لقد قمت بزيارتين إلى الجزائر، واحدة إلى العاصمة في اطار إحدى طبعات الصالون الدولي للسياحة والثانية هذه المرة إلى وهران وقلت أنك أعجبت كثيرا بالصحف الجزائرية التي قرأت، فهل تستطيع أن تصنف لنا الصحافة الجزائرية في إطارها العربي أو المغاربي علي الأقل؟ -لا أعرف كثيرا الوطن العربي زرت منذ زمن بعيد تونس والعام الماضي المغرب، لكن خلال زيارتي الأولى للجزائر رحت مباشرة إلى الجرائد فأصبت بصدمة كيف أن صحافتكم تتناول كثيرا من المواضيع بجرأة كبيرة وتتطرق لكل المواضيع دون تحفظ وبطريقة نقدية أيضا، علما أنني لم أقرأ إلا تلك الناطقة بالفرنسية وعلمت أن المعرّبة أكثر جرأة ونقدا وتطرقا لكل المواضيع الحساسة، هذا هو إنطباعي الأول ممّا يحفزني أكثر للتعرف على الإعلام الجزائري. الجلسة الإعلامية التي نظمت يوم السبت 19 فبراير كان عنوانها وازنا:» الصحافة في الأوقات الصعبة« فهل الوقت الصعب للإعلام عموما يكمن فقط أيام الحروب واستعمال الذخيرة أو أيضا ما يعيشه خلال التحولات السياسية الكبرى مثل ما حدث في إسبانيا مع دكتاتورية فرانكو، أو ما حدث في الجزائر خلال أحداث أكتوبر 1988؟ - دور الصحافة محفوظ ولا يؤديه غيرها ولها النصيب الأوفر في تغيير الأنظمة المتسلطة وقلبها إلى أنظمة حرة. الأمثلة كثيرة عبر العالم وقد يأتي التغيير حتى من وسائل إعلام تابعة للنظام ففي فترة سقوط ماركوس (الفيلبين) الذي كنت شاهدا عليها ساهمت اذاعة محلية تبث من كنيسة في توعية الرأي العام وتزويده بآخر الأخبار بكل تفاصيلها والأمر نفسه بالنسبة لإسبانيا. طيب، صحفي وكاتب في آن واحد، في حالتك أين ينتهي الصحفي ليبدأ الكاتب؟ الصحفي لا ينتهي ولا يتوقف، ولكن يستريح بعض الوقت ليفتح المجال لإبداع الكاتب لكن دائما تتلمسين بصمات الصحفي، والكتب التي ألفتها سواء تعلق الأمر بأول رحالة أوروبي يصل إلى اليابان في القرن ال 16، وعن الكاليفورنيا العليا التي كانت ضمن الإمبراطورية الإسبانية وغيرهما كلها بدأتها من محاولتي عيش الشخوص كلها وتتبع رحالاتهم وأسفارهم ولكل أكتب بلسانهم وهذا في رأي مهم أعود بك مرة أخرى إلى دور الصحافة في إحداث التغيير، المدة التي استغرقتها إسبانيا في إحداث التحول كانت قصيرة نوعا ما (وليس مدة ديكتاتورية فرانكو 1939 / 1975) ففي ظرف وجيز قلب الإسبان النظام التسلطي، أنجزوا دستورا حدد وفتح الحياة السياسية والإعلامية، وحتى على مستوى التطور الإقتصادي واكبت إسبانيا الاتحاد الأوروبي فما مرد وسبب كل هذا الإنجاز الكبير؟ -هذا التغيير جاء بفعل المجايلة فالكل ساهم فيه حتى من كانوا يمجدون فرانكو تأكدوا بعد موته أن إسبانيا سائرة إلى الأمام فإنضموا إلى حركة التحول ثم إن الشعب كان متعطشا وتواقا لركوب موجه أوروبا التي كانت متقدمة علينا كثيرا كما أن الجيل الذي حمل التغيير كان فعالا ويجب المنافسة وقد فتحنا الاقتصاد على مصرعيه وسهلت البنوك القروض واستثمرنا في العقارات . لنكن أكثر وضوحا في علاقة الإعلام بالتحول والطفرة الديمقراطية في إسبانيا، هل الصحافة كانت المحرّض أم التابع في صف التغيير؟ - قد يكون الإثنان معا فقبل وفاة فرانكو كان الشعب يريد الملموس وفي رحم هذه الأزمة أنشأنا » الباييس« الذي تميز بخط افتتاحي مخالف وكان هناك إنفاق بين الوسط الإعلامي والسياسي (الأحزاب) على المضى قدما وضرب الحديد ساخنا . يشهد العالم ثورة إلكترونية قلبت كثيرا من الموازين في ظرف وجيز فهل الصحافة الورقية قد تجاوزها الزمن وجاء عصر » الفيس بوك« و» التويتر«؟ - لا، لا أعتقد أن الصحافة الإلكترونية تستطيع تعويض الورقية وإنما تكون إضافة، رغم الثورة الحاصلة الآن ثم لا تعرف مصدر الخبر ويبقى الإعلام دائما في حاجة إلى صحفي محترف. وما رأيك في بعض الأنظمة التي صارت تحجب مواقع النت ثم تضطر مرغمة إلى إعادة فتحها كما حدث في مصر؟ مهما كانت قوة أي نظام فلا يستطيع مقاولة الثورة التكنولوجية فالأخبار في لحظة وقوعها صارت تتدفق علينا من كل جهة فهل يستطيع أي نظام الوقوف في وجه البحر الهائج؟ كل شيء صار مكشوفا وبعض الأنظمة لا ترى التغيير من حولها. كصحفي إسباني كيف ترى الجزائر من الخارج؟ - لا أعرف كثيرا وما قوله رأي أولي فالجزائر تتوفر على جميع المقومات التي تجعل منها رائدة في منطقتها الكبرى (ليس المغاربية فحسب) فأنتم لديكم البترول، الصيد البحري، الزراعة، السياحة ومساحة شاسعة جدا عليكم إستغلال كل هذا....