لا يزال مشكل التدفئة بمدارس ولاية وهران قائما رغم التوصيات والتعليمات الصارمة للوزارة المعنية بضرورة تزويد هذه المؤسسات التربوية بالمدفآت بهدف التحسين من نسبة التحصيل المدرسي لا سيما على مستوى المناطق المعزولة التي تفتقر لحجرات التدريس بها على التدفئة مما يجعل التلاميذ طيلة ساعة الدراسة "خارج الخدمة|" حيث يفقدون التركيز مع المعلم نتيجة البرد القارس لا سيما مع حلول فصل الشتاء. وما يزيد من معاناة هؤلاء التلاميذ هو إهتراء بعض الأقسام لا سيما تلك الموجودة بمدارس قديمة وفي بعض الأحيان تفتقد هذه الحجرات إلى زجاج النوافذ التي كثيرا ما تتعرض للكسر خلال فصل الشتاء الأمر الذي يدفع المعلم إلى الإستنجاد بقطعة بلاستيك أو "كرطون" عوض الزجاج تجنبا لتسرب الأمطار والرياح وانخفاض درجة الحرارة حسب تصريح بعض أولياء التلاميذ الذين أكدوا أنهم كثيرا ما يطالب أبناؤهم بدفع مبالغ رمزية تصل إلى 30 أو 50دج قصد تصليح النوافذ أو الزجاج المكسر، الأمر الذي يجعل ذويهم مجبرين على ذلك أمام إلحاح الأبناء. صفقات التدفئة معلقة !! وببلدية وهران مثلا يعرف برنامج تزويد المدارس الإبتدائية بالمدفآت تأخرا فادحا لا سيما إذا علمنا أنه يعود لنحو 5 سنوات حيث كثر الكلام عن هذا البرنامج الهام وفي كل مرة تمنح الجهات الوصية للقائمين على تجسيد مشروع تزويد المؤسسات التربوية بالتدفئة مهلة لبضع أشهر إلى درجة أن أولياء التلاميذ تنفسوا آنذاك الصعداء وظنوا أن مشكل التدفئة سينتهي قريبا لكن هيهات ولا تزال لحد الآن نحو 120 مدرسة إبتدائية على مستوى بلدية وهران لوحدها تنتظر هذه الأجهزة منذ الإعلان عنها ولا تزال حجرات التدريس تتحول مع حلول فصل البرد إلى غرفة للتبريد على حد وصف أحد أولياء التلاميذ والسبب هو طول الإجراءات الخاصة بصفقات هذه المشاريع التي خصصت لها الدولة ملايير الدينارات قصد تحسين التحصيل الدراسي لأبنائها التلاميذ الذين يفتقدون لعدة ضروريات على غرار الوجبات الساخنة التي لا تتوفر بالمطعم وتكتفي بعض المدارس على تقديم "الخبز" و"الجبن" و"الياغورت"، فيما لا يزال تلاميذ مدارس أخرى يصارعون الجوع إلى حين إنتهاء الدراسة في الفترة المسائية وتصوروا هؤلاء أيام البرد القارس والرياح الهوجاء والأمطار الرعدية أمام المدخل الرئيسي لمؤسساتهم التربوية "ينهشون" فيما إستطاعوا جلبه من منازلهم أو شراءه من المحلات القريبة من خبز وما شابه ذلك. صراع المنتخبين وراء تجدر المشكل وحسبما تسرب لنا من معلومات فإن الإجراءات المطولة لتمرير صفقات تزويد المدارس التربوية بالتدفئة قد تم تجميدها العام الماضي بسبب توقف لجنة الصفقات بالمجلس الشعبي البلدي إضطراريا عن العمل نتيجة الملاحقات القضائية التي طالت عددا من أعضائها. وقد شرعت البلدية في إجراءات تتعلق بمشروع تزويد 70 مؤسسة تربوية بالمدفآت من أصل 120 مدرسة تفتقر إلى التدفئة نهائيا وذلك على مراحل وهو المشروع الذي رصدت له نحو 50 مليون دج وتم إلغاؤه عقب "فضيحة" عدد من أعضاء اللجنة نتيجة المتابعات القضائية ليتم بعثه من جديد هذه السنة. وحسب نفس الأوساط التي سربت