يسكن الهاجس الأمني فرنسا منذ بداية عملية سرفال في مالي 2013 ، فبعد سيطرة الجماعات الإرهابية , مثل : أنصار الدين , وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا على كونا وخوف الحكومة المالية من تقدمها نحو العاصمة طلبت باماكو من فرنسا التدخل العسكري لوقف زحف الجماعات الإرهابية لتنشر فرنسا بعض قواتها ضمن ما اطلقت عليه اسم " عملية سيرفال . ا شنت الطائرات الفرنسية ميراج و رافال المقاتلة ضربات جوية طالت حزاما واسعا من معاقل الإرهابيين , يمتد من غاو و يمر بكيدال في شمال شرق مالي , قرب الحدود مع الجزائر , ويصل بلدة ليرا في الغرب قرب الحدود مع موريتانيا . و لكن هذا التدخل السافر لم يجلب للفرنسيين إلّا مزيد من العمليات الارهابية فمن اعتداءات شاغلي إلى اعتداءات باريس إلى هجوم نيس الذي ضرب فرنسا في عمق موروثها التاريخي و تزامنا مع عيدها الوطني في 14 جويلية الماضي و لم تتوقف الهمجية عند هذا الحد بل كان الاعتداء على كنيسة في قلب نورمنديا و ذبح كاهن تحول نوعي لافت في دموية الارهابيين الذين يحاولون ترويع الفرنسيين و تركيع فرنسا . ويعيد هذا الجدل إلى الواجهة الاتهامات التي صدرت عن اليمين واليمين المتطرف بالتساهل مع الارهاب و منفذيه و الداعيين إليه رغم الاجراءات التي اتخذتها الحكومية اليسارية . ووافق النواب على تعديلات أجراها أعضاء مجلس الشيوخ تحظر التجمعات التي لا يضمن أمنها وتسهل إغلاق أماكن العبادة التي يتم الإدلاء فيها بتصريحات تحرض على العنف والحقد. إ ن العملية الارهابية لها أبعاد جيوستراتيجية، اذ يبدو أن هناك تصميم من جانب الشبكة الارهابية على ايجاد جغرافيا جديدة في أوربا يكون مقرها في فرنسا أو بلجيكا بحسب القدرة على التموقع . و الملاحظ أيضا نوعية العملية التي لم تعد تعتمد على الهجمات الكبيرة بل على الضرب الفردي و الخاطف و استعمال الأحزمة الناسفة. و الكثير من التقييمات لم تكن تدرك بأن هنالك بداية تأسيس لتنظيم داعش في قلب أوروبا السياسي و التاريخي هو حالة حرب وسط باريس ، وهو ما يعكس القدرة على العمل الفجائي والتخطيط والسيطرة على بقعة جغرافية مهمة ، ومن تنفيذ أكثر من عملية ارهابية ، بين تفجيرات ومواجهات بسلاح "الكلاشينكوف .