يصنف وادي المويلح الذي يتدفق من المغرب باتجاه مغنية بحدود ولاية تلمسان ضمن المجاري المائية الخطيرة التي تصب بسمومها الكيميائية والعوازل الصناعية الثقيلة في نهر واحد يجتمع فيه مقطع البلدين، إن الواد لا يزال يشكل نقطة سوداء في التلوث البيئي البري منه والمائي لاسيما والمجرى يصل الى غاية مصدر هام للماء الصالح للشرب بسد بوغرارة وطالما طرح المهتمون تساؤلات خاصة بصلاحية هذه المادة الحيوية وتضررها في نفس الوقت ولفتح ملف الواد الحساس اضطرت »الجمهورية« إجراء تحقيق ميداني في قضية هذا المجرى الذي تشترك فيه الجزائر مع الجارة من حيث تلقيها المقذوفات الصناعية الملقاة به والتي يعبر على الاقليم الطبيعي باختلال جغرافية الشريط الحدودي تحت صمت متواصل تعديا يستدعي تكسيره لإيجاد الحلول النفعية التي تحد من سيلانه في الهواء الطلق حسب ما تمعنا فيه لدى نزولنا بالحدود وتحديدا من دوار أولاد ملوك البعيدة عن الدولة المجاورة بمسافة ثلاثة كيلومترات أين وقفنا على الواد لهنيهة أمام الروائح الكريهة والمياه النتئة العكرة الهائلة الى اللون الاسود الفاتح التي تلفظها مصانع الجلود البالغ عددها مايفوق الخمسة والعشرون الى جانب العشرات من الورشات الخاصة بالصباغة وغيرها والتي تستعمل عدة مواد كيماوية أصبحت اليوم من التأثيرات السلبية بقايا ضارة ورواسب وعناصر ثقيلة تتآكل وتغلب عليها الاجسام البلاستيكية كما لاحظنا به قارورات المشروبات التي ترمى بالواد وقلص حجمه كلما سقط به شيء فما بال اختلاط مياهه بما يستهلك من بوغرارة و العاكسة لأمراض كثيرة قد تصيب الإنسان بدون منازع لأن مياه المويلح تحوي مواد مركزة كيميائية لاتزول حتى وإن تم غليه على درجة حرارة عالية لن يتغير مفعول الماء الملوث طبقا لإشارة علمية. فالتعجيل بإقراء محطة لتطهير المياه القذرة بواد المويلح من الضروري لتصحيح ما تفرزه المؤسسات الصناعية لوجدة التي تسجل عواءا بيئيا وكارثة انسانية تهدد سكان الحدود الغربية باصابتهم بأنواع الحساسية الجلدية المفرطة التي اصبحت من الامراض المخلة بأجسام الافراد و الحيوانات ايضا كالمواشي المصابة باللسان الازرق زيادة على أن المياه الجوفية المجانية لمستنقعات وادي المويلح لا يأتمن فيها لأن نوع التربة تتميز بمسامات مفتوحة وقادرة على امتصاص التدفقات بسرعة لاسيما وماء المجرى يكون غير راكد في النهار اي متجمع على شكل بحيرة عكس مايحدث في الليل أين تصبح قوة السيلان مندفعة باتجاه سد حمام بوغرارة وأمام معرفة تلوث البنية التحتية لجوف الأرض تم منع استعمال المياه الخاصة بالكثير من الآبار المتواجدة بدوار أولاد ملوك والتي تنتشر هنا وهناك من المساحات الزراعية حتى أنه تم التغاضي عن مهمتها في السقي. آبار مياهها غير صالحة هذه الآبار صرفت عليها الدولة مبالغ مالية ضخمة بغية تفعيل الفلاحة بالشريط الحدودي والرفع من المردود الزراعي المختلف واليوم أضحى الفضاء يندب حظه لمحاداته للمواد وكذا لنفايات اسمنتية يطرحها مصنع »إدروكنال« بمغنية والتي تشكل أكوام كبيرة تزحف باتجاه مجرى المويلح كلما فاض عن ذروته في حالة سقوط الامطار بغزارة ومن ثمة تتحلل وتضاف الى المواد الكيمائية الصناعية مكونة بذلك خطر على خطر بدرجة عالية في التأثيرة ان كل هذه العوامل الهدامة للبيئة والحياة الانسانية مفادها التراخي في ملف وادي المويلح