ما الفرق بين الراقي الشرعي و غير الشرعي لابد أن نحدد مفهوم الرقية حتى لا تلتبس الأمور، فالرقية هي طلب الشفاء للمريض بالدعاء من كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. و من هنا يتضح الفرق بين الراقي الشرعي الذي يلتزم بالأدعية القرآنية و الأوراد النبوية و بين من يتمتم بكلمات مبهمة غير مفهومة لا هي من القرآن و لا من السنة. كما أن الدعاء للمريض لا يحتاج فيه الداعي لمعرفة إسم الأم ولا الأب فمن توجه له الدعاء عليم خبير بعباده ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير. و كل من تكلم بكلام غيبي كمن يذكر للمريض سبب مرضه و من سحره أو مكان السحر و غير ذلك من أمور الغيب فهو ليس براقي شرعي ينبغي اجتنابه و عدم الذهاب إليه أو إحضاره للبيوت. و هذا الفرق هو أن الراقي الشرعي عالم بالشريعة و حدودها، حافظا لكتاب الله و سنة نبيه، عارفا بمكائد الشيطان و حيله، وقّافا عند حدود الله و محارمه، أما الدخيل فلا علم و لا عقل بل دينه مصلحته و غايته شهوته يُلبّسُ على الناس حتى إذا استمكن من ضحاياه أصبح أكثر ضررا من الشيطان نفسه. هل الراقي الذي يتقاضى أجرة يعد شرعيا أم لا؟ صحيح أن حديث أبو سعيد الخدري رضي الله عنه نص على جواز أخذ الأجرة على الرقية، لكن ما يجب التنبيه عليه هو أن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه لم يكن متفرغا للرقية، و لم يتفرغ بعدها للرقية كما يفعل بعض الرقاة اليوم، كما أن أبو سعيد الخدري رضي الله عنه و من كان معه كان بحاجة للأكل و لم يطعموهم أهل الحي الذي لدغ سيدهم. ثم لو تتبعنا التاريخ الإسلامي خاصة في العهد النبوي و ما بعده في صدر الإسلام لما وجدنا عالما و لا أميرا و لا ملكا أمر و لا أذن لراق أن يفتح محلا و لا دكانا للرقية، بل كان الناس يهرعون للعلماء و أهل الفضل والصلاح عند الحاجة، وقد كان الناس يأتون لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما لأجل الدعاء لهم و لما كبُر و ذهب بصره قال له أحدهم: تدعو للناس بالشفاء فهلا دعوت لنفسك؟ فرد عليه قائلا:ابتلينا فصبرنا وابتلوا فلم يصبروا. و لعل ما يجب التنبيه عليه في هذا الباب، أن دافع المتطفلين على الرقية هو تحقيق مكاسب مالية من خلال استغلال مآسي الآخرين و ابتزازهم ماليا وأخلاقيا. هل الأئمة التابعون للوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف مرخص لهم بالرقية أم لا؟. قبل الإجابة لابد أن ننوه على أمرين هامين أولهما أن مهام الإمام المحدد في القانون تشمل عنايته و اهتمامه و تكفله و رعايته لكل ما يتصل بعبادة الناس، فهو بهذا يعتبر حارسا أمينا على الدين، يتأسي به المصلون و يقتدي به رواد المسجد وأهل الحي، و المهام الموكلة إليه تتقاطع مع تفرغه للرقية، مع ما أسلفنا من حكم التفرغ للرقية. كما أن الوزارة المعنية قد استشرفت خطورة الأمر فأصدرت تعليمة وزارية أو على الأصح توجيها في هذا الشأن، تتضمن المحافظة على مكانة الإمام و قدسية المسجد، فمنعت الأئمة من مزاولة الرقية و حظرت استغلال المساجد أو المرافق التابعة لها لهذا الغرض. و من هنا فإن الأئمة التابعون لوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف ممنوعون منعا باتا من مزاولة الرقية بمفهومها الحالي، أما طلب الدعاء للمرضى فلا شك أنه متروك لتقدير الإمام و هو من باب تأليف القلوب. كيف يتم التعامل مع الأئمة الذين يثبت مخالفتهم للتعليمة الوزارية؟ لا شك أن مخالفة التعليمة الوزارية لا يضر بمكانة الإمام فقط بل يمس أيضا قدسية المسجد، ومن هنا فقد سطرت الوزارة العقوبة المناسبة لكل مخالفة، غير أن هذه العقوبة لا يمكن تنفيذها حتى تستوفي الإجراءات المعمول بها لدى مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف لكل ولاية، ابتداء من إحالة الإمام على المجلس العلمي إلى غاية مثوله أمام لجنة التأديب التي تصدر بدورها العقوبة المناسبة للمخالفة، مع احتفاظ المعني بكامل حقوقه القانونية و الإدارية خلال فترة الإحالة. ما حكم الشريعة بخصوص الساحر و المشعوذ؟ السحر و الشعوذة من كبائر الذنوب، و هما موجبان للعذاب في الآخرة، و قد جاءت الآيات و الأحاديث المتظافرة في حرمة السحر والشعوذة والكهانة والعرافة، وهي على ما يتوجب على صاحبها من عذاب آخروي تستوجب عقوبة دنيوية، فقد ذكر أهل العلم من المذهب الأربعة حكم الساحر و عقوبته و هذا ليس مجال طرحها هل هناك فرق بين الساحر و المشعوذ؟ الفرق في الإفساد والإضرار فلا فرق بينهما فكلاهما مفسد فاسد، مضر و ضار ما حكم المتردد على المشعوذ؟ التردد على المشعوذين و السحرة و الكهان و الدجالين دليل على ضعف الإيمان، و علامة على قلة العقل، فالمشعوذ و الساحر بشر مثلنا و لو كان قادرا على نفع غير لنفع نفسه أولا وما جلس يبتز أموال الناس بالباطل، من أجل ذلك كان التردد على المشعوذين و غيرهم حرام شرعا، وقد جاء في صحيح مسلم وعيد شديد لمن تردد على المشعوذين و الكهنة و من على شاكلتهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:' من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما.' و في حديث آخر: 'من أتى كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.' أين يكمن دور وصايتكم في دحض هذه الممارسات و الطقوس الغريبة؟ ذكرنا سلفا أن المهام المنوطة بالإمام هي أكبر مما يعتقد البعض، فالإمام لا يتكفل بالصلاة فقط بل هو الحارس المؤتمن و الدرع الحصين على عبادة الناس، و هو و خلفه الوزارة الوصية يحافظان على الدين باعتباره أمانة الأجيال و سر بقاء هذه الأمة، ومتى استفحلت ظاهرة غريبة في المجتمع توجب على الوزارة تكثيف الجهود لمحاربتها و القضاء عليها. سواء من خلال الخطاب المسجدي أو البرامج و الفعليات التي تشرف عليها أو تسطرها الوزارة الوصية لهذا الغرض و التي تلامس قطاعا واسعا من فئات المجتمع من خلال استغلال الفضاءات المتاحة لتواصل مع أكبر عدد من الأفراد.ذ