كشفت الصين عن ورقة الطريق الثانية لدعم التنمية في إفريقيا , خلال القمة الصينية الإفريقية السادسة المنعقدة في جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا بين 1و5 ديسمبر الجاري , و لخصت الورقة من خلال خمسة أجزاء و عشرة برامج التوجهات الرئيسية لسياسة الصين حيال إفريقيا على مدى السنوات العشر القادمة . و من ذلك أن الرئيس الصيني سارع لدى افتتاح القمة إلى الإعلان عن تخصيص 60 مليار دولار لدعم التنمية في إفريقيا , و هو غلاف مالي يعادل تقريبا 3 أضعاف الدعم الممنوح للقارة خلال القمة السابقة التي جرت في 2012 , علما أن 5 ملايير دولار من المساعدة المعلن عنها ستمنح في شكل قروض بدون فوائد بينما تكون 35 مليار دولار عبارة عن قروض بفوائد تفاضلية حسبما أوضحه الرئيس الصيني , الذي التزم كذلك بمسح الديون التي ينقضي أجل تسديدها في نهاية العام الجاري من فئة القروض بدون فوائد الممنوحة لبعض الدول الإفريقية . و بخصوص المشاريع تعرض الصين مشوعها الضخم للمنشآت القاعدية و الصناعية يشمل سكة حديدية للقطارات السريعة و شبكة طرق سيارة و شبكة نقل جوي ذات بعد جهوي , و على سبيل المثال فإن شركة صينية تتكفل بإنجاز سكة حديدية بكلفة 12 مليار دولار بنيجيريا . و كذا تخصيص 10 ملايير دولار من طرف بنك"3إكسيمبنك " لوصل ميناء مومباسا بنيروبي مما يقسم تكلفة النقل على ثلاثة بكينيا , و يخلق حوالي 200 ألف منصب عمل بنيجيريا . و عموما أضافت الصين القارة الإفريقية إلى قائمة اهتماماتها حيث تحركت ، من اجل تامين تدفق النفط والحصول عليه من القارة الإفريقية من خلال استراتيجيه تقوم على عدة محاور: من اهمها انشاء عدد من الادارات الخاصة لتنمية العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الدول الأفريقية وتوسيع اختصاصات بعض الاجهزة والادارات القائمة لتشمل كل اطر التعاون المشتركة، وتيسير انشاء عدد من المراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني الصيني المختصة بالشؤون الإفريقية، ومنها ان بكين تلعب دور المورد للسلاح لبعض الدول الإفريقية . كما استطاعت الصين تقوية علاقاتها الاقتصادية مع أفريقيا عبر منتدى التعاون الصيني الافريقي الذي أنشئ بمبادرة من بكين عام 2000 وضم ستا واربعين دولة إفريقية، ومن اهم إنجازاته إسقاط 1,2 بليون دولار من ديون القارة. وهناك ايضا ًمجلس الاعمال الصيني - الافريقي الذي أنشئ في نوفمبر 2004 بغرض دعم استثمارات القطاع الخاص الصيني في كل من الكاميرون، وغانا، وموزمبيق، ونيجيريا، وجنوب إفريقيا، وتنزانيا، كما ان التجارة المتبادلة بين الصين وأفريقيا تزيد حاليا على ثلاثين بليون دولار. لا ننسى في هذا السياق دور الجالية الصينية في إفريقيا، حيث اتجهت معظم الهجرات الصينية الي أفريقيا من المقاطعات الجنوبية من الصين وجزيرتي تايوان وهونج كونج. وقد اتوا الى أفريقيا كعمال تعاقدت معهم شركات التعدين الاوروبية العاملة في إفريقيا، كما كان في مدغشقر وجنوب إفريقيا وموريشيوس وجزيرة رينيون. وبعد انتهاء مدة عمل هؤلاء العمال مع هذه الشركات لم يعودوا الى الصين وانما مارسوا الاعمال التجارية والتي اقتصرت في البداية على بيع الحاجات اليومية للعمال الصينيين الذين ما يزالون في عملهم مع الشركات الاجنبية. كما وجدت جالية صينية في غرب القارة الافريقية في نيجيريا. وارسلت الصين قوات عسكرية لحماية اآبار انتاج البترول والغاز الطبيعي في دول افريقية، مثل السودان، واستغلت الصين خروج الولاياتالمتحدة من السودان عام 1995 لتحظى باستثمارات نفطية حتى اصبح اكثر من نصف صادرات السودان النفطية يذهب الى الصين.تمكنت شركات النفط الصينية من شراء 40% من اسهم "شركة النيل الاعظم" النفطية فى السودان والتي تضخ ثلاثمائة الف برميل يومياً. كما قامت شركة "سينوبك" الصينية بانشاء خط انابيب بطول الف وخمسمائة كيلو متر لنقل الإنتاج النفطي الى ميناء بور سودان على البحر الاحمر ومنه الى ناقلات البترول المتجهة الى الصين. و هكذا تحاول الصين أن تعوض نفوذ الاستعمار للقوى الكولونيالية التقليدية و الحديثة , بنفوذ الاستثمار , و لو أنه استثمار يقدم خدمة مصالح الطرف المانح على مصالح المستفيد .