تصوير: بشير زمري يعاني التلاميذ في مختلف الأطوار من مشكل التدفئة حيث تصعب عليهم الدراسة في فصل الشتاء، ليقف البرد حائلا بينهم وبين التحصيل العلمي. فمن المسؤول عن برودة أقسام تحوّلت إلى "ثلاجات!"، ومن يكفل للتلاميذ مدفئات موصولة بالغاز الطبيعي، تمكنهم من استيعاب درس معلّمهم بدل التصارع مع موجات البرد؟ * * البلديات تزوّد المدارس ب 200 لتر مازوت خلال ثلاثة أشهر * أولياء يقطعون الطريق ويمنعون أبناءهم من الدراسة * * * جولتنا بمؤسسة الشهيد محمد ولد السعيد بالدويرة أوضحت إلى أي حد يعاني التلاميذ في فصل الشتاء، حيث وجدنا المياه تقطر من الأسقف بالأقسام، ما كان سببا في عدم تشغيل المواقد وحرّم بالتالي التلاميذ من التدفئة، حيث تم تجديد المواقد ل6 أقسام من بين 10 حجر بالمؤسسة، تعتمد في تشغيلها على مادة المازوت بمدرسة الإخوة رمضاني بالرمضانية. * والغريب أن البلدية تزوّد المدرسة بكمية 200 لتر مازوت في الثلاثي، ولا تزيد عنها في أي حال من الأحوال مما يضع المؤسسات أمام حتمية تدريس التلاميذ في أقسام "ثلجية!" لا تصلح لأن يمارس فيها أي نشاط تربوي. * وعن هذه الأوضاع ذكرت لنا إحدى المعلمات "إننا نضطر إلى غلق الباب حتى نوفر جوا دافئا"، كما يتمسك التلاميذ بلبس معاطفهم خشية الإصابة بالبرد، في حين يجبرهم معلمون أخرون على خلعها بالرغم من البرد. * وروت أخرى أن "التلاميذ لا يركزون خلال شرحنا للدرس بل ينشغلون بتسخين أجسادهم، في حين لا يجد معلمون أخرون من حيلة غير إحضار مواقد كهربائية من المنزل لتقديم الدرس في أحسن الظروف". * وتواجه مدرّسات أقسام الطور الأول مشكلا يتمثل في تبوّل التلاميذ من شدة البرد، وكذا عجزهم عن الذهاب إلى المراحيض، وهي مشاكل يتحملها المدرسون لوحدهم في ظل غض طرف المديرين عنها. * * المطالبة بتسيير الإبتدائيات من طرف مديريات التربية بدلا عن البلديات * * يعاني التلاميذ بالمؤسسات التربوية بولاية الجلفة كثيرا، جرّاء البرد القارس في فصل الشتاء، نتيجة قدم بعض تجهيزات المؤسسات التربوية، إضافة إلى انعدام التدفئة، لعدم توفر مادة "المازوت" أو لغياب ربط هذه المؤسسات التربوية بالكهرباء. * وتشرف البلديات على تسيير الابتدائيات، في حين تسيّر مديرية التربية الإكماليات والثانويات. * وقد استفادت الإبتدائيات بولاية الجلفة والبالغ عددها 495 من غلاف مالي تجاوز 80 مليار سنتيم، في إطار دعم الصندوق المشترك للجماعات المحلية، لترميم الإبتدائيات الآيلة للسقوط وتدارك نقائص أخرى، كالتجهيز والتدفئة. * وتعرف عديد الإبتدائيات غيابا للتدفئة في هذا الفصل، كمدرسة "مسكّة"، "عين زينة"، لاعتمادها على مادة "المازوت"، مما يجعل درجة حرارة الأقسام لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في الخارج. * ويشكل نقص مادة "المازوت" هاجسا لدى تلاميذ التجمعات السكانية