احتضن أمس قسم الفنون الدرامية بجامعة وهران، فعاليات الملتقى الوطني الأول حوارية المسرح والمعارف الإنسانية ، بحضور نائب مدير الجامعة الأستاذ طاهري وعميدة كلية الآداب واللغات الفنون صفية مطهري، الدكتور لخضر منصوري رئيس اللجنة التنظيمية والدكتور أحمد حمّومي الذين تحدثوا عن مسار تأسيس قسم الفنون المسرحية سنة 1987 بفضل عدة أسماء من بينهم الراحل عبد القادر علولة . و قد تم خلال أشغال اليوم الأول من الملتقى عرض شريط وثائقي بعنوان " 29 سنة من التكوين وصنع الجمال" بحضور عدد من الأساتذة والوجوه الفنية المعروفة أمثال الفنان حسان قشاش بطل الفيلم الثوري مصطفى بن بولعيد ، إلى جانب المسرحي المعروف محمد آدار ، الكاتب عبد القادر بلكروي ، الممثل سمير بوعناني، والسيدة رجاء علولة، وقد تم بالمناسبة أيضا تكريم الدكتور سليمان عشراتي أحد مؤسسي قسم الفنون الدرامية بجامعة وهران في احتفالية رائعة ، نوّه خلالها الحاضرون بمسار الرجل الذي أفنى حياته في سبيل التعليم و البحث العلمي . ليفتح بعدها باب التدخلات الأكاديمية التي وقعها كل من الدكتور حمومي ، صفية مطهري ، ناصر اسطنبولي ، فتيحة الزاوي، خيرة حمر العين وغيرهم من الأساتذة الذين تطرقوا إلى عالم المسرح والعلوم الإنسانية، المسرح والعلوم، وكذا محور المسرح وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث أكد هؤلاء أن عصرنا الحالي يشهد تطورا تكنولوجيا ومعلوماتيا هائلا، ما خلق تغيرا وتحولا دائمين في ظل غياب حقيقة ثابتة وواضحة ،ولمواجهة هذا الوضع انفتحت المعارف الإنسانية والفنون والعلوم على بعضها البعض، وأصبح التداخل هو السمة المعرفية والإبداعية اللصيقة بفنون ما بعد الحداثة، وبالتالي لم يعد بمقدورها الاستقرار عند حدودها، فأصبحت علوم العصر هي الأكثر جذبا للاهتمام، كعلوم التأثير، وسائل الإقناع وعلوم التسيير التي تتداخل مع علوم الهندسة واللسانيات، لغة الجسد، علوم الاجتماع ، علم النفس والبيولوجيا ...إلخ، بحيث تتّحد كلها لتستجيب لحاجات الإنسان المعاصر. وأمام هذه الإشكاليات أبرز المحاضرون في الملتقى الوطني أنه حان الوقت لدخول الفن المسرحي في حوارية مع مختلف الفنون والعلوم الإنسانية وكذا التقنيات الحديثة، حتى يتمكن هذا الأخير من مواكبة مستجدات العصر، والتعبير عن متطلبات الإنسان وإيقاع الحياة المعاصرة، فكان لازما على المبدع المسرحي – حسبهم - أن يساير عصره وينفتح على تجارب العلوم بكل تخصصاتها وتنوعاتها، فهذا ما جاء به "باختين" في مقولة الحوارية التي يؤكد من خلالها عدم نقاء أي سلالة بشرية أو معرفية، وأنها قائمة بين الأجناس الأدبية والفنية، وبين الهويات الثقافية ،العلوم، الفنون والمعارف، دليل على ما هو حاصل في السياق المعاصر من تلاحم وتداخل ثقافي وفني ومعرفي، ليس بغرض إذابة الخصوصيات التي يمتاز بها كل علم أو فن أو ثقافة، ولكن بهدف المضايفة، وكلما حسنت الضيافة كلما زاد الثراء والفعالية، وهذه التغيرات الطارئة أصبحت تلح على المسرح الذي يعتبر أبو الفنون وسبّاقا قبل غيره في استضافة كوكبة من الفنون والمعارف، إلى الانفتاح أكثر على كل الاختصاصات الفنية والمعرفية ليواكب هذه الحياة التي أصبحت تتميز بالتسارع والتعقيد والتناقض.