لم تدخل الصين إلى القارة الافريقية من باب الاستعمار الجديد و بسط النفوذ تحت مسميات كثيرة كما تفعل الولاياتالمتحدةالأمريكية و فرنسا و أيضا دول أوربية أخرى مثل البرتغال و بريطانيا بل أقامت الصين شراكة جوهرية مع بلدان إفريقيا على أساس تقاسم المنفعة و عبرت عن نفسها في مجالات ثلاثة لم يعد ينافسها فيها أحد و تتمثل في : عقد اتفاقات تجارية مع 41 بلداً أفريقياً ولذلك تضاعف التبادل التجاري بين الصين والدول الأفريقية بنسب فلكية فبينما كان حجم هذا التبادل 12 مليون دولار في الستينات بلغ 55مليار دولار عام 2006 ووصلت صادرات الصين إلى هذه الدول حوالي 26 مليار دولار عام 2005 ووارداتها 28 مليار دولار. وبلغ حجم هذا التبادل بين الطرفين 100 مليار دولار عام 2010 وقد أعفت الصين منتجات أفريقية من الرسوم الجمركية تنتمي إلى 190 فئة ضريبية في 28 بلداً أفريقياً. أما المجال الثاني فهو الاستثمار حيث بلغت استثمارات الصين 11 مليار دولار في 49 بلداً إفريقيا عام 2006 وتوزعت هذه الاستثمارات على التصنيع والمواصلات والنقل والزراعة والبتر وكيماويات والكهرباء والاتصالات والري والتعدين والسكك الحديدية وغيرها. فبنت مثلاً 6000 كم من الطرق و 3000 كم من السكك الحديدية و 8) محطات كهرباء ونفذت بالإجمال حوالي 700 مشروع خلال السنوات السبع الماضية فضلاً عن إلغاء بعض الديون وتقديم قروض ميسرة وركزت على تطوير استثمار النفط والنحاس والبوكسيت والمغنزيوم واليورانيوم والحديد وغيرها من المواد الأولية كما أن السياسية الصينية في إفريقيا بقيت ضمن بعد واحد هو البعد الاقتصادي إذ ذأكدت على سيادة بلدان إفريقيا واحترمت هذه السيادة ولم تهتم بأساليب الحكم القائمة ولا بمدى تطبيق حقوق الإنسان وأظهرت تعاطفها مع هذه الدول في كل مناسبة و كانت داعمة للقضايا الأفريقية أما السياسة الأوروبية تجاه إفريقيا فقد اهتمت بتحديد الهجرة إلى أوروبا وبشؤون البيئة وحقوق الإنسان وبضرورة إقامة الإصلاحات السياسية وهذه جميعها لا تلقى ترحيباً من معظم الأنظمة السياسية الأفريقية لقد تراجع النفوذ الأوروبي السياسي والاقتصادي على البلدان الأفريقية أمام شدة النفوذ الأميركي واتساع التواجد الصيني ومن المتوقع أن يكون الدور الأوروبي ثالثاً في إفريقيا بعد الدور الأميركي والصيني وأن يفقد أولويته ولا يستطيع الأوروبيون لأسباب موضوعية أن ينافسوا النفوذ الاقتصادي الصيني المتنامي في إفريقيا والسياسة الأميركية الضاغطة. طيلة العقد الماضي والاقتصاد الصيني يتوسع بمعدل ظاهر ما تطلب موارد هائلة وخاصة و قد ترافق هذا الطلب مع هبوط الإنتاج المحلي من البترول وعدم كفاية ما تنتجه الصين من الفحم ما حتّم على بكين البحث عن مصادر خارجية مستقرة للمحروقات وأصبحت الصين في عام 2004 ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولاياتالمتحدة.ومن المتوقع أن يزداد استهلاك الصين من النفط بنسبة 10 في المائة سنوياً بينما يتوقع أن تزداد واردات الصين من النفط والغاز من 33 في المائة حالياً من احتياجاتها الإجمالية من النفط والغاز إلى 60 في المائة في عام 2020. ولا ينمو الإنتاج الآسيوي من النفط والغاز بالسرعة الكافية لتلبية الاحتياجات الصينية علماً بأن جزءاً كبيراً من النفط والغاز اللذين ينتجهما الشرق الأوسط يخصص في العادة إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية. وفي محاولة منها للسيطرة على احتياجاتها الاستهلاكية من النفط والغاز في ظل ارتفاع أسعار الأسواق الفورية بشكل حاد ركزت بكين على البلدان الإفريقية كأهداف محتملة للاستحواذ على الشركات المنتجة للمواد الهيدروكربونية فيها.وتشير التقديرات إلى أن 25 في المائة من واردات الصين الإجمالية من النفط يأتي حالياً في إفريقيا مما حدا بالصين إلى أن تضع في أعلى سلم أولوياتها الاحتفاظ بعلاقات قوية مع موردي الطاقة الإفريقيين وذلك عير الاستثمار والزيارات التي يقوم بها كبار المسؤولين والالتزام بسياسة "عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك البلدان. استثمرت الشركات التابعة للحكومة الصينية مليارات الدولارات في العملات الأجنبية واستخدمت الموارد الهندسية والإنشائية الصينية للبنى التحتية الخاصة بتطوير موارد النفط والغاز والمعادن وغيرها من المصادر الطبيعية في عشرات البلدان الإفريقية ومن بينها الجزائر وانغولا و الجابون ونيجيريا والسودان وزمبابوي.والهدف الواضح للاستثمارات الصينية الجديدة في الطاقة الإفريقية هو تكملة وارداتها النفطية من الشرق الأوسط. التوغل الهادئ للتنين الأصفر