أعطت السيدة خليدة تومي وزيرة الثقافة أمس إشارة إنطلاق أشغال الملتقى الدولي الخاص بتاريخ تلمسان وحاضرتها المنظم من طرف المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان بالتنسيق مع جامعة أبي بكر بلقايد لتلمسان وهذا بقاعة المؤتمرات لكلية الطب بوسط المدينة بحضور أساتذة مؤرخين وباحثين من الخليج العربي والمشرق العربي والمغرب العربي وآسيا وأوروبا الذين جاءوا لإثراء البحث التاريخي والأدبي والثقافي والسياسي لعاصمة المغرب الأوسط من خلال، هذا الملتقى الأول من عمر تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لسنة 2011 في بدايتها والذي رعاه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وسيدوم ثلاثة أيام (20 21 22) لمناقشة الزخم الحضاري لعاصمة الزيانيين، وقد تطرقت وزيرة الثقافة أثناء إنطلاق الملتقى إلى أن العلم والبحث لا يعرف الحدود والمسافات، لذا يعتبر ذات اللقاء فاتحة لسلسلة من الملتقيات التي برمجت لحدث ذو أهمية قصوى كهذا ويعدّ واحدا من أصل ال 12 ملتقى، حيث سينظم في كل شهر منه واحد على الأرجح ويشكل فرصة لإلتقاء الأساتذة والباحثين وبالتالي طباعة محتوياتها وتوزيعها على المعاهد والجامعات للكشف عن عراقة المدينة التي تمثل أكثر من 75٪ موروث إسلامي متواجد بالجزائر وبصفتها أيضا مركزا تجاريا إنفتح على المشرق العربي والمغرب وأوروبا وجنوب الصحراء والسودان، زيادة على أن الأثار الرومانية والبزنطية مشهودة بها وكانت موطن الرومان الذي أخذ تلمسان بلدا لهم تحت إسم بوماريا وجعل منها الأمازيغ والزناتيون (قبيلة زناتة) وأضافت الوزيرة في مطلع وضعها لحضارة تلمسان بأن النصوص التاريخية والبراهين القطعية أشارت بالدليل لظهور تلمسان قبل الإسلام والتي ظلت أزلية ويكفي في ذلك الجدار المبني بمدينة أڤادير القديمة العائد إلى سيدنا موسى عليه السلام، وتحدثت عن المحاربين المبراسين في عهد الإسلام كشأن دينار أبو المهاجر والفهري، وموسى بن نصير وطارق بن زيان الذين أقاموا بتلمسان وتم إدارة شؤون المغرب العربي في سنة 920م الموافق ل 92 هجرية، وأنجبت إلى جانب من قطنوا فيها علماء العلم ودرسوا وتوافد عليهم الطلبة من المغرب الأوسط وأصبح لها دور واضح مثل أبو الحسن علي وابن الطفيل، وأبو عبد الله قاضي تلمسان المعروف في زمنه والمغيلي وابن زاغو وسيدي أبي مدين شعيب، وتطرقت الوزيرة إلى الأعمال التي خلفها يغمراسن وابن خلدون ذو الوصمة التاريخية وأحد أقطاب علم الإجتماع في »العمران البشري« زيادة على الدين والسياسة والذي استفاد منه عامة الناس ولم تندثر أعماله بعد وفاته منذ ستة (6) قرون ، كما ذكرت تومي بجهاد الأمير عبد القادر الذي له قصة طويلة مع تلمسان عام 1836 الذي قاد المقاومة الوطنية بتوحيد الآلاف من الجزائريين وعندما سكن بتلمسان لفترة قال عنها »إبتسمت لي وجعلت منّي ملكا من أعظم الملوك« المسؤولة الأولى على قطاع الثقافة أمام الحاضرين في الملتقى والذي غصّت بهم القاعة أبو الوطنية مصالي الحاج وشهداء أمثاله عظماء كإينال والعقيد لطفي وڤروج والمقامي وعبد العزيز بوتفليقة، وأعطت تلمسان بجنب المجاهدين الأبطال هرم الأدب الجزائري محمد ديب وبشير يلس وشكري مصلي وحاج غفور، مما جعل تلمسان محورا يدور حوله أكبر العلماء ومركز إشعاع للعلم الوافر. وبعد إلقاء هذه الكلمة التي إلتمست فيها الوزيرة الذخيرة العلمية بأنواعها تم فتح المجال للمؤرخ الجزائري أبو القاسم سعد الله أن هناك أفكارا مستجدة من وحي المدينة الزيانية في العصور الإسلامية وهذا في مداخلة له تطرق إلى عبق التاريخ الذي يشمّ بعطر الفن بقوله شابه الملل من رائحة الحروب وظلم المواطنين ، فتلمسان بماضيها وفرت المناخ الحضاري وشيعت العالم والعلم في كون أسماء العائلات التي راح صداها في متعة التدريس والرحلة والتأليف كالعقباني والمقري وبني مرزوق الذين كانوا شموعا في سماء الأندلس والمغرب العربي وخلف المهاجرون كتبا بتلمسان لابد من معرفة عمقها التاريخي والحكمة القاسية من فرط إستجابة لرغبة محظية.