الدولة الجزائرية قطعت أشواطا كبيرة في محاربة الفساد والمفسدين    موقف الجزائر من فرنسا ثابت وعليها تحمل مسؤولياتها    عطاف يترأس اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية    هناك أمر يضايقني كل يوم و هو الطريقة التي يتم التعامل بها    ضرورة أن تخلص الجلسات الوطنية للسينما إلى مخرجات وتوصيات    هل فلتت منا صناعة التاريخ..؟!    اختتام أشغال الملتقى الوطني حول أمن الذاكرة الوطنية    سوسطارة في الصدارة    كرة القدم/كأس الكونفدرالية: ''مباريات مثيرة منتظرة في الدور ربع النهائي''    توقيف طالب جامعي بغرداية    بوجمعة يجتمع ببن مولود    رئيس حزب صوت الشعب يؤكد على أهمية تقوية الجبهة الداخلية    الصحراء الغربية : صحفيون وناشطون عرب يتبرؤون من موقف اتحاد الصحفيين العرب    تعزيز آليات التمويل وترقية الإطار التنظيمي والرقمنة والتكوين أهم توصيات الجلسات الوطنية للسينما    نص القانون الجديد لتسيير النفايات: تحويل مفهوم النفايات من إشكالية إلى مواد أولية قابلة للتثمين    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : مدينة وهران مرشحة لاحتضان الحدث القاري    البطولة الوطنية العسكرية للعدو الريفي : تألق عناصر مديرية الإدارة والمصالح المشتركة لوزارة الدفاع    مشروعا قانوني البلدية والولاية: صلاحيات أوسع للمنتخبين وتسيير عصري للجماعات المحلية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 47035 شهيدا و111091 جريحا    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة    وهران..ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير    تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة    ممر الهيدروجين الجنوبي: السيد عرقاب يشارك غدا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بالمشروع    ملعب الشهيد "علي عمار" بالدويرة: انتهاء أشغال الصيانة وتحويل المنشأة من قطاع السكن إلى قطاع الرياضة    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    منظمة أطباء بلا حدود تدعو إلى زيادة سريعة وواسعة النطاق للمساعدات الإنسانية لقطاع غزة    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع    سكان غزّة يحتفلون ببدء الهدنة    لا تساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار    مشروع توسعة السد الأخضر يتقدّم..    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    صهاينة يدنّسون الأقصى    رمضان في القصر خلال مارس    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    الجزائر تخسر أمام تونس    مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة    استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025    تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"زهد" و"تصوف" ومنارة للعلم
العلامة الشيخ الحاج بلقاسم أحد مؤسسي الزاوية بتيميمون
نشر في الجمهورية يوم 21 - 02 - 2011

يعد أحد أقطاب هذه المنطقة خلال القرنين التاسع (9) والعاشر(10) الهجري، حيث كان الأب الروحي للزاوية لإنشغاله بالزهد والتصوف والتقوى، وذكر المولى عز وجل، إضافة إلى نشر العلم بالمدرسة التي أقامها بزاويته، ميلاده كان سنة 25 هجرية، وقد ساعده على ذلك ترعرعه بين أحضان والديه الكريمين إلى حين سفره مع أبيه للمغرب الأقصى قصد مزاولة الدراسة هناك والأخذ من بحر العلوم والتعلم، درس بزاوية تدلى بالقرب من بني هلال، على يد الشيخ الفاضل سيدي علي بن ابراهيم الملقب بالتدلاوي، تلقى على إثره مبادئ حفظ القرآن الكريم والفقه والسيرة العطرة، ومن ثم تأتي الفنون الأدبية والفلسفية لمدة سنوات، ثم رجع إلى مسقط رأسه ثانية مزاولا مهنته الحرفية المسماة بالمنطقة (تغقات) والتي تعني صناعة بعض الأواني من سعف النخيل إلى أن وفقه المولى عز وجل، في بناء وتشييد مدرسة قرآنية بها وكان له فضل السبق في تعليم الكتاب والسنة لبراعم أبناء المسلمين مجانا لوجه الله متبعا طريقة السلف الصالح ممن سبقوه على هذا المنهج، مما جعلها شعلة تضيء القصر والمنطقة، ترتب عنها وفود مجموعة من الدارسين الوافدين من نواحي شتى من أرض الوطن، ناهيك عن كرم الضيافة والإستقبال الحار الذي هي خصلة العربي المقح وشيمة المسلم التقني توفي سنة 997 ه دفين قصر الزاوية سيدي الحاج بلقاسم، في حين دفن والده و6 من أجداده بقصر أوسيف.