الذي ينتظر من مركزية العليا دراسته بموجب واقعه في شقين الأول إذا لم تستوعب الحكومة قضية جريانه بحلول قطعية سوف تتضخم الامور أكثر وتكون الفرصة سانحة لتلطيخ المحيط البيئي إلى مالا نهاية بفعل آخر متسبب والذي نعني به حسب مصدر حسن الاطلاع أن واد بني درار الذي يبعد عن مدينة وجدة المغربية الا بخمسة وعشرون (25 كلم) لم يبق له سوى القليل لتلتقي مجاريه في خط واحد مع واد المويلح والذي يحمل هو الآخر شوائب قذرة منزلية بنسبة مائوية عالية التأكيد . إن ما يسرده ا لواقع لواد المويلح الذي يطرح ميلا مكررة صناعيا ومنزليا على طول مسافة مقدرة بأربعة عشرة (14 كلم) بدءا من موضع الوادي الى سد حمام بوغرارة يظل علامة استفهام لحد كتابة هذه الاسطر مادام نتيجة الفراغ من الملفوظات غائبة للقضاء أو بالاحرى نزع وعزل الأزوت والفوسفور والعناصر الثقيلة والتي تستلزم اموال ضخمة لاستيراد المادة المضادة للكيماويات التي تتغلغل بالماء خاصة إذا كان المصدر المائي موجه للشرب والذي تتحكم فيه بدقة محطة التصفية الواقعة بالسد أي بدرجة الاعتماد على المراقبة التقنية للري التي تسهر على عدم تسرب الجزئيات الضارة الى الماء المطهر الذي يمون الرواق الغربي لولاية تلمسان وكذا ولاية وهران ومدينة مغنية وعين تموشنت. فالدولة تعرف أدق المعرفة أن واد المويلح بحاجة لمحطة تصفية المبرمجة للعام القادم 2011 والتي أكدت عليها وزارة الموارد المائية في إنجازها لفك طلاسيم التلوث القائم بالشريط الحدودي ويجبر لذلك مساحة اجمالية تقدر ثلاثون (30) هكتار لإنشاء ذات المحطة نظرا لما يبرهن معدل صرف المياه بالمويلح بقذفه ل11000 متر مكعب في اليوم و127 لتر في الثانية وهذا مع حلول كل فترة صيفية أين يكثر نشاط المصانع المغربية في تصنيع جلود الحيوانات بما في ذلك الابقار و الماعز الذي يتقايض فيها مهربيها بالمخدرات وأنواع السموم الاخرى وتظهر بكثرة هذه الظاهرة في فصل الحر أكثر من باقي الشهور. خطر حتمي وحسب مديرية الري كما جاء على لسان السيد عيسى نور الدين إطار أن الواد منذ اكتشاف تلوثه من خلال تغيير لون ماء السد القريب من الخضرة شرعوا في اعداد تحاليل متتالية شهريا لقياس العناصر ولم يتريثوا عنها إطلاقا وهذا من ماء المويلح لتتبع تركيزه الملوث الذي ينبأ بخطر حتمي خاصة وأن الماء خال من عنصر الاكسجين بنسبة 0٪ مما يدل على خلو الواد من الحياة تماما كما اثبتته نتيجة تحليل التلوث لشهر سبتمبر المنصرم ونفس الشيء للشهور الاخرى (أوت وجويلية) الفارطين والذي لاحظنا تحاليلهما فيما يخص الازوت الذي تراوح ظهوره بمياه المويلح ما بين 35٪ الى 56٪ وهذا راجع إلى الكمية التي تقذفها المصانع على حد ما تمليه مهمتها في الانتاج والمثال ينطبق ايضا على العناصر التي تارة ترتفع وتارة أخرى تنخفض كنسب النتريت حيث بينت التحاليل بأنه تزيد من 0.4 بالمائة إلى 0.58 بالمائة في جويلية وتتراجع من 35.7 بالمائة إلى 0.33 بالمائة لتصبح 0.3 بالمائة قريب من العدم الكلي أما الأمنيوم فقد قفز إلى حد وصوله ل 54.2 بالمائة بعدما كان 49.8 بالمائة ودائما في مجال الأرقام المتعلقة بالتحاليل وفي فترة 90 يوما فقد كان الفسفور عال التركيز في شهر أوت أكثر من 40 بالمائة مقارنة بسبتمبر وجويلية أين تقاربت 39.2 بالمائة وهذا عائد لظرف الإفراغ للمواد الثقيلة للصناعة التي ترمي بها