التابعة لبلدية سيدي بايزيد، "رؤوس لخراط"، "قندوزة"، "عين أولاد فاطنة"، "الجعيمة". * وتتحمل البلديات المسؤولية في توفير مادة "المازوت" للإبتدائيات، حيث اشتكى مديرون عدم قدرتهم على المزاوجة بين دورهم التربوي داخل المؤسسات التربوية، وتواجدهم الدائم بمكاتب رؤساء البلديات للمطالبة بهذه المادة. * وأدّت هذه الوضعية إلى مطالبة عديد المديرين بضرورة التفكير في منح التسيير المالي لمديرية التربية بدل البلديات، لضمان تجاوز المشاكل المطروحة. * * سرقة شبكة الغاز الطبيعي تحرم التلاميذ من الدفء * * كشفت لجنة التربية والتكوين للمجلس الشعبي الولائي بسعيدة عند معاينتها وضعية المؤسسات التعليمية بدائرة الحساسنة عن معاناة تلاميذ متوسطة مخلوف قاسم من نقص التدفئة بسبب تأخر عملية ربطها بالغاز الطبيعي، وهو نفس المشكل الذي تعاني منه ثانوية أولاد إبراهيم. * وفي سيدي بوبكر سجّلت اللجنة انعدام التدفئة المركزية لمتوسطة الشهيد بن صواف، إضافة إلى توقف التدفئة المركزية بمتوسطة أبي راس الناصري وعدم صلاحية شبكة أنابيب التدفئة المركزية بمتوسطة فرح عيسى ببلدية سيدي أعمر، وكذا عدم ربط شبكة التدفئة لخمس مدارس ببلديتي سيدي أعمر وأولاد خالد بالغاز الطبيعي. * وتعطلت التدفئة المركزية بمتوسطة بلدية سيدي أحمد وعدم ربطها بالغاز الطبيعي، وكذا عدم صيانة الشبكة بقرية أم الدود، في الوقت الذي تنعدم فيه التدفئة بمتوسطة سيدي أمبارك بعين الحجر لعدم ربط المؤسسة بالغاز الطبيعي. * أما في عاصمة الولاية فتنعدم التدفئة بمدرسة الشهيد بن شيخ لخضر بسبب تعرضها إلى سرقة شبكات الغاز الطبيعي في حين التدفئة المركزية متوقفة بمتوسطة الجاجي عبد القادر. * واحتج المعلمون بمدرسة خالد بن الوليد بأولاد إبراهيم خلال زيارة الوزير إليهم الأسبوع الفارط على تأخر ربط المدرسة بغاز المدينة مما استدعى تدخل مفتشية المقاطعة وفدرالية أولياء التلاميذ لتهدئة الوضع. * وذكرت مصادر موثوقة للشروق اليومي أن البلديات ترجع سبب عدم تكفلها بمشكل التدفئة إلى عجزها المالي وضعف ميزانيتها، كما تشكل عملية تأخر ربط عديد من المدارس بالغاز الطبيعي هاجسا كبيرا لدى المسؤولين المحليين بسعيدة. * مشكل التدفئة بالنعامة يظهر أكثر بالمناطق النائية كالغرطاسة، أوزغت، مكاليس، حيث يشتكي أولياء التلاميذ كل سنة من نقص التدفئة المدرسية إلى درجة الانعدام وهو ما يجعلهم يخشون على صحة أبنائهم. * ولاتزال التدفئة بأغلب المدارس لا تفي بالغرض نظرا لسرعة تعطل المدفئات، كما أن استخدامها مرهون باستعمال مادة المازوت في الحظائر البلدية وتتفاقم أحيانا مشكلة التموين بهذه المادة ، حيث تتنصل الجهات الوصية من مسؤوليها في القيام بالعملية على أكمل وجه. * * مدافئ تعود إلى سنوات الثمانينيات بمدارس المسيلة * * كما تتخبط عديد من الإبتدائيات بالمسيلة في نفس المشكل خاصة