تعلم وتخرج على يده، نخبة من الصالحين الواعظين من بينهم نذكر : 1- الشيخ سيدي الحاج بوامحمد المتواجد دفين تيلكوك 2 - الشيخ سيدي عباد المتواجد دفين ضواحي أولاد عيسى دائرة شروين،3 - الشيخ سيدي محمد بن بلقاسم، إبن الحاج بلقاسم المتواجد ضريحه بالقصر ذاته، 4 - الشيخ سيدي أحمد بن يوسف المدفون بقصر ماسيت بلدية تيميمون، إضافة إلى عدد معتبر يقارب 370 عالما، ما بين سكان المغرب العربي والصحراء الإفريقية الكبرى.
مؤلفاته : ترك العلامة سيدي الحاج بلقاسم جملة من اجتهاداته المرموقة، في مبادئ التصوف والعقيدة ومدح الرسول (صلى الله عليه وسلم)، مناسك الحج.... إلخ، ونبذ الذات كمرآة المناسك وتغريس منهج حياته الفاضلة، يكتب نثرا وقصائد وترية في درب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ونذكر بعضها: - كتاب في منهج السالكين، ديوان شعري في مدح خير البرية، كتاب معجزات الرسول الأعظم، كتاب الحج، كتاب التوحيد في الإسراء والمعراج، زيارة على مخطوطات مختلفة.
علاقة الشيخ بالمشايخ: توحدت رؤية القطب الرباني سيدي الحاج بلقاسم مع عدد من فقهاء المنطقة في قضايا الزهد والتصوف والإجتهاد المتواصل لنيل رضى الله ورسوله، بحياة مليئة بالفخر والإعتزاز المطلقين مركبة من ثقة العبد بربه، والإقبال على العمل الصالح بالتواضع والإذلال والخشوع كانت على قدر ما جاء في الكتاب الكرية (بلدة طيبة ورب غفور) وبهذا اتسمت صداقته ومعرفته بكل من الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد الملقب بسيدي الشيخ، المتواجد ضريحه بمدينة الأبيض سيدي الشيخ الذي قدم لزيارة سيدي الحاج بلقاسم، مع أحد طلبته المتفوقين الشيخ العلامة سيدي الحاج بوامحمد وعند ملاقاته بهم، تم استقبالهم وتضييفهم على نضر رطب الذي لم يكن متواجدا حين ذلك، مما أدهش الناس وجعله يسمى بتمر الشيخ نسبة له، وفصيلة لازالت موجودة إلى يومنا هذا، الأولى في النضج قبل سواها، وقال عبارته المشهورة اقتباس من قول الحق تعالى :» من خاف مقام ربه جنتان«، واتسعت رقعة صداقة الشيخ بالعلامة سيدي أحمد المجذوب المتواجد ضريحه بعسلة ولاية النعامة في شكل زيارات متبادلة وبتبادل الهدايا والعطايا ، مرورا بمنطقة بوسمغون فشملت تعاون إقتصادي واجتماعي، مما زاد في الإتحاد والإخاء والوئام بين العالمين بقي نافذا على مدار حياة الرجلين الصالحين كما كان له فضل إمامة صلاة الجنازة للعلامة الشيخ سيدي موسى والمسعود بمنطقة تسفاوت تيميمون، حيث أبلغ هذا الأخير أحفاده، أنه سوف يأتيهم رجل يسمى الحاج بلقاسم، لتقديمه للصلاة عليه.
- كرامات الفقيه الشيخ سيدي الحاج بلقاسم: فيما يؤرخ له عن السلف، حوادث اتسمت بالخصوصية للشيخ فترة تواجده بالقصر ومن أهمها: خطبة الجمعة الولي الصالح سيدي عباد وأثرها في نفسية المصلين، الأثيان بالتمر قبل أوانه، سيدي الحاج لحسن وسيدي الحاج بوامحمد والركب، أما الأولى فهي بمثابة رد الإعتبار لخادمه وتلميذه سيدي عباد، الذي كان من مساعديه في كل صغيرة وكبيرة، مما جعل أحد علماء القصر يسفر منه ويعيره وقال له بصريح العبارة الناس تعبد الله، وأنت تعبد سيدي بلقاسم، ولما كان يوم الجمعة واعتلى منبر الجمعة لإفلاء الخطبة كعادته أخرس فمه ولم يستطع التفوه ولو بكلمة، حينها أمر الشيخ الفاضل سيدي الحاج بلقاسم تلميذه سيدي عباد، أن يقوم مقام الإمام ويخطب في الناس،شريطة أن ينظر في جبين سيده وهذا ما تم، من ذلك حينها انطلق الخادم وقال ما يلي:» الحمد لله الذي خلق فأبدع وقسم وأرزق، فضيق على من شاء وعلى من شاء أوسع، فالبرق بإمانه قد لمع وتجلى لعظمته فتشكل من هيئته وتصدع من ذا الذي يعطى إذ هو منح ومن ذا الذي يقرأ أحدا والله له قد نفع، كل ذلك في سره وعلنه مودع، ليس لمخلوق فيه أمر ولو ملك الدنيا بأجمع إنما هو عبد من عبيده تدار عليه كأس المنايا فيقرع، ولماذا يا ضعيف اليقيم تذل لغير الله، وتخضع وهو الله الواحد المنفرد بالبقاء، له الأمر كله يعطي