مصانع وحدة وقال محدثنا أن هذه العناصر تشغيل من الحين لآخر لا سيما عندما تكون الأمطار غزيرة تقلصها. توقف عن الجريان الأسبوع الماضي رغم أننا وجدنا واد المويلح نشط بالمياه العفنة المؤكسدة بالمواد الصناعية الكيميائية أثناء تحقيقنا الميداني إلى عين المكان والذي لا يعيش به أي كائن حي منذ أن جرى جريانه في الثمانينات إلا أنه فجأة جفّ سيله في منتصف شهر أكتوبر الجاري فهذا أمر غير عادي يدفع الواحد منا للتساؤل عن السبب المرجعي في انقطاع مياه الواد والذي يعود إلى احتمالات مرتقبة في ظاهرها كمصدر رئيسي ملوث وهو إما انطلاق عمل محطة تصفية المياه المستعملة بمدينة وجدة المغربية والتي انجزت على مسافة 7 كيلومترات من نسيجها العمراني بهدف معالجة تدفقات المويلح التي تقدر بما نسبته 54.17 مليون مترمكعب من الماء سنويا مقابل 11.50 مليون متر مكعب من واد تافنة في الجزائر، هذا من جانب أو تدني انتاج المدابغ ب (25) مصنع والعديد من الورشات الصغيرة لكن في أن يكون الإحتمال الأول صائبا ما دام محطة التصفية بالمغرب جاهزة وقدرت معالجتها قرابة 40.000 متر مكعب في اليوم والتي تتكون من 10 أحواض لا هوائية و1.2 حوض مشبع بالأكسجين فهذا شيء جميل أن تهتم حكومة المملكة المغربية بهذا المشروع لصالح حماية الحدود بيئيا لكن ما يحزّ في شق الشريط الجزائري ذات التأخر في دراسته ملف المويلح الذي تم التغاضي عنه حتى وصل الحد بتضخيم المواد الكيميائية الثقيلة التي توغلت بأسفل سد بوغرارة ولحسن الحظ حسب مديرية الري أن تصفية ماء هذا الأخير تتم سطحيا مع معالجته. شراكة جزائرية مغربية إن ضمان الحل لمشكل واد المويلح من وزارة الخارجية كطرف أول اتجاه ما يحويه الملف ليس على صعيد جزائري وإنما لإعتبارات مواطن آخر يجاورها كون المجرى مسألته دولية وتستدعي اتفاق بين الطرفين لوقف نزيف الملفوظات الصناعية التي تنحذر من الشعاب الحدودية . مع العلم أن مديرية الري بتلمسان لم تقصر في حق متابعة واد المويلح ومراقبة مياهه من طرف مصالحه بحيث كانت تقوم بتحاليل يومية أجراها مخبر وهران بوجود تلوث مائي مفاده بالأساس المخلفات المغربية بدون منازع وهذا على مستوى سدّ بوغرارة والذي تمت على مستواه تحاليل بالساعة أيضا في التسعينيات كما ذكر لنا السيد شريفي مهدي رئيس مصلحة بالمديرية المعنية وبرهنت التحاليل الأخيرة أن الأكسجين بلغ بالسد 60.6 وهي نفس الفترة نسقت مديرية البيئة مع مديرية الري زيارة عمل عن طريق اعتمادهم على زورق مطاطي »زودياك« إذ استطاعت مصالح القطاعين أن تبحر به في المواد للمعاينة وانقطعت هذه المهمة عن التواصل وفيما يخص مكانة ملف المويلح من الجانب البيئي اكتشفت الجمهورية بأنه مغلق ولم يعثر عليه قطّ نظرا للامبالات التي شابته واهماله مباشرة أثناء رحيل المدير السابق بلمنصور الذي تقلد نفس منصب مدير البيئة بولاية وهران والذي حاولنا الإتصال به لكن تعذر فينا ذلك خاصة فقد أردنا معرفة لما لم يترك أثر لملف المويلح والذي قال في منواله المدير الجديد سيتطرق له ويتمعن في قضيته البيئة بكل حزم لأنه وعلى حد قوله كان يسمع عن هذا الملف حين كان مسؤول بالجزائر العاصمة. من جهتها الوكالة الجهوية للسدود بوهران وفي اتصال بها أكدت السيدة مخربش بأن واد المويلح من حيث نوعية مياهه ودرجة ضررها مؤثرة على سد بوغرارة بصفته مموّن بالماء الشروب