دخول إيران بقوّة إلى سوق النفط و خفض مستويات النمو في الدول الصناعية الكبرى وراء انخفاض الأسعار. هوت أسعار البترول يوم أمس إلى 47 دولارا للبرميل الواحد، وهو الأمر الذي سيؤثر سلبا على قيمة الدينار بالدرجة الأولى، حيث أنّ انخفاض قيمة الدينار مقابل العملات الأخرى خاصة التي يتم التعامل بها في عمليات الاستيراد ستؤثر بشكل أساسي على الأسعار والمواد الأولية المستوردة، هذه الأخيرة التي ستعرف التهابا في أسعارها خلال الأيام القليلة القادمة، وذلك حسبما أكده الخبير الاقتصادي الدكتور "عبد الرحمن مبتول" في اتصال هاتفي مع "الجمهورية"، مضيفا في الشأن ذاته أنّ التراجع المحسوس في أسعار البترول سيؤثر كذلك على معدل النمو في الجزائر وبالتالي فإن هنالك استبعادا لنمو كبير مع معدلات متوقعة ب2,3 في المائة، مع العلم بأن الحكومة الجزائرية -حسبه- حددت هدفا أساسيا مع انتهاء المخطط الخماسي الجاري لبلوغ نسبة نمو ب7 في المائة، هذا ناهيك عن ما يتعلق بصندوق ضبط الإيرادات الذي تسيره وزارة المالية، فواردات الصندوق كانت مقيّمة على أساس سعر الدولار، وهو ما يعني أن رصيد الصندوق قد ينتهي مع أواخر2016- حسب ذات المصدر-، الأمر الذي سيؤدي - حسبه- إلى تعطيل كبير على ميزانية الدولة. وفي ذات الشأن أرجع محدثنا أسباب هذا الانخفاض في أسعار البترول إلى استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية في خفض مستويات النمو في الدول الصناعية الكبرى والصاعدة بما فيها دولتي الصين والهند، هذه الأخيرة التي عرفت أزمة اقتصادية في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تراجع معدلات استهلاكها من المواد الطاقوية خاصة ما يتعلق بالبترول والغاز، هذا فضلا عن عامل آخر يتمثل في دخول إيران إلى سوق النفط، الأمر الذي سيجعلها تضخ مليون برميل جديد في السوق العالمية، ما يٌحدث وفرة كبيرة في سوق النفط الذي من المرتقب أن يتهاوى إلى ما دون الأربعين دولار بداية من شهر جانفي المقبل، وهو الأمر الذي سيشكل خطرا إضافيا على استقرار التوازنات المالية في الجزائر. وما تجدر الإشارة إليه أنّ سعر البترول انتقل من 61,69 دولار للبرميل خلال شهر جوان المنصرم، إلى 56,34 دولار للبرميل خلال شهر جويلية وذلك بانخفاض يقدر ب 5,35 دولار، وجاء هذا الانخفاض توازيا مع الهبوط العام لأسعار النفط خلال شهر ماي الماضي، حيث فقد برميل الخام حوالي 10% من قيمته بسبب وفرة المعروض في الأسواق العالمية، وتتوقع منظمة "الأوبيك" حسب العارفين بسوق النفط أن ينهي خام صحاري الجزائر عام 2015، على معدل أسعار سنوي في حدود 58 دولار للبرميل أي ما يمثل انخفاضا بحوالي 50% مقارنة بمعدل أسعار عام 2014 الذي بلغ 110,09 دولار. وللعلم أنّ انخفاض أسعار النفط خلال شهر جوان راجع إلى تأثير هبوط أسواق منتجات التكرير الأمريكية والآثار السلبية المحتملة لأزمة ديون اليونان على الطلب على الطاقة في أوروبا.وجاء تراجع عقود الخام الآجلة بفعل المخاوف بشأن مفاوضات ديون اليونان واحتمال تخفيف العقوبات على إيران المنتجة للخام وطغت هذه المخاوف على بيانات عن قوة الطلب على البنزين والديزل في الولاياتالمتحدة وأوروبا.وفشل اليونان في التوصل إلى اتفاق مع مقرضيها الدوليين مثيرة مخاوف بشأن اقتصاد أوروبا ومن ثم الطلب المتوقع على النفط.كما سجلت الأسعار الرسمية للخام النيجيري أدنى مستوياتها في عشر سنوات على الأقل مع وجود ما يصل إلى عشرة ملايين برميل غير مبيعة من الخام الخفيف وهو ما يكبح الأسعار في حوض الأطلسي...ليبقى في الأخير على الحكومة الجزائرية أن تضع إستراتيجية اقتصادية محكمة لتفادي الدخول في أزمة.