بالمناطق الجنوبية النائية، حيث يصعب على المعلمين مواصلة التدريس، أما في المدارس التي تتمتع بالتدفئة فإن الحارس يقوم بإيقاد المدافئ ساعتين قبل دخول التلاميذ مما يجعل الكمية الخاصة بهم تنفذ قبل الوقت المحدّد ويخلق أزمة تزويد في المرة القادمة. * وطالب عديد من الأولياء وحتى رؤساء البلديات في لقاء بهم مع الشروق اليومي بتزويد مختلف المدارس بغاز المدينة بدلا من المازوت من أجل ضمان التدفئة لكل التلاميذ. * وتعاني عديد من المتوسطات بالمسيلة من انعدام التدفئة، تضم في أغلب الأحيان أزيد من 600 تلميذ، لأنها تنتظر تزويدها بالمدافئ لكن البرد سيكتسح المدارس والمشاريع لم تعرف أي بداية بعد. * وتوجد من المدافئ المستخدمة ما يعود تاريخها إلى سنوات الثمانينيات ولم تجدد إلى يومنا هذا، وفي هذا الإطار أشار رئيس بلدية المطارفة إلى أن مديرية التربية منحت لنحو 12 مدرسة ما يعادل 20 مدفأة بغرض تجديدها، فيما تبقى في حاجة إلى نفس العدد لتجديد كل المدافئ بهذه المدارس. * وسبق وأن أشارت لجنة التربية والتعليم والشؤون الثقافية بالمجلس الشعبي الولائي إلى أن بعض المتوسطات يعاني من خلل في التدفئة المركزية. * * أولياء يقطعون الطريق ويمنعون أبناءهم من التمدرس بخنشلة * * في أول موجة برد شديدة اجتاحت ربوع ولاية خنشلة عاشت منتصف الشهر الفارط أغلب المدارس الابتدائية بالمناطق الجنوبية احتجاجات عارمة شنّها عدد من تلاميذ الطور الابتدائي بمساندة من أوليائهم، احتجاجا على انعدام ونقص التدفئة داخل الأقسام، مما أجبر التلاميذ على مغادرة الأقسام باتجاه منازلهم بحثا عن الدفء أمام قسوة الجو الذي تعرف به مناطق الشرق الجزائري. * ودخل معلمو أكثر من 15 ابتدائية بأولاد رشاش بخنشلة في إضراب عن العمل وامتنع تلاميذهم عن الالتحاق بمقاعد الدراسة احتجاجا على انعدام التدفئة داخل الحجرات مطالبين السلطات المحلية بالتدخل وتوفير التدفئة. * ورفض الطاقم التربوي رفع الإضراب على اعتبار أن درجة البرودة داخل القسم لا تسمح للأستاذ التحرك ورفع القلم، فكيف يمكن لطفل دون سن العاشرة التعامل مع ذلك. وقد برّرت مديرية التربية أسباب انعدام التدفئة بمشكلة الغاز الطبيعي بعد أن استفادت المنطقة منه، حيث تم إلغاء التدفئة العادية داخل المؤسسات واستبدالها بالغاز، غير أن تأخر الإجراءات كان السبب الرئيسي في المشكلة. * ذات الأجواء عاشتها الأسبوع الفارط وقبله عدة مشاتي وقرى تقع بأقصى المناطق الحدودية مع ولاية باتنة عبر إقليم الرملية وجبال بوحمامة. * * أقسام تشبه الزنزانات ومديرون متّهمون ب"تجميد" التلاميذ * * تعاني عدة مدارس ابتدائية متمركزة في المناطق الشرقيةبباتنة وخاصة المناطق الجبلية من تذبذب في توزيع مادة المازوت بسبب عجز ميزانيات البلديات، مما بات يهدد التلاميذ بالبرودة في الأقسام وحجرات التدريس. * وتم مؤخرا تخصيص