في باب العروض المسرحية المسطّرة لشهر فبراير الجاري وتواصلا مع عشّاق الرّكح احتضن أول أمس المسرح الجهوي لسيدي بلعباس العرض ماقبل الأوّل لمونولوج " مقابلة الحكّام" للمبدع" دين الهنّاني محمّد جهيد" . " مقابلة الحكّام" التي ألّفها " لطفي بن سبع" وأخرجها " دين الهنّاني محمّد جهيد" كانت عبارة عن مونودراما صنعت الفرجة بأسلوب ساخر فيه العديد من العبر والحكم ، إذ أنّ مقابلة الحكّام لم تكن إلا صراعا ذاتيا داخليا يحكم أسس أمّة لم تفقه بعد لغة الرّوح الرياضية وتقبل الهزيمة بصدر رحب. العرض صوّر حيثيات مباراة كرة قدم أين يقع الحكم المغلوب على أمره ضحية نزاهته وتسييره الحسن للمباراة بعد أن صفّر ضربة جزاء ، هاته الأخيرة التي كلّفته الأمرّين كاد يكون ضحية رقم لا نهاية في قائمة النّزهاء ، وبأسلوب كوميديّ ساخر فيه العديد من الحكمة تمكّن الممثل " دين الهنّاني جهيد" من توصيل الغاية وتبرير الوسيلة ، لتكون مباراة كرة القدم تلك ، مباراة يخوضها كلّ فرد ينتمي الى بيئة معيّنة يسعى جاهدا للظّفر بعيش رغيد وحياة كلها سلم وسلام في ظلّ الصّراعات والتّكالب على المصالح التي هي صورة واضحة للجشع . المونولوج الذي شرّح واقع مباراة لكرة القدم كانت تلك الكرة التي صنعت الفارق ماهي إلا طموح شعب وإيمان كلّ فرد بالمضيّ قدما في ظلّ العبث واللاّمبالاة ، كيف لا وكلّ فرد يخوض غمار مباريات لا حكم فيها في حياته ليكون المسؤول الأوّل والأخير عن قراراته والرّاضي بقناعاته وان تجاوزت الحدود ، والضرب المبرح الذي تلقّاه حكم المباراة ماهو إلا عربون مجتمع ذاق الويلات وصبر وآمن بميلاد جديد أين راح " دين الهناني جهيد" الى العمق وكشف المستور ورفع السّتار عن أمّة راحت تتّخذ منابر المساجد تأشيرة مختومة بالبنذ العريض للتّساهل وترويج كلّ ما هو محظور حتىّ التلاعب بنتائج المباريات والانحياز لفريق معين ، وهنا الطّامة الكبرى أين تطغى المصلحة الشخصية على الصّالح العامّ وتقبع مصالح الأمّة كاملة إكراما لهدف غير نبيل واتّخاذ القرآن والسنّة غطاء لكلّ ماهو مناف للتّعاليم. الاستياء من نتيجة المباراة التي أدارها الحكم كانت نتيجته الضرب المبرح الذي تلقاه من كل طرف هذا الأخير الذي اتّخذ أساليب متعدّدة في الضرب ترجمة للمكبوتات النفسية التي تغطيها مشاكل الحياة اليومية ، لتكون مقابلة الحكّام سلاحا ذو حدّين في وجه المطالبة بالحقوق المهضومة بأسلوب حضاري بعيد عن العنف وتقبّل الهزيمة وان كانت ثقيلة ، لتبقى المقابلات القادمة أكثر جرأة وأشرس أسلوب لتحكيم عقلاني بعيد عن جرّ آلاف الضّحايا في قافلة المطالبة بالحقوق المشروعة.