جرائم ضد الإنسانية نفذتها فرنسا في حق الشعب الجزائري خلال احتلالها أرض الوطن طيلة 132 سنة ولا يزال الكثير من المجاهدين الذين عاشوا وعايشوا معظم الأحداث التي هي راسخة في أذهانهم ومسجلة في ذكرياتهم لا تنسى ولا تغتفر خصوصا كتلك المجازر الرهيبة التي قام بها المستدمر الفرنسي حيث يسجلها التاريخ بأحرف من الدماء لاسيما مجازر التنكيل بجثث الشهداء وحرق القرى والبوادي وتفحم المواشي والرعاة والثوار بسلاح (النابالم )وإبادة العائلات بأكملها دون رحمة وفي هذا الصدد يقول معظم أفراد الأسرة الثورية لا تسامح مع فرنسا مهما تعددت الاعتذارات ورغم ذلك لقد حقق الشعب الجزائري استقلال هذه الأرض الطاهرة الذي جاء نتيجة تضحيات بالنفس والنفيس والكل يردد تحيا الجزائر والحمد لله "ما بقاش" الاستعمار في بلادنا والله يرحم الشهداء وتحية للمجاهدين . **التحاق عبد الجبار بصفوف الثورة سنة 1959 بمركز النشايب وفي هذا السياق لقد كان لنا لقاء مع أحد المخلصين من المجاهدين الذين رفعوا السلاح وتحدوا كل الصعاب وواجهوا الأسلحة الفتاكة لقهر المستعمر الغاشم وحطموا كل مشاريع فرنسا آنذاك ولقد تحقق ذلك بالنصر .وهو المجاهد بلفضال مول الفرعة من ومواليد 1932 بالأبيض سيدي الشيخ أسمه الثوري عبد الجبار التحق بصفوف الثورة سنة 1959 بمركز النشايب بالصحراء تلقى تكوينا برفقة مجموعة من المجاهدين لاسيما من قبل مسؤول فرع المجاهد بلمخفي حمزة وبلمخفي محمد المدعو بوناقة وفريقع وبالديارمحمد وتقلد المجاهد بلفضال مول الفرعة عدة مهام منها مسؤول فرع سنة 1961 وبعد ذلك مسؤول عرش لاسيما جمع المؤونة أي تموين وجمع الاشتراك من قبل الشعب وتقديم الأموال للمسؤولين الفرعيين لدعم الثورة بالجهة وبالموازاة كان أخوه بلفضال الشيخ مجندا وسقط شهيدا سنة 1960 بمنطقة أرصاف الصابون ..ومن أهم المعارك التي شارك فيها المجاهد مول الفرعة منها معركة أم البخت ومعركة القرارة ومن رفقائه خلال النضال الثوري حوالي 15 ثائرا معظمهم سقطوا شهداء منهم الشهيد عبد الوارث بن عامر وخليفي بغداد وبلمحجوب عبد القادر والطاهر الرباوي وشعنبي وجرماني محمد وجرماني عبد القادر وبلمخفي علي وحاكمي بحوص وراجع نعيمي وشارف مولفرعة ،بن فارح الشيخ . * إنزال طائرات هيلوكوبتر لمحاصرة المنطقة أما المجاهدون الذين بقوا على قيد الحياة حتى بعد الثورة منهم سليمي العربي وخلوفي أمعمر وعلى هذا السياق لقد استقبلنا المجاهد بلفضال مول الفرعة في بيته بالأبيض سيدي الشيخ بمعية ابنه الشيخ (أستاذ في الأدب العربي )حيث تحدث كثيرا عن معركة ام البخت التي جرت خلال جوان 1961 م التي اندلعت بضراوة السلاح الثقيل الذي استعملته فرنسا ضد المواطنين العزل والأبرياء في أرضهم الطاهرة وبعد أن تحصلت القوات الفرنسية على معلومات استخباراتية عن تمركز الثوار بمنطقة أم البخت وفي الصباح الباكر يقول محدثنا بان طائرتين قدمتا من الأبيض سيدي الشيخ نحو منطقة أم البخت الطائرة الأولى من نوع (أم سليك) والأخرى (لاموران ) حسب تسمية الثوار ومن منطقة بريزينة كذلك قدمت 3 طائرات هيلوكبتر حيث حلقت هذه الطائرات الخمسة في السماء وحاصرت المنطقة سالفة الذكر ولكن الجنود الجزائريين المتواجدين في المنطقة قد قللوا من وشاية العدو على