تم تسليط الضوء على حياة وأعمال العلامة الجزائري أبي رأس الناصري المولود بمدينة معسكر خلال يوم دراسي نظم الأربعاء الماضي بمركز البحث في الأنثربولوجية الإجتماعية والثقافية لوهران. وأبرز مجموعة من الأساتذة الذين جاؤوا من عدة ولايات على أهمية المعلومات والمعطيات التي تتضمنها مختلف أعمال العلامة أبي رأس الناصري والتي تبرهن على أن الحياة العلمية والثقافية بالجزائر كانت جد نشطة وثرية خلال الفترة العثمانية. ويعتبر العلامة أبي رأس الناصري من العلماء الذين أثروا المكتبة بالمخطوطات القيمة والمنتشرة في بقاع الدول العربية ولا تقتصر فقط على الجزائر فهو محمد أبو رأس بن أحمد بن أحمد بن ناصر الراشدي من مواليد 1751 ومن العلماء الذين تركوا بصماتهم واضحة في الفترة العثمانية بالجزائر وتميزت حياته برحلاته وأسفاره الطويلة عبر مختلف مدن غرب البلاد وبالخارج من أجل الإلتقاء بأبرز العلماء في تلك الفترة. وتعكس مختلف مؤلفاته التي عالجت العديد من المجالات مثل القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والنحو العربي وعلم الفلك والجغرافيا والتاريخ ومجالات أخرى مدى عمق وثراء تبادلاته وإتصالاته بأقرانه مما جعله من الشخصيات العلمية البارزة التي ذاع صيتها إبان عهد العثمانيين بالجزائر. ولقد أجمع الكثير من الأساتذة من متدخلين في هذا اليوم الدراسي أن الكثير من التراث الذي تركه العلامة لا يزال على شكل مخطوط وليس في متناول الباحثين والقراء بالرغم من وجود البعض منه مطبوع حيث أشار البعض بأن هناك 136 كتاب من تأليفه والعلم أن هناك جزء فقط من تراثه تم المحافظة عليه بسبب تقلبات الزمن حيث أوضح الأستاذ بلبراوط من جامعة سيدي بلعباس أن مخطوطات هذا العلامة قد تم حرقها من طرف بعض المتعصبين الذين لا يفقهون في العلم شيئا وأضاف أن الكثير من أعماله لا تزال مبعثرة هنا وهناك حيث يوجد البعض منها في المكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة وبمركز الأرشيف في كل من المغرب وفرنسا ومصر مشيرا أن هذه المخطوطات لا تقدر بثمن وهي موجودة أيضا لدى بعض العائلات التي تحتفظ ببعض المخطوطات في مختلف مناطق الوطن. كما قدم بعض المتدخلين قراءات لبعض أعمال هذا العلامة بإبراز قيمته الكبيرة على الصعيد التاريخي منها "حلل السندسية" الذي يروي من خلالها تاريخ وهران ومنطقة الأندلس ويستعرض فيها مختلف القبائل والعلماء والوجوه البارزة. الشيء الأكيد أن العلامة أبي رأس الناصري كرمته مدينة مسقط رأسه معسكر في تسمية دار الثقافة بإسمه فخلال فترة حياته الى غاية وفاته في سنة 1823 قدم الكثير من الأعمال الخالدة للعلم وللمكتبة الجزائرية ولجميع الباحثين الذين عليهم نبش أكثر من المخطوطات حيث يتم تسليط الضوء على مساره العلمي الثري والهام.