تضحيات كبيرة وعظيمة..وتاريخية قام بها الشعب الجزائري في تحقيق الحرية وإسترجاع السيادة الوطنية كاملة من خلال الكفاح المسلح الذي خاضه إبان حرب التحرير في ربوع تراب الوطن من الحدود الغربية إلى الحدود الشرقية ومن الشمال إلى الجنوب .ويقول معظم المجاهدين بان نجاح ثورة الشعب الجزائري كانت عناوينها التضحيات بالنفس والنفيس وتسليط الإرادة والعزائم القوية في إلتئام شمل الجزائريين في تحقيق الإستقلال الذي سجل تاريخيه بدماء الشهداء في كل مكان .وإن الثورة بالجنوب لم يختلف تنظيمها ووقائعها عن سائر المناطق الأخرى بالبلاد خلال ثورة التحرير التي كانت ناجحة بفعل تمسك الشعب بوحدته في إنجاح معاركه الضارية ضد الإستعمار الذي طرد مهزوما ومقهورا ماديا ومعنويا من هذه الأرض الطاهرة . وفي سياق إنجاح الكفاح المسلح بمعظم مناطق الجنوب الغربي لاسيما على محاور الأبيض سيدي الشيخ والبيض ،النعامة وبشار ..كان لنا لقاء نهاية الأسبوع الماضي في إطار الفعاليات المتواصلة بالذكرى 60 لإندلاع ثورة التحرير مع المجاهد بلمبروك الجيلالي بن بحوص الذي يعتبر من الشخصيات الثورية البارزة لا تزال ذاكرته تحتفظ بقدر كبير من تاريخ الأحداث التي عايشها وعاشها خلال حمله السلاح بالجهة الجنوبية الغربية بالرغم من تقدم عمره الذي يفوق عتبة 77 سنة لاسيما شهاداته التي ترسخ جزءا من نضاله بمعركة (قروز) بضواحي بشار ونضاله بالحدود المغربية الجزائرية ..السيد بلمبروك الجيلالي بن بحوص من مواليد 1937 بالأبيض سيدي الشيخ الاسم الثوري الجيلالي بن بحوص ومن أهم مهامه في بداية نضاله الثوري كُلف بالتموين مع أحد المسؤولين المجاهد سماحي بن الشيخ على مستوى الأبيض سيدي الشيخ حيث كانت محطة التموين عند المجاهد عدناني بحوص والمجاهد برابح وبوقراطة والمخاطرية (لزرق ،الدين ) حيث كان هؤلاء المجاهدون يقومون بتخزين المؤونة في أماكن بعيدة ومحكمة لدعم ثورة التحرير وإنجاحها بمناطق الأبيض سيدي الشيخ والجهة الجنوبية بولاية البيض.وفي سنة 1957 التحق المجاهد بلمبروك الجيلالي بالثورة بجبل تامدة شمال مدينة الأبيض سيدي الشيخ تحت إشراف مسؤول المنطقة دين بن ذيبة إسمه الثوري "أسكندر " ويقول محدثنا المجاهد الجيلالي بن بحوص من رفقائه المجاهد قادة بن زهرة (متوفي ) وأمحمد مستاش والعربي بونوة (على قيد الحياة )والمجاهد جرماني قادة (متوفي ) والمجاهد بهليل عبد القادر والمجاهد محمد بن الشيخ (متوفي )والمجاهد لكبيش اسم ثوري والمجاهد زواني الطيب (شهيد )كان قناصا .. *****القبض على 3مكفوفين ثائرين و قتل رفيقهم المجاهد رمضان
حوالي 35 ثائرا كانوا يتنقلون ما بين منطقة لخناق لخضر وجبل تامدة يراقبون تحركات العدو بالجهة ،وفي سنة 1959 جاءت القوات الفرنسية إلى منطقة لخناق لخضر حاصرته وقامت بالقبض على 3 مكفوفين ثائرين وقتلت رفيقهم المجاهد رمضان القادم من إحدى الولايات الشرقية كان يساعد المكفوفين الثلاثة على التنقل وكان يرشدهم على الطريق ويقدم لهم الأكل والشرب ..