ويمنع نحمده سبحانه على هبته الإيمان، وهو أشرف المواهب، وأشكره على منقب الإسلام، فهي حسن المناقب، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله كلمه البعير وشد إليه وتقطع فالماء من بين أصابعه الشريفة يمنع والجذع حن لفراقه وتوجع، جاء في حرمته الأشجار تجر عروقها وتتقطع، وهو أول من باب الجنة يقرع وهو أول شافع ومشفع، ورد عين أسالت بعد عماء، فصارت أحسن ما كان في الحال تخشع وادركت عن بريقه الشريف، بعدما كان أصقع وله يوم القيامة المكان الأرفع، إذا جاءت الخلائق والأنبياء واحدا بعد واحد يستعينون به في الموقف الأعظم، إلى آخر الخطبة ويتابع في الخطبة الثانية » الحمد لله المنفرد بالأزليج والقدم، الموصوف بالفضل والكرم، الذي سر المعصية وأوجد الخلائق بقدرته بعد العدم فجعلهم فريقين كما قدر وقسم، فقال تعالى :» هؤلاء للجنة وأبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي«، وعدل في ذلك وما ظلم، نحمده حمد ايمانا به وأعتصم، وأصلي وأسلم على نبيه سيد العرب والعجم، المبعوث إلى سائر الأمم، (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه)، أبو بكر أول من أسلم وعن عمر بن الخطاب الذي إذا رآه الشيطان ظل هاربا وانهزم وعن عثمان بن عفان الذي كان عن ربه مناجيا في الظلام وعن علي بن أبي طالب المبرور بالحسن و الحسين اللهم عن بقيتهم أجمعين، خصوصا الأنصار منهم والمهاجرين، اللهم عن التابعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم انصر من قلدته أمور عبادك المسلمين تُعزُ به الدين وتذل به رقاب أعدائك الكافرين، اللهم أنصر جيوش المسلمين حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها، وافتح لنا ولهم فتحا مبينا يا رب العالمين، اللهم أكتب السلامة والعافية للحجاج المسافرين في هديك وسترك آمين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا نكون من الخاسرين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، والسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
إنتهت الخطبة الثانية مما تركها خطبة الذكرى كل عام في زيارة المولد، تقرأ في الجمعة التي تأتي بعد السبوع مباشرة، ومن ثم أضحى الخادم متفوقا ومجتهدا، إلى أن نال الحظ الأوفر من معالم شيخه واهتدى لقد وفق الله الشيخ لزيارة قبر المصطفى (صلى الله عليه وسلم) مرات عديدة في حياته، إلا أن إحداها كانت قد اتسمت ببعض الفضول، ونخص بالذكر العبد الصالح سيدي الحاج لحسن الممثل لكبش الفداء في تلك الرحلة، ولكون المسافة طويلة جدا كانت تستغرق زمن قدره 465 يوما على الإبل والبغال، وكان يكلف الماشية عناء ومشقة بالغة وأحيانا كثيرة كنقص الزاد والطعام كان يسبل نفسه للبيع مقابل مبلغ من المال لفائدة شيخ الركب، وما أن يكلفه سيده الجديد بخدمة الأرض،إلا ويتمها في يومها ويكن بذلك قد تخلص من الإتفاقية، ولحق بالقافلة المتكونة من 1500 فرد بإتجاه الأرض المقدسة.
بعد وفاة قريبته الزوجة الأولى وأم ابنه الوحيد أعاد الشيخ سيدي الحاج بلقاسم الزواج من المرأة الصالحة لالة حيجة رحيم، والتي يحتفل بذكراها يوم 12 ربيع الأول بنواحي بويحيا مستقطبة عدد الأباس به من الزوار، الذين يحضرون عروضا فلكلورية لفرق البارود والحضرة أضف إلى ذلك زيارة ضريحها والدعاء لها، متمنين دوام الصحة والعافية والملاقاة في العام المقبل، واستعدادا للكم الهائل للزوار، تبدأ التحضيرات وتقسم الأدوار على المنظمين كما تهيأ الأماكن لكل لواء، حسب الخصوصية ترقبا لليوم الموعود برباطة جأش، قصد انجاح زيارة السبوع المولد النبوي الشريف على الوجه المطلوب، تحيي الذكري السنوية السبوع قبيلتان بالتناوب، هما أولاد باحمو وأولاد سيدي امحمد لفترة عامين (أنين وأجنبين) والتي كان يحييها الشيخ بالتناوب بمرور أسبوع على ولادة الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وسلم).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.