الأخبار فقد سبق لسونلغاز أن رفضت ربط بعض المدارس بالغاز الطبيعي وتشغيل أجهزة التدفئة بحجة أن عملية التوصيل غير مطابقة للمعايير والشروط المعمول بها، الأمر الذي أسال الكثير من الحبر حول كيفية إختيار المقاولات والمؤسسات المنجزة لمشروع تزويد المؤسسات التربوية بالتدفئة، مما أثر سلبا على السير الحسن للبرنامج الولائي الذي يندرج ضمن مخطط وطني لتزويد مدارس الوطن بالتدفئة، وجعل التلاميذ يدرسون تحت رحمة البرد القارس والرطوبة العالية التي من شأنها التأثير على تحصيلهم الدراسي لا سيما تلك الفئة المحرومة من المتمدرسين وذات الدخل الضعيف والمحدود. 90 مدرسة مبرمجة والعملية على مراحل وأكدت مصادر عليمة من بلدية وهران أن قسم الأشغال والصيانة برمج هذه المرة 90 مدرسة كشطر أول ليتم تزويدها بالتدفئة ووضع حد نهائي للمشكل بهذه المؤسسات المتواجدة على تراب البلدية. وأضافت المصادر ذاتها أن الملايير المخصصة لذلك مقتطعة من ميزانية البلدية في إطار برامج التنمية البلدية (PCD) . أما الشطر الثاني من البرنامج فقد خصصت له مبالغ مالية تصل إلى 3 ملايير سنتيم حيث يوجد الملف على طاولة لجنة تقسيم العروض للدراسة، فيما خصصت بلدية وهران 5 ملايير سنتيم أخرى لتجسيد الشطر الثالث والذي يدخل في إطار برنامج التنمية البلدية لسنة 2010 وسيمس 30 مدرسة إبتدائية تقوم المقاولة التي ترسو عليها الصفقة بتجهيز هذه المؤسسات التربوية بالمدفآت، علما أن عروض المقاولات المهنية بالمشروع أودعت لدى المصلحة المعنية وتم في 7 نوفمبر الجاري فتح الأظرفة حيث يوجد ملف الصفقة حاليا على طاولة لجنة تقييم العروض بالمجلس الشعبي البلدي. لجان مراقبة لتفتيش المدارس هذا وذكرت مصادر عليمة بالقطاع أن وزارة التربية كانت قد هددت رؤساء البلديات والمسؤولين المحليين وطالبتهم بضرورة توفير التدفئة بالمدارس وذلك على المستوى الوطني وألحت ذات الهيئة الوصية على إحترام هذه التعليمات وقصد متابعة الأوضاع والسير الحسن للبرنامج الوطني الخاص بتزويد المؤسسات التربوية بنظام التدفئة تم تخصيص لجان مراقبة مكلفة بالتفتيش دوريا حول الأوضاع الداخلية للمدارس وتقديم تقارير مفصلة حول الملف الكبير الذي خصصت له الحكومة نحو 15 مليار دج قصد تجسيده وضمان شروط مواتية للتحصيل الجيد للتلاميذ بالمدارس والمؤسسات التربوية. وكانت موجة البرد التي إجتاحت مناطق الوطن لا سيما الداخلية وراء فضح القائمين على تجسيد المشروع وسوء تسييرهم لعملية تزويد المدارس بالوقود والغاز الطبيعي والمدفآت حيث أودع العديد من أولياء التلاميذ شكاوى لدى مديريات التربية والوزارة الوصية حول المعاناة والمآسي التي يعيشها أبناؤهم المتمدرسون جراء غياب عنصر التدفئة بمدارسهم مناشدين الجهات المعنية بالأمر بضرورة التدخل لحماية التلاميذ وضمان لهم جوا دافئا خلال موسم البرد يساعدهم على التحصيل الدراسي والتركيز. يذكر أن إنشاء لجان المراقبة لتفتيش المدارس التربوية جاء وفق ما ينص عليه قانون موظفي التربية حسب مادته رقم 08-315 والهادف أصلا إلى المتابعة ودحر المسؤولين الذين عبثوا بمصير تلاميذنا.