أحدثت التدابير والإجراءات الجديدة التي تم الإعلان عنها مؤخرا، فيما يخص قطاع التشغيل في الجزائر، حالة من الحركة والنشاط والأمل، في أوساط الكثير من الشباب الجزائري، بصورة لم نشهدها لديهم من قبل، فأحاديث الكثيرين منصبة على كيفية الاستفادة من التدابير والإجراءات الأخيرة، بعيدا عن أحاديث الحرقة والفيزا، وقوارب الموت، والبطالة وغيرها، من الأمور التي كانت تشغل بالهم في العادة، وبدا كثير منهم متفائلين جدا بالإجراءات الجديدة التي رأوا فيها، فرصة قد لا تعوض لتحقيق كافة آمالهم ومشاريعهم وطموحاتهم المؤجلة. ففي كل مكان تقريبا، في الحافلات والأسواق، وداخل الأسر، وفي تجمعات الشبان، وفي المقاهي لا حديث إلا عن الإجراءات الجديدة، ولا تساؤلات تطرح، إلا عن كيفية الحصول على دعم من وكالات دعم تشغيل الشباب، وكذا ما يتطلبه تكوين الملفات، ونوعية المشاريع، وفرص النجاح، وبدأت أحلام العديد من الشبان في الانتعاش من جديد، بعد أن كان الكثير منهم قد ركب قطار اليأس، وترك مستقبله للمجهول، وساهمت التحاليل والقراءات والمواضيع المتنوعة، على صفحات الجرائد اليومية وكذا نشرات الأخبار في رفع معنويات عدد لا بأس به من الشبان وتشجيعهم على المبادرة أيضا، والتقرب من المصالح والوكالات المعنية للاستفادة منها. غير أن نسبة أكبر من الحماسة والفرحة، لمسناها لدى بعض الآباء والأمهات، الذين استبشروا خيرا أيضا، بالإجراءات الجديدة المعلن عنها، فيما يخص مساعدة الشباب على الإدماج المهني، ودعم مشاريعهم، والتسهيلات والتحفيزات الكثيرة التي اقرها رئيس الجمهورية مؤخرا، وقالت إحدى الأمهات في هذا الصدد، أنها لا زالت تحث أبناءها الثلاثة العاطلين على العمل يوميا، لدفعهم إلى التقرب من وكالات دعم تشغيل الشباب، بغية الحصول على فرصة عمل حقيقية، مضيفة أنهم كانوا سابقا يلقون باللوم على الدولة التي لم توفر لهم الإمكانيات اللازمة، لكنهم اليوم لا يمكن أن يتحججوا بشيء مادامت كل الإمكانيات متوفرة لهم، وليس عليهم إلا الجد والنشاط، ويبدوا بالبحث عن الكيفية المثلى لخلق مناصب شغل قارة لهم. وبين الذين يملكون تكوينات مهنية مختلفة، وبين المتخرجين من الجامعات، وأولئك الذين يملكون مستوى دراسي متوسط ، أو منعدم، تبدو فرص الشغل حاليا، وبالنظر إلى الإجراءات الجديدة المتخذة، متاحة أمام الجميع، خاصة مع التطبيق الجدي لها على ارض الواقع، وهو ما يأمله الكثير من شبابنا اليوم. وتجدر الإشارة إلى أن الإجراءات الجديدة الموجهة لتسهيل إدماج الشباب في عالم الشغل، تتمثل أساسا بخلق فرص جديدة للشباب تحظى بالدعم خاصة فيما يتعلق بصيغة القروض الاستثمارية. وكان مجلس الوزراء الذي ترأسه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة قد انتهى إلى قرارات هامة تهدف إلى زيادة تثمين الآليات التي تشجع الراغبين في إنشاء نشاطات ومناصب شغل لأنفسهم بواسطة الاستثمار المصغر، ومن بين أهم الإجراءات المتخذة في هذا الإطار تخفيض نسبة الإسهام الشخصي في المشروع، بالنسبة للشباب المترشح للاستثمار المصغر في إطار الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، وذلك (من 5 بالمائة إلى1 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي لا تتجاوز 5 ملايين دينار ومن 10 بالمائة إلى2 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي تصل إلى 10 ملايين دينار)، مع توسيع الحد الأقصى لقيمة التمويل البنكي للمشاريع، وتبلغ80 بالمائة في الشمال و95 بالمائة في الجنوب والهضاب العليا، وتخفيض نسبة الفوائد. بالإضافة إلى إدخال جملة من التحسينات على آليات الإدماج في عالم الشغل أو المناصب المؤقتة بالنسبة للمتخرجين الجامعيين والتقنيين السامين والمترشحين للإدماج المهني، سواء على مستوى الإدارات العامة أو المتعاملين الاقتصاديين، تتعلق بتمديد فترة عقد التشغيل من سنة واحدة إلى ثلاث سنوات، إذا كان صاحب العمل إدارة مع إمكانية التجديد، وكذا إدماج خريجي التكوين المهني لدى مؤسسات القطاع الاقتصادي لمدة 12 شهرا قابلا للتجديد، إلى جانب إلغاء جميع الشروط المتعلقة بالنشاطات التجارية الموضوعة لاستفادة الشباب من المحلات المنجزة في إطار برنامج ''100 محل في كل بلدية''. كما تم اتخاذ إجراءات كفيلة بالتخفيف من أعباء أرباب العمل لحملهم على فتح مؤسساتهم للشباب الباحث عن الشغل، والكثير من الإجراءات التحفيزية الأخرى.