تحركاته نحو المنطقة لتمشيطها وسبق للقوات المعادية وان أسرت جنديا بضواحي منطقة صقر وحينها بدأ المستدمر الفرنسي بإنزال قوات خاصة حاصرت المنطقة خصوصا مركز (ام البخت) وحين شعر الجنود المتمركزون والبالغ عددهم حوالي 15 ثائرا بدون سلاح ماعدا الجندي بن فارح عبد القادر بحوزته بندقية من نوع (ستاتي ) وعبد الوارث بن عامر يحمل معه مسدسا وبدأت الطائرات تطلق النيران من كل جهة حتى استشهد 7 مجاهدين منهم 6 سقطوا بعين المكان على ضفاف (أم البخت) اما الشهيد السابع هرب إلى جهة أخرى ولحقت به طائرة من نوع (أم سليك) والشهداء الذين سقطوا دفعة واحدة منهم الشهيد شارف مولفرعة وبن فارح عبد القادر وجرماني محمد وجرماني عبد القادر ونعيمي راجع وحاكمي بحوص. **استشهاد 7 مجاهدين تقطعت أطرافهم وتمزقوا أشلاء أما الشهيد السابع وهو بلمخفي علي الذي أعدم بعد أن لحقت به القوات الفرنسية حين هرب من هجوم الطائرات وألقت القبض عليه حيا وقام الجنود الفرنسيون بنقله إلى رفقائه الشهداء بعد ان استنطقوه بالتعذيب وعرفهم عن هوية وأسماء رفقائه (الشهداء) وهو مكبل من يديه ورجليه ثم أطلقوا عليه الرصاص فأردوه قتيلا سقط شهيدا ونكلوا بجثته ورموه جانب الشهداء الستة بمنطقة (أم البخت) ويقول المجاهد بلفضال مول الفرعة بأنه شاهد على الحادثة ولا تزال راسخة في ذاكرته ولا ينساها مهما طال عمره الذي يتعدى حاليا 8 عقود ولقد نجا برفقة المجاهد خليفي بن عامر والمجاهد خلوفي أمعمر. اما البقية من الثوار البواسل وهم 8 ثوار الذين انقسموا وتمركزوا في جهة أخرى خلال هجوم الطائرات بالأسلحة الفتاكة على (ام البخت ) وبعد انتهاء المعركة ظل الرفقاء متفرقين لمدة يومين بضواحي (ام البخت) وعادوا إلى مسرح القتال والتقوا ببعضهم منهم المجاهد المتحدث والمجاهد سليمي العربي وبلمحجوب عبد القادر والطاهر الرباوي والشعنبي وبن عامر خليفي وخلوفي أمعمر ..حيث قاموا بدفن الشهداء السبعة بمنطقة (ام البخت) بمساعدة جنديين من الأبيض سيدي الشيخ هما بن عامر حاكمي وسليمي لحبيب ومواطن أخر من أولاد الطيب وحسب محدثنا بان الشهداء بعد سقوطهم قام جنود العدو بتشويه جثثهم بالرصاص حيث ظهرت عليهم إصابات بالغة على مستوى الكتف والبطن تمزقت اشلاؤهم وتقطعت أطرافهم الأيدي والأرجل ارتسمت أمامهم صورا بشعة على الأموات . *مغادرة المكان إلى جنوب الصحراء بخربقة الغراب ثم القرارة وأضاف محدثنا بان بعد عملية الدفن قاموا بمغادرة المكان إلى جنوب الصحراء تحديدا وجهتهم كانت منطقة (خربقة الغراب ) مكثوا بهذه الأخيرة التي يوجد بها مركز للتموين وتم نقل لها مركز (النشايب) ومركز (أم البخت) الذي كان متقدما بهدف تسهيل مهمة التموين على الجنود وجمع المعلومات على تحركات العدو الفرنسي وكان المسؤول عليه جرماني محمد (شهيد ) حيث بقى هؤلاء الجنود البواسل البالغ عددهم 8 مجاهدين 3 أشهر في منطقة خربقة الغراب وبعد ذلك تنقلوا إلى منطقة (ام الورونة) ثم تمركزوا بمنطقة (القرارة )التي تقع على بعد حوالي 60 كم عن الأبيض سيدي الشيخ * جمع التموين و توزيعه على مركز الجبيلات ويقول المجاهد بلفضال مولفرعة بأنه ترك أصدقاءه ثم تنقل في سرية تامة في مواصلة مهمة جمع المؤونة إلى مركز الجبيلات تبعد بحوالي 40 كم عن بلدية أربوات أين كان يتمركز فيه مجاهدون بارزون منهم المجاهد الرقيبي والمجاهد المدعو فريقع والمجاهد ميسوم صحراوي ..