أما المجموعة المتكونة من 35 ثائرا مكثوا حوالي 5 أشهر بمنطقة لخناق لخضر بضواحي جبل تامدة أي بعد التحاقهم بالثورة من بينهم المجاهد بلمبروك الجيلالي ثم تنقلوا إلى الحدود المغربية في أول سنة 1959 حوالي 55 جنديا وثائرا بدون سلاح تحديدا إلى مدينة فيقيق المغربية ثم تنقلوا إلى مدينة وجدة حيث كان في مساعدتهم مسبلون وقادة الثورة مدنيون بدون ألبسة ولا سلاح وعند دخولهم مدينة وجدة وجدوا الرائد عثمان إسمه الثوري "المسبل " في انتظارهم وبعد ذلك التقى بهم أحد المسؤولين وهو رئيس الناحية أمرهم بالتدريب بمنطقة كبدانة بالمغرب حيث رفض هؤلاء الجنود و قالوا له :حسب محدثنا (.. نحن قدمنا إلى هنا المغرب في مهمة لجلب السلاح فقط ونقله إلى الجبهات بالجزائر...) ****مجاهدون يجلبون 55 قطعة سلاح و ذخيرة على ظهورهم من المغرب وبعد ذلك أمر هذا المسؤول أحد الأفراد من القيادة بتسليم لهم السلاح أي استلموا 55 قطعة سلاح من نوع (البلج) و(المطا) والذخيرة ومن بين الذين سلم لهم السلاح إسمه الثوري"علقمة " وحينها عاد هؤلاء المجاهدون الذي قدر عددهم محدثنا المجاهد بلمبروك الجيلالي ب 55 ثائرا إلى منطقة فيقيق بالحدود ومكثوا هناك 3 أيام ثم خرجوا برفقة أحد مسؤولي قيادة الثورة بالحدود المجاهد الحاج من وهران ورمضان من البيض وتنقلوا إلى جبل (قروز) بضواحي بشار تحديدا بالجهة الشمالية الموالية لحدود المغرب وهذا في نفس سنة 1959.ولقد إلتقوا بالمسؤول شرفي أحمد كان ضابطا و قائد كتيبة بالناحية الثالثة بالمنطقة الثامنة وثم كتيبة أخرى بقيادة "الجيلالي "إسمه الثوري استشهد في ما بعد . ثم كلف مسؤول المنطقة الثامنة إسمه عبد الغاني محمد السيد فيصل مجدوبي بالكتيبتين لتمريرها على الحواجز الشائكة الملغمة التي كانت تضعها فرنسا على الحدود الجزائرية المغربية .أما المهمة الأولى تنقل أفراد المجموعة (المجاهدون ) إلى الأسلاك 4 مرات ثم يعودون إلى الحدود بضواحي جبل (قروز) ويقول المجاهد الجيلالي بلمبروك بأنه وقعت إشتباكات عنيفة سنة 1959 وكان الجنود مرهقين بعد الرحلة التي قطعوها في نقل السلاح والذخيرة على ظهورهم من المغرب إلى الجزائر أي من مدينة فقيق إلى جبل بشار ****كتيبة بقيادة شرفي تسقط طائرة فوق أحد مراكز العدو ولقد أمر المجاهد فيصل السيد شرفي وقال له : (..غدا سيكون أفراد الكتيبتين في وضعية جيدة لإطلاق النار على حشود العدو التي تحاصر جبل (قروز) ويقول المجاهد الجيلالي بلمبروك بأنه كان بجانب القائد شرفي وممرض من مناطق القبائل وفي حدود الساعة 9 صباحا حتى حلقت طائرتان كانتا تسمى في أوساطهم "بالصفيرات " فوق مكان تمركز المجاهدين ومن بين القناصين الذين كانوا مستعدين لإطلاق النار منهم القناصان عبيد الطيب (شهيد )ومولاي كانا يحملان سلاحا يسمى "البياسة "وعندما حلقت الطائرتان (الصفيرات ) واقتربت من موقع المجاهدين أطلق القائد شرفي الرصاص بكثافة عليهما ثم واصل رفقاؤه من المجاهدين النار من الكتيبة الأولى بسلاح (24) حيث سقطت إحدى الطائرتين فوق أحد مراكز العدو وعلى التو حلقت طائرتان أخرتان حيث أطلق الجنود البواسل النار عليهما فأصابوا أحداهما بعطب وعلى الساعة 10 صباحا كذلك حلقت 3 طائرات أخرى منها طائرات من نوع (ب26) وأطلقت النار بكثافة على الكتيبتين بجبل (قروز) ويقول محدثنا بان الجنود كانوا متمركزين في وضعية جيدة ولم يتوفر لهم مضادات للطائرات فلم يصب احد بأذى، ****العقيد لطفي يلتقي بالكتيبتين سنة 1960 وفيما بعد استشهد أحد الثوار لم يعرف إسمه وفي أعقاب هذه المعركة انتقلت الكتيبتان نحو جبل (قروز) وفي سنة 1960 جاء العقيد لطفي والتقوا معه و قال لهم: (.