء كان دراميا أو سينمائيا حيث تضخّ أموال طائلة في سبيل انجاز أعمال تتحدث بشكل حقيقي عن ما يجري في سوريا، لأنها مقتنعة تماما أنّ وسائل الاتّصال في زمننا هي الأقوى والأكثر تأثيرا وتعبيرا، لذلك لابدّ من دعمها حتى في ظلّ ظروف الحرب التي غالبا ما ينجم عنها اختصار في الميزانيات وشحّ في الموارد المالية . عمل درامي يليق بتاريخ الجزائر الجمهورية : ألا تعتقدون أن المخرج مُطالب أكثر من غيره بإبراز حقيقة ما يجري في بلده ؟ باسل الخطيب : كل مخرج له طريقته وتركيبته الفنية التي من خلالها يوصل الافكار التي يريد التعبير عنها، فبالنسبة لي شخصيا ومنذ بداية الأزمة قرّرت أن أجسد مشروعا سينمائيا مؤلفا من ثلاثة أفلام محوره الرئيسي هو المرأة السورية في زمن الحرب ، فبدأت بفيلم " مريم " ثم " الأم " المشارك ضمن المنافسة الرسمية في مهرجان وهران، واختتمت هذه الثلاثية بفيلم "سوريون "الذي سيكون جاهزا للعرض بعد شهرين ، وقد اخترت المرأة السورية لأنها قدمت الكثير من التّضحيات خلال هذه السّنوات سواء كانت أم أو زوجة أو أخت، فهي أكثر إنسانة تعيش في هذا الظرف التاريخي الصّعب ، أحببت أن أعمل هذه الثّلاثية السّينمائية كتحيّة لها و التّعبير عن الامتنان لما قدمته . الجمهورية: هل هناك أية مشاريع سينمائيّة مُشتركة مع الجزائر ؟ باسل الخطيب : أتمنّى ذلك ، ففي الحقيقة فيه أكثر من صديق تحدّث معي بخصوص هذا الأمر ، وربما سيكون فيه فرصة لتقديم عمل درامي ضخم يليق بتاريخ الجزائر وشعبها الحبيب سيتم الكشف عنه خلال المناسبات المقبلة ان شاء الله . الجمهورية : كيف تصف السّينما الجزائرية ؟ باسل الخطيب : في الواقع عندي علاقة قديمة تربطني بالسّينما الجزائرية ، أذكر تماما أنه سنة 1986 كنت لا أزال طالبا في معهد السينما في موسكو، دعاني صديق من الجزائر كان مسؤولا عن سينماتيك قسنطينة ، لا أخفيكم علما أنها كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها أعمالا جزائرية مهمّة مثل " وقائع سنوات الجمر " ، " ريح الجنوب " وغيرها من الأفلام ،بعدها توالت الزيارات وتابعت بعض التّجارب بالسّينما الجزائريّة لكن للأسف صرنا فيما بعد لا نرى هذه الأفلام إلا في المهرجانات والتظاهرات السّينمائية . الجمهورية : في رأيكم كيف يساهم الفنان العربي الملتزم في حل مختلف قضايا العالم العربي الراهن ؟ باسل الخطيب : علاقة الفنان بالسّياسة موضوع شائك ومعقّد جدّا، فأنا في رأيي الفنان عليه أن ينتمي إلى شعبه، ووطنه ، والانتماء السّياسي آخر ما يمكن أن يفكّر به أو يتحدث عنه، لأنه بذلك يفقد الكثير من شرعيته في التواجد وإبداعه ،أنا شخصيا مع مبدأ الالتزام بقضايا الوطن لأنه الينبوع الحقيقي الذي يمكن لأيّ شخص أن يقدّم من خلاله أعمالا تبقى في الذّاكرة والتّاريخ ، وفي نفس الوقت أنا ضدّ مبدأ الإلزام وهناك فرق شاسع بينهما . تراجع كبير في الحركة النّقدية العربيّة الجمهورية : كيف تقيّمون اليوم الحركة النقدية العربية ؟ وهي تساهم فعلا في تطوير العمل السينمائي ؟ باسل الخطيب : مع الأسف فيه تراجع كبير في الحركة النّقدية العربية بسبب الارتباك الذي تشهده خريطة الحياة العربية بسبب الأحداث و الفوضى التي يشهدها بعض الدول، فخلال التسعينيات وبداية الألفين كانت المادة التي يكتبها الناقد حول فيلم سينمائي معين تصنف كمرجع أساسي، كما كانت هناك حالة تفاعل كبيرة في الحرة النقدية ، وهذا في رأيي ليس من صالحنا لأن النقد يساعد السينمائيين بقوة في تطوير أعمالهم وتحقيق الكثير من النجاحات . الجمهورية : بعد تتويج المخرج الجزائري " لخضر حمينة "بالسّعفة الذهبية عام 1975 ، لم يستطع بعدها أي مخرج عربي أن يفتكّها رغم الأفلام السّينمائية الناجحة ، فهل تحلمون بالفوز بها ؟ باسل الخطيب : صدّقوني إذا قلت لكم أنني أنا لا أراهن كثيرا على هذه المهرجانات الكبيرة ، والمخرج الكبير " لخضر حمينة " عندما أخذ السعفة الذهبية عام 1975 عن فيلمه " وقائع سنوات الجمر" أخذها في ظروف سياسية واجتماعية مختلفة عما نعيشه اليوم ، لأن المشكلة في وقتنا الراهن ليست الجائزة بل في إمكانية عرض أفلامنا خلال المهرجانات العالمية ك "برلين" و" كان "وغيرها ، نحن اليوم محاربون سوريّا وعربيا من العالم الغربي ،خصوصا أننا نماك أفلاما لا تقل أهمية عن الأفلام الأجنبية ، لكن بمجرد أننا عرب ومن العالم الثالث لا مكانة لنا في التواجد أو المشاركة ، صدّقوني لاشيء يدخل البهجة إلى قلبي من أن ألمح الجمهور وهو يقبل بكثرة على القاعة من أجل مشاهدة فيلمي السينمائي، ويأخذ انطباعا معينا عنه . الجمهورية : حدّثونا قليلا عن مشروعكم السينمائي الجديد "سُوريّون " ؟ باسل الخطيب : فيلم " سوريون " هو العمل السّينمائي الثالث في مشروعي الذي تحدثت عنه من قبل، هو فيلم أتحدث فيه عن مواجهة الإرهاب بجرعة كبيرة من الجرأة والصراحة، ن المفروض أن ينزل إلى السوق العربية بعد شهرين تقريبا لأننا في آخر الرّوتوشات الفنيّة ، أتمنى أن تتاح لهذا العمل السينمائي فرصة عرضه في مهرجان وهران الدولي خلال الطبعات المقبلة .