وبعد ذلك تنقل محدثنا إلى جبل بونقطة في مهمته جمع التموين لدعم الثورة بالجهة برفقة المجاهد برزوق عبد القادر وعاشور سمغوني ودويزي عبد القادر وبولغيث محمد وبعد ذلك عاد المجاهد بلفضل مول الفرعة إلى رفقائه بمنطقة (القرارة) محمل بالزاد من التموين للثوار وبمركز هذه الأخيرة عين المجاهد بن عيسي محمد اسمه الثوري(بودرينة) مسؤول مركز حيث واصل هؤلاء المجاهدون مهمتهم في جمع المؤونة بمراكز الجهة على غرار مركز( النشايب) ومركز (خربقة الغرب) و(القرارة) ..بهدف توزيعها على مراكز (بونقطة)و(تامدة) .لتشجيع العمل المسلح ضد تواجد القوات المستعمر بالجنوب لاسيما المناطق المذكورة وظل الثوار المذكورون صامدون في نضالهم خاصة تأدية مهامهم في التموين وجمع الاشتراك على الشعب حتى نهاية سنة 1961م *إخطار المجاهدين المتمركزين بخطورة الوضع وملاحقة العدو وأثناء حلول سنة 1962 في اليوم الأول من شهر جانفي على الساعة الرابعة مساءا تقدمت قوافل من قوات العدو نحو المنطقة وحاصرت مركز (خربقة الغراب )ثم كثفت من انتشارها وحاصرت مركز (القرارة ) وكذلك ترصدت تحركات قطيع الإبل الذي كان يرعى بالمنطقة على خلفية أن المجاهدين كانوا يتنقلون عليها وبعد حوالي ساعة من الزمن تمركزت القوات الفرنسية على مشارف (ذراع القرارة) وطالبت الدعم بالطائرات التي حضرت في الحين وقام حارس مركز القرارة بإخطار كافة المجاهدين المتمركزين على خطورة الوضع لاسيما تحليق الطائرتين المعروفتين (بالصفيرات ) وحلقت فوق قطيع الإبل وفضاء المنطقة حيث تنقل معظم المجاهدين إلى المركز المجاور وتوزعوا إلى مجموعات ويقول محدثنا بأنه تسلل وتمركز برفقة 3 جنود أما المجموعة التي تضم المجاهد بودواية وبن عيسي وبلهداجي أحمد وبلمخفي أحمد وشعنبي زعباط قد تم ملاحقتهم من قبل قوات المستعمر وطاردتهم وحاصرتهم بالطائرات وأطلقت عليهم النيران فاستشهد الثائر بلمخفي أحمد وأصيب المجاهدان بودواية وزعباط .. * تأسيس مركز جديد بالخويبطية وكذلك تم ملاحقة المجموعة البقية بالطائرات وأبادت معظم الرفقاء حيث استشهد جديري الشيخ وسمغوني عاشور وخليفي محمد بن بغداد وبلعسيري أحمد وكرومي الدين وريزوقة الشيخ وصدادقة بوشريط ..إذ نجا محدثنا المجاهد مولفرعة ورفقاؤه منهم المجاهد تومي محمد ومدني سائح ومواطن من بلاد القبائل كان جنديا مع فرنسا التحق بصفوف الثورة بحوزته سلاح من نوع (بلج ) وخلال انتهاء معركة (القرارة ) التحق باقي رفقاء بلفضيل مول الفرعة بالجنود البواسل بجبل بوفقطة والجبيلات وأضاف المجاهد بلفضل في تفاصيل القتال بأنه بقي بمفرده بمركز( القرارة ) وقام بدفن الشهداء الذين سقطوا بسلاح العدو والبالغ عددهم 8 ثوار وتنقل بعد ذلك للبحث عن رفقائه بمنطقة ضاية المحارزة بعد عودتهم من الجبال حيث قاموا بتأسيس مركز جديد بالخويبطية بضواحي منطقة المنحر شمال الأبيض سيدي الشيخ أي جنوب ولاية البيض وظلوا به يناضلون من بدابة سنة 1962 حتى تاريخ وقف إطلاق النار19 مارس من نفس السنة واستمر نضالهم الثوري من أجل إنجاح ثورة التحرير التي كانت ناجحة في قهر كافة القوات العسكرية الفرنسية حتى الاستقلال .