يا أولادي عليكم بالذهاب وراء الأسلاك الشائكة من أجل سلامتكم لكي لا تكونوا عرضة في قبضة العدو ..) وبعد ذلك تم تكوين 3 كتيبات الأول بقيادة اعمارة من البيض والكتيبة الثانية بقيادة بلنوار من البيض والكتيبة الثالثة بقيادة جبيلي ثم تنقلوا إلى ما بين الحدود وجبل (قروز) وبعد ذلك تم تكوين كتيبة أخرى تضم حوالي أكثر من 100 جندي قائدها سعدان ونائبه الرمعون حيث قاموا بمهمة لإنجاز المتفجرات (البنقالو ) معبأ "بالتيانتي" لتفجير الأسلاك الشائكة التي وضعتها فرنسا بين الحدود والمراكز منها مركز مولحة ومركز المنابهة ومركز بوعقل ومركز بوكاييس ،لحمر ،بوعياش...وكل الأوامر كانت تصدر من قبل القائدين فيصل وشرفي خلال تنفيذ العمليات والمهام لاسيما ما جرى في مهمة مراقبة تحركات الطائرات سنة 1960 حيث قامت بالمهمة المجموعة المتكونة من 13 جنديا معهم الجيلالي بلمبروك والرقيب محمد لعموري وفي الصباح الباكر قدمت طائرتان (هلوكبتر ) صغيرة وكبيرة تحمل صف ضباط وضباط ثم أطلق البواسل عليها النار سقطت الطائرة الصغيرة وتفجرت والأخرى إختفت عن أنظار المجاهدين ثم قامت بإنزال قوات عسكرية وحاصروا الطائرة المشتعلة وبعد ذلك تضاعف تحليق الطائرات من نوع (ميق )وحاول المجاهدون التقرب من الطائرة المعطوبة منعتهم قوات العدو وبعد ذلك قام قائد المجموعة المجاهد فيصل بإطلاق النار على العدو فتدعم هذا الأخير بالطائرات من نوع (ميق) و(ب26 ) فوق الجبل بدأوا يطلقون النيران على الثوار البواسل .. *********مقتل 14 فرنسيا في اشتباكات و إصابة المجاهد بلمبروك بجروح خطيرة وبعد ذلك قامت طائرة (هلوكبتر) بإطلاق النار نحو المكان الذي كان فيه القائد فيصل متواجد حتى الساعة الرابعة مساء .وكذلك في نفس سنة 1960 أمر قائد الفصيلة مكاوي محمود المجموعة سالفة الذكر بتحطيم المتفجرات (البنقالو) الموضوعة بجانب الأسلاك الشائكة وفي طريقهم قام المجاهد برياح عبد الرحمان ومولاي السير في الأمام لمراقبة تحركات العدو الفرنسي حتى تصادفوا مع قوات العدو منتشرة في منطقة لخناق مرورا بالمراكز حوالي مشي ساعة حسب تعبير المجاهد الجيلالي بن بحوص وكذلك تصادفوا بجيوش المستعمر قادمة نحو تمرك المجاهدين منهم محدثنا بلمبروك الجيلالي بن بحوص ومكاوي وعبد الرحمان برياح ولعروسي (النهاري ) بقوا منبطحين حيث قال لهم مكاوي (..لا تطلقوا النار حتى أطلق أنا الطلقات الأولى..) كانت بداية إنطلاق شرارة الإشتباكات بين العدو والمجاهدين البواسل ساعدتهم مجموعة أخرى كانت متمركزة في وضعية جيدة وأسقطوا حوالي 14 جنديا من القوات المعادية على سفوح جبل (قروز )حيث كان يوما اسودا على فرنسا وبعد ذلك قامت القوات الفرنسية بدعم هجوماتها بالمدرعات والسلاح الثقيل والطائرات وتواصلت الإشتباكات حتى أصيب المجاهد بلمبروك الجيلالي بن بحوص بجروح خطيرة على مستوى الركبة اليمنى ونقله رفقاؤه إلى قسم التمريض بإحدى المراكز الثورة وفي إشتباكات أخرى بضواحي جبل (قروز ) بالجهة أخرى حيث سقط حوالي25 جنديا فرنسيا كان درسا ضروسا لقوات الفرنسية التي إنهزمت في مراحل معركة جبل (قروز ) بضواحي بشار بفعل العمل المسلح المحكم والمنظم من قبل فلذات الشعب الجزائري.وللتذكير بان خلال سنة 1967 كان المجاهد بلمبروك الجيلالي من بين أفراد البعثة الجزائرية التي أرسلها إلى القاهرة الراحل الهواري بومدين كلفها بقضية الفلسطينية بقناة السويس.