ويتميز مفعوله في الفوسفات والنترات وتقليص من هذه المواد الكيميائية فقد انجز حاجز حائطي للتقليل ولو ببساطة فيها بالإضافة إلى ما تتحكم فيه محطة التصفية على مستوى السد التي تعالج الماء القابل للإستهلاك بدقة المعيار لعدم الوقوع في خطإ المعالجة التي لا بد أن تكون يقينية بتقنية التحكم في التلوث التي تحدثه العناصر الثقيلة بذات المصدر المائي الذي يدعم وهران في تزود سكانه بالماء بالخصوص بكميات إضافية في فصل الصيف ويعطي السد نصيب الخز من الماء لولاية عين تموشنت بطاقة تقدر ب 13 مليون متر مكعب على طول أيام السنة ويضاف لها 27 مليون متر مكعب مأخوذة من سد بني بحدل حسب مدير الري لتموشنت السيد مراد هامل، علما أن سد بوغرارة يبلغ منسوبه المائي حاليا 132.942 مليون متر مكعب وتتزود منه مغنية بما يقارب 20 مليون متر مكعب ووهران بسعة 33 مليون م3 فهل يمكن أن نترك مخلفات المويلح تقضي على نسمة هامة من ساكنة الولايات الثلاث وهران، تلمسان، وعين تموشنت لا سيما وإن لم يكن هناك بديل إيجابي ينقذ الموقف، ولا تستطيع أي جهة مسؤولة أن تداري علاقة واد المويلح كهمزة وصل عن جريان مائه القذر ببوغرارة؟ ولا نقول أبدا في هذه الحالة » لا ضرر ولا ضرار« بإعتبار الأضرار كثيرة وقائمة فلا تعجل الحكومة بالأمن الريوي وحماية الفضاء البيئي بالحدود الغربية التي أصبحت مشجرة بالزيتون والحمضيات التي عمّرت بها الأراضي الشاسعة الصالحة للتنمية . وفي الفوسفات والنيترات بمياه بوغرارة وفي هذا الإطار أكد رئيس إتحاد الفلاحين بمغنية السيد عبد الحميد بوحسون قائلا أنهم يعانون مما يجزفه المويلح من مواد سامة. قضت كليا حتى على السلاحف البرية التي تنزل إلى الواد بغية الشرب من مائه فما بال سقي المستثمرات كيف يكون حالها إذا ما تم اللجوء إليه والذي يستبعدون استعمال مياهه بتاتا ويطالبون من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أن تدل بتدخلها لدى الحكومة من أجل إحاطة الدعم الفلاحي والحفاظ على أبعاده الاقتصادية والاجتماعية لأنه أعاد الاعتبار لخدمة الأرض بالشريط الحدود وأوجع الهبة الزراعية التي تمتعت بها مغنية لكن يبقي هذا في ظل قطع دابر هذا الواد الذي اتسعت رقعة مجاريه في شكل شعاب متصلة ببعضها البعض والوقت ليس في صالح الدولة الجزائرية إن همشت ملف المويلح كقضية عامة بقيت عالقة لسنوات طوال قهرها الخطر الذي يسير في آخر محطة له بين الجزائر والمغرب. وللتذكير فإنه أمام هذا الوضع الحساس يجد المجتمع نفسه مهددا بظواهر كارثية طبيعية واستعمارية لا سيما القاطنين بالجهة الغربية من ولاية تلمسان الذين عانوا من مخلفات خطي شال وموريس الذي حصد المعلولين والمشلولين ضف لذلك الأراضي الجزائرية المسلوبة من قبل المغاربة والتي أوكلت لجهات غير أهلها الأصليين والمعاناة مستمرة ومتواصلة على شاكلة القتيل واحد والضحايا كثيرون فهكذا المثل سينطبق على مايقذفه المويلح بأكبر سد مائي بغرب الوطن إذا قدر الله ما شاء وأن تجلت الأمراض المتنقلة عبر المياه حتما ستفتك بدلا من المئات المواطنين الآلاف منهم وتسجل الأرواح بقائمة قضية نادى فيها المجتمع مرارا فهل سيخلف الوادي المأسي إن لم تستدرك حلوله من أعلى الهرم في دولة أم موضعه سيطهر ويكون من المحاسن الذي يترجاها بوغرارة كنقطة هامة استنهضت العطش للآلاف من المتزودين بمائه ؟؟