أججت الثورة الجزائرية التحريرية الكبرى، مشاعر الكثير من المبدعين العرب من شعراء وروائيين وفنانين، وألهمتهم ليترجموا ذلك إلى كتابات وأعمال وثقتها الذاكرة التاريخية، لتكون اليوم شاهدة عيان على عظمتها، كيف لا وهي من ضربت مثالا للصمود والحرية التي قام بها أبطال الجزائر الأحرار. شكلت الجزائر والثورة الجزائرية موضوعا في كثير من الإبداعات العربية وغير العربية كما أسلفنا، وقد كانت استجابة الأدب العربي استجابة وجدانية بالأساس لأنه كان طافحا بالإحباطات والخيبات، ولأن الظرفية المساوقة كانت محرجة ومشجعة كذلك، فوجد في موضوع الثورة وفي أبعادها التاريخية والسياسية والجيو سياسية مرتكزا للتغني بما يعيد له الثقة في النفس وبما يمكن أن يُرهص بواقع مغاير وبمستقبل أحسن، ولذلك فقد اعتمد لغة الصراع والملاحم، وصور البطولات والتضحيات والانتصارات في تكوين بنياته وتضمين رؤيته لحركية التاريخ الجديد. وقد عرفت الجزائر في تاريخها الحديث والمعاصر أحداثا كثيرة استأثرت باهتمام المؤرخين والسياسيين وعلماء الاجتماع وغيرهم، كما تناولها الأدب شعرا وروايات وقصصا ومسرحيات وغيرها، ومن ذلك مثلا ما جمعه عثمان سعدي في كتاب "الثورة الجزائرية في الشعر العراقي"، "قصائد سليمان العيسي في الثورة الجزائرية"، و«مقطعات حنا أبو حنا، سميح القاسم، صلاح عبد الصبور، نزار قباني وغيرهم كثير. كما لا يخلو الإنتاج الروائي والمسرحي من إبداعات في موضوع الجزائر بعامة وفي الثورة الجزائرية على وجه الخصوص، مثل مسرحية مأساة جميلة العبد الرحمان الشرقاوي، ومثل رائعة خيول الشمس... ملحمة الجزائر للأديب الفرنسي جول روا، والأمثلة العديدة من مختلف الأقطار العربية، تنضح بدلالاتها الأدبية والفكرية والعاطفية والتخييلية التي لا يخطئها التحليل الرصين، وكثيرة هي الروايات التي اتخذت من الجزائر أو من الثورة الجزائرية موضوعا لها، ولا نتحدث عن الأدب الجزائري مكتوبا بالعربية أو بالفرنسية، فهو حافل بعطاءات جمة ومتميزة تعرض بصورة أو بأخرى وقائع الاستعمار والكفاح وحتى ما بعد الاستعمار، لكننا نشير فقط إلى ما زخرت به الرواية العربية في مختلف أقطارها، من اتصال مباشر أو غير مباشر بأحداث الجزائر بعامة أو بأحداث الثورة ومواجهة الاستعمار على الخصوص، كما أقيمت دراسات كثيرة حول روايات جزائرية أو عربية ذات صلة بالموضوع، الأمر الذي جعل موضوع الثورة الجزائرية ماثلا بشكل قوي في الإنتاجات الروائية إن على مستوى الإبداع أو على مستوى النقد.