فتحت وهران ذراعيها بكل حبّ لاحتضان المهرجان الدولي للفيلم العربي في طبعته الرابعة بمشاركة نخبة هامة من المخرجين والممثلين العرب الذين نزلوا ضيوفا بالمهرجان للتنافس على جائزة الأهڤار الذهبي حيث تم إدراج 13 فيلما طويلا ضمن منافسة الأفلام الروائية الطويلة و21 فيلما قصيرا تم عرضهم بكل من قاعة سينما المغرب وقاعة السينماتيك حيث عرفت هذه العروض إقبالا كبيرا من طرف الجمهور الوهراني الذي استمتع بالأفلام العربية. رغم أن الظروف لم تكن جيدة بسبب النقائص التي تعرفها هذه القاعات السينمائية، ومن أبرز سمات هذا المهرجان هو التكريم الذي خصّت به السينما الخليجية من خلال علاقة الشاشة بالفنانة القديرة حياة الفهد التي تعتبر من أبرز الفنانات الخليجيات خاصة في المسرح والدراما حيث شاركت في العديد من الأعمال السينمائية الناجحة على غرار فيلم »بس يا بحر« الحاصل على 9 جوائز عالمية وأيضا فيلم »الصمت«، كما وقفت بدورها الممثلة الجزائرية القديرة شافية بوذراع على منصة التكريم وقد عرفها الجزائريون باسم »لالا عيني« وهي الشخصية التي أدّتها في مسلسل »الحريق المقتبس عن الثلاثية الشهيرة للأديب الجزائري الراحل محمد ديب، كما تقمصت العديد من الأدوار في مسرح قسنطينة الجهوي وعبر التلفزيون وكذا السينما التي تألقت فيها من خلال فيلم »مال وطني« لفاطمة بلحاج، و»خارجون عن القانون« لرشيد بوشارب ومن جهة أخرى، فإن المهرجان لم يهمل الشخصية الجزائرية الفذّة للفنان الراحل العربي زكال الذي ودّعنا في سبتمبر الماضي وهو من عمالقة الشاشة الفضية الذين ينتمون إلى الجيل الذهبي الذي صنع مجد السينما الجزائرية ولقيت أدواره استحسانا كبيرا من طرف النقاد والجمهور لا سيما في فيلم »وقائع سنين الجمر« و»الأفيون والعصا«. وعلى هامش هذا المهرجان وخارج إطار المنافسة تم عرض باقة منوعة من الأفلام الخليجية الناجحة على غرار فيلم »بس يا بحر« للمخرج خالد الصديق وفيلم »حكاية بحرينية« لبسام الذوادي، إضافة إلى »دار الحي« للمخرج علي مصطفى وككل طبعة فقد تم عرض الأفلام الروائية الطويلة بقاعة المغرب مثل فيلم »النخيل الجريح« للمخرج التونسي عبد اللطيف بن عمار وهو إنتاج جزائري تونسي، وقد فاز هذا الفيلم بجائزة الأهڤار الذهبي كأحسن فيلم عربي حيث سلمت الجائزة من طرف وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي في حين كان الفيلم المغربي »منسيو التاريخ« هو الآخر من أقوى الأفلام العربية المشاركة حيث فاز مخرجه حسن بنجلون بجائزة أحسن سيناريو دون أن ننسى المشاركة الجزائرية التي تعززت بفيلمين طويلين وهما فيلم »طاكسيفون« للمخرج محمد سويداني وفيلم »الساحة« لدحمان أوزيد الذي حاز على جائزتين خلال المنافسة وهما جائزة أحسن دور نسائي وجائزة أحسن دور رجالي، إضافة إلى أفلام أخرى كالفيلم القطري »عقارب الساعة« لخليفة المريخي، وفيلم »نهاية ديسمبر« للمخرج التونسي معز كمّون، في حين أن المخرج العراقي محمد الدراجي قد كان حاضرا هو الآخر في المنافسة بفيلمه »ابن بابل« إلى جانب المخرج عدي رشيد عثمان الذي جاء من العراق هو الآخر ليشارك بفيلم »كارانتينا« وتحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، أما عن فئة الأفلام القصيرة فقد كانت العروض مميزة خصوصا أن معظم الأعمال تعرض لأول مرة من خلال هذا المهرجان حيث شاركت الجزائر بثلاث أفلام قصيرة وهي »الڤراڤوز« لعبد النور زحزاح و»خويا« ليانيس كوسيم و»المسافر الأخير« لمؤنس خمّار ليفوز بذلك المخرج زحزاح مناصفة مع المخرج التونسي مالك عمارة عن فيلمه »صابون نظيف« بجائزة الأهڤار الذهبي في حين فاز الفيلم السعودي »إسكافي« بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وعلى صعيد آخر، فقد عرف المهرجان تنظيم ندوتين على هامش هذه التظاهرة السينمائية ويتعلق الأمر بندوة النقد السينمائي التي قدمها كل من الناقد السوري علي العقباني والدكتور محرز قروي من تونس وكذا الناقدة المصرية صفاء الليثي حجّاج والناقد الليبي رمضان سليم، أما الندوة الأخرى فجاءت تحت عنوان »سينما وموسيقى واستضافت كلا من الموزع والملحن الموسيقي الجزائري صافي بوتلة، والموزع السوري رمضان نصري إضافة إلى ربيع زموري من تونس والدكتور عبد القادر بن دعماش من الجزائر، وقد عرفت هذه اللقاءات مناقشات موضوعية حول واقع النقد السينمائي بالعالم العربي وكذا إزدواجية الفن السابع بعالم الموسيقى، بحضور ضيوف المهرجان من سينمائيين وإعلاميين. وبعد عرض البرنامج الفني والسينمائي الذي جاء به هذا المهرجان في طبعته الرابعة لا يمكننا سوى التأسف عن الشكل الذي جاء به هذا الأخير، حيث شهد العديد من النقائص التي أثرت سلبا على نجاح التظاهرة، بعد أن انسحب بعض أعضاء لجنة التحكيم لفئة الأفلام الطويلة والقصيرة، على غرار الممثلة السورية »سوزان نجم الدين« والفنانة »ديمة قندلفت« في حين غادر العديد من المخرجين المهرجان قبل انتهائه مثل المخرج المغربي حسن بنجلون وسجل غياب المخرج التونسي الفائز باللقب عبد اللطيف بن عمار. الأسوأ من ذلك أن منظمي المهرجان لم يوجهوا دعوة لأغلب الممثلين الجزائريين مما جعل المهرجان يبدو باردا بشكل كبير وخال من الأجواء الحقيقية لمهرجان سينمائي ناهيك عن انعدام أي جولات سياحية تمكن ضيوف الباهية من التعرّف على مناطقها الجميلة وذلك ما يدفعنا للقول أن مهرجان وهران لهذه السنة قد كان فاشلا بعد أن وجّه صفعة قوية لجميع السينمائيين الجزائريين الذين طالما افتخروا بهذه التظاهرة واعتبروها الواجهة الحقيقية لواقع الفن السابع بالجزائر.