هذا المقال ليس على ميزان الدراسة التي قدمها تودوروف " الأدب في خطر" ، لأن الأدباء لا يمكنهم أن يتحدثوا عن ضرورة الأدب في الحياة مفصولا عن سياقه التطوري ، وهل ما زال يملك تلك الخصوصية في المجتمعات الصناعية، أو حتى في المجتمعات الريعية والبترولية المتهالكة، إن لم يطرحوا أساسا موضوع النقد؟ هل نملك من الأجهزة والوسائل و المناهج ما يُمكِّن أن تكون لدينا رؤية واضحة للعالم ،أم أن هذه الرؤية أصبحت للأسف في خطر ؛إما لأنها ذابت في غيرها أو لأن دورها احتبس في أزمنة قديمة و أصبحت رؤية آخر زمنيا، ونحتاج اليوم إلى تفعيل شامل لرؤيتنا لذلك حق علينا أن نطرح ذلك التساؤل أن النقد في خطر؟ إن الذات العربية مريضة بصناعة الأوهام واستحداثها كل مرة في ثوب جديد ،ذات بقيت تلوك فقط كل مقولات الماضي بكل جبروته،ذات منتفخة في مخيلة الانتصار العريق،ذات تعيش داخل أنظمة و أسيجة ومراكز لا تصنع شيئا، سوى أنها تصدر الفشل،هل يستطيع أحد أن يقول لي ماذا نفعل في الجامعات ؟ هل نستطيع أن نقف أمام تلك الخرافات التي نسميها بحثا علميا، وهي بحوث معزولة ومفصولة عن سياقها الاجتماعي و الاقتصادي ؟ أتصور أنني فشلت في نقد البني التحتية لهذه المجتمعات،أتصور أن مؤسساتنا الاجتماعية ومراكز البحث هي مجرد مباني مليئة بالأحقاد و الأمراض ، مرة قال الفيزيائي المصري الشهير وعالم نوبل "أحمد الزويل" إننا في جامعاتنا العربية نعمل على قتل العبقرية أو إفشال الناحج، كلمته كانت قريبة من هذا ..هذه الهيئات السلفية و المدرسية التي تُكرِّس كل مرة أشكال الأحكام القبلية،تُكرِّس القَدامة ، إنها مؤسسات لا تفكر بقدر ما تعتمد على ترديد المقول ، دون فحص ولا تدقيق ،تُنَمِّي أشكال الإدانة وتُوسِّعُ من العقاب و تعمل على قتل الفرديات والعبقرية و التميز، مراكز و مؤسسات تسير بمنطق ريعي ،غير فاعلة متآكلة من الداخل ،لم تربط علاقتها جيدا بالعالم الخارجي،مراكز في خدمة السلطة السياسية،و ليس في خدمة الإنسان،لم تتجانس مع المحيط أبدا ..يتبع