غلاف مالي طارئ للتكفل بهذه المدارس حتى وإن كان الموضوع لم يعد يطرح بنفس حدّة السنوات الماضية-حسب رئيس فدرالية أولياء التلاميذ بباتنة- الذي أكد بصفة رسمية عدم تسجيل أي شكوى منذ بداية هذا الموسم من جمعيات أولياء التلاميذ عدا قضيتين فقط تتعلقان بعدم ربط مؤسستين بشبكة الغاز الطبيعي. * وتبقى 19 إكمالية وثانوية جديدة دون تدفئة بعين توتة نقاوس وبريكة وغيرها من المناطق التي تعرف انخفاضا كبيرا لدرجات الحرارة في فصل الشتاء يصل إلى معدلات تحت الصفر، وهذا ما يهدد الآلاف من التلاميذ ب"التجمد" في مقاعد الدراسة بدل تلقي العلم في ظروف حسنة. * وقد وجهت ولاية باتنة الأسبوع الفارط إرساليات إلى المديرية الجهوية لسونلغاز ومديرية السكن والتجهيزات العمومية بضرورة ربط هذه المؤسسات بالغاز الطبيعي قبل انتهاء الثلاثي الأول. * واتهم الأمين العام لمديرية التربية محمد عبد اللاوي المديرين عبر مختلف المؤسسات التربوية بعدم اكتراث المديرين بمراقبة الأعطاب التي تطال شبكات التدفئة المركزية، مضيفا أنهم مطالبون بتفحص وسائل التدفئة المركزية خلال فترة الصيف وتقديم تقارير عن تلك الأوضاع بدل من تركها إلى غاية الدخول المدرسي. * وذكر نفس المصدر أن هناك نقصا فادحا في عمال الصيانة الخاصة بهذه التجهيزات مايتطلب وقتا كبيرا للبحث عن المتخصصين ويضطرنا في أحيان كثيرة إلى الاستعانة بالحراس لأداء هذه الخدمة. * * أساتذة يحملون المواقد المنزلية إلى الأقسام لضمان التدفئة * * بالموازاة مع ذلك تلقت الشروق اليومي شكاوى هاتفية بولاية تبسة بخصوص قضية التدفئة من وسط الولاية وكذا المناطق النائية، حيث يعاني التلاميذ بمختلف المؤسسات التربوية من نقص التدفئة المدرسية، وشبّهوا حجرات الدراسة بالزنزانات ولم يبق لهم إلا حمل مواقد من منازلهم لضمان تدفئة لهم ولأساتذتهم، وعبّر تلامذة آخرون بأنهم كانوا داخل "ثلاجات!" وعجزوا عن فهم الدروس بسبب البرد القارس، والذي بقي فإنهم سيصابون بأمراض جمة قد توصلهم إلى المستشفيات. * أما في الإبتدائيات فإن المشكلة تتمثل في الإصلاحات والتهيئة التي تعرفها بعض المؤسسات للتخلص من المدافئ الفردية وتحويلها إلى مركزية. * وأبدت مديرية التربية بتبسة استعدادها الكامل لتزويد كل المؤسسات التي هي بحاجة إلى التدفئة سواء عن طريق الغاز أوالمازوت، خاصة وأن 990 مدفأة متواجدة بمخزن المديرية. * وأعرب رئيس مصلحة البرمجة والمتابعة بمديرية التربية بتبسة السيد زايدي أن المشكل الكبير في قضية التدفئة يتمثل أساسا في التعطلات المتكررة، محمّلا المكلفين بتشغيل هذه الأجهزة المسؤولية الكاملة معلقا أنهم يتسببون في تعطلاتها، ملحقين خسائر فادحة تقدر بعشرات الملايين. * وتعتبر بلديات قريقر، بجّن، ثليجان وأم علي من أكثر البلديات تضررا خاصة وان معدل الحرارة فيها يصل إلى 3 درجات تحت الصفر في عزّ الشتاء.