يعتقد والي عنابة محمد الغازي أن سلسلة الاحتجاجات المتزامنة التي هزت الولاية في المدة الأخيرة ليست عفوية، بل تحركها جهات عديدة تضطلع المصالح المختصة حاليا بالتحري والتحقيق حولها لتحديدها.وأكد في حوار خص به ''البلاد'' أن حقائق الميدان أثبتت تواطؤا مفضوحا لمنتخبين وإداريين مع مواطنين اتفرغواب لمحاصرة مدينة عنابة بالبنايات الفوضوية. وبالمقابل أبدى الرجل تفاؤلا منقطع النظير بمستقبل الولاية في إطار البرنامج الخماسي الثالث الذي يجري البلاد: نبدأ معك سيدي الوالي من النتائج التي أفرزتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة على الصعيد المحلي خاصة نسبة المشاركة القياسية التي تخطت80 بالمائة، ما هي قراءتكم الخاصة لهذا الرقم الذي لم تحققه الولاية على مدار المواعيد الانتخابية السابقة؟ ٌ الوالي محمد الغازي: على ذكر الرئاسيات، نستغل المناسبة لتجديد تهانينا لإعادة انتخاب فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة في سياق التوجه الشعبي العام نحو خيار الاستمرارية. أما بولاية عنابة فمعدل المشاركة المحلي لم يكن مفاجئا على خلفية أن كل الولايات سجلت معدلات مرتفعة تؤكد مدى الوعي السياسي الذي أصبحت تتمتع به الشرائح العريضة للمجتمع. كما تعكس وقع الحملات التحسيسية حول الواجب الانتخابي التي اشتركت فيه جميع الفعاليات. خطفت ولاية عنابة الأضواء في المدة الأخيرة بتفجر عدة احتجاجات في أوساط البطالين، الطلبة والطبقة العاملة، كيف تنظرون إلى المطالب التي ترفعها الجبهة الاجتماعية خاصة مع توالي الحركات الاحتجاجية بشكل لافت؟ ٌ دعوني أؤكد أن السلطات المحلية ليست غائبة ولا غير مبالية بهذه التطورات. كما أن موجة الاحتجاجات التي كانت عدة بلديات مسرحا لها وخاصة على مستوى عين الباردة ليست عفوية، بل تقف وراءها أطراف تمارس التشويش وتسعى لتحريك الشارع بتحريض شريحة البطالين ضد البرامج المحلية الخاصة بالتشغيل. ونحن إذ نأسف لهذه الأساليب نوضح بأننا نتابع باهتمام كل صغيرة وكبيرة على إقليم الولاية ولأنه من غير المعقول أن تحتل الولاية المرتبة الأولى وطنيا فيما يخص العقود الممنوحة في إطار البرنامج الوطني للإدماج المهني للشباب البطال، حيث تؤكد الأرقام الرسمية بمديرية التشغيل إدماج أكثر من 15 ألف شاب في عالم الشغل في حين تنفرد عنابة بهكذا أحداث. كما نجدد التأكيد على أن الحصة الممنوحة لعنابة لايمكنها أن تغطي كافة طلبات العمل وبالتالي لايمكن أن نقضي على البطالة نهائيا بهذا البرنامج وحده. بقي التوضيح أن هذه العقود ليست منحا لللبطالين بل تستوجب تقديم خدمات مقابل الراتب الممنوح للشباب في هذا الإطار. كما أن مكافحة البطالة تقتضي إشراك المتعاملين الخواص أيضا، بل أكثر من ذلك استعداد طالب العمل للشغل في أي منصب يطرح عليه. هل فتحتم تحقيقا لتسليط الضوء على تلك الأحداث؟ ٌ بالتأكيد ومثلما قلت آنفا، نحن ندرس كل جوانب القضية، كما أن المصالح المختصة تتحرى فيما يجري في الميدان، غير أن المؤكد أن وتيرة تلك الاحتجاجات امفتعلةب وتنم عن استعمال للشباب البطال في سياق تصفية الحسابات بن جهات مختلفة وأحيانا بين المنتخبين داخل المجلس الشعبي البلدي الواحد. وفي هذا الصدد وجهت تعليمات صارمة في اللقاء الأخير الذي جمعني برؤساء الدوائر ورؤساء البلديات بضرورة ترقية آليات الاتصال مع المواطنين وإشراكهم في مختلف البرامج المحلية. أزمة السكن من بين الملفات الشائكة المطروحة حاليا على صعيد انشغالات المواطنين، خاصة في ضوء الأرقام التي أفرزها الإحصاء الأخير للسكن والسكان والمتعلق بتنامي البنايات الفوضوية والارتفاع الهائل لعدد الطلبات على مختلف البرامج في مقابل تأخر فاضح على مستوى ورشات الإنجاز، فما هي الإجراءات التي تنوون اتخاذها لتغيير هذا الوضع؟ ٌ ملف السكن في الحقيقة يتصدر اهتمامات سكان الولاية وبالمقابل هناك إصرار من قبل السلطات العليا في البلاد على تجاوز هذه الأزمة خاصة وأن برنامج الرئيس يتضمن إنجاز مليون ونصف المليون وحدة سكنية جديدة خلال الخماسي القادم 2009 -2014 ونتمنى على الصعيد المحلي أن تكون حصة الولاية مرتفعة خاصة وأننا أحصينا إلى غاية أفريل 2008 وجود 20 ألف سكن غير لائق بين بنايات هشة وقديمة وأخرى شيدت بطريقة فوضوية وأحيانا بتواطؤ مفضوح من إداريين ومنتخبين بمختلف البلديات. أما السكنات الفوضوية التي تم إنجازها بعد افريل 2008 فسيجري هدمها بشكل كلي وبصفة دورية. يسجل برنامج السكن التساهمي تأخرا ملحوظا وكان محل احتجاج من بعض المستفيدين، ألا يؤشر ذلك على فشل الصيغة المذكورة بولاية عنابة؟ ٌ لقد استفادت الولاية في إطار البرنامج الخماسي الثاني من 1557 وحدة سكنية اجتماعية تساهمية، أنجز منها لحد الآن 1267 فيما يجري انجاز الباقي، وهذا يؤكد أن بعض مؤسسات الإنجاز غير جادة وسجلت تأخرا غير مبرر مما يجعل المواطن أول الضحايا، ومن هذا المنطلق تحركت السلطات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد كل مرقي عقاري يماطل في تسليم مشروعه وقد تم توجيه عدة اعذارات لهم ووضع آخرون على اللائحة السوداء بشكل يمنعهم من الاستفادة من هكذا مشاريع في المستقبل. تجري حاليا على مستوى العديد من الهيئات القضائية المحلية محاكمة عشرات المنتخبين والإداريين من العهدة الانتخابية المنقضية بتهم ثقيلة متصلة بتبديد المال العام وإبرام صفقات مشبوهة، ماهي الإجراءات المتخذة لتفادي تكرار مثل هذا السيناريو في العهدة الجارية؟ ٌ منذ تنصيب المجالس المنتخبة المحلية التي تمخضت عن انتخابات 29 نوفمبر 2007 تقوم المفتشية العامة للولاية بدورات تفتيش مفاجئة لمختلف البلديات لمراقبة آليات التسيير المالي والإداري لهذه المجالس، وهي تعكف حاليا على متابعة مجريات الوضع مع المنتخبين والإداريين لتفادي أي تجاوزات محتملة وإلى حد الآن لم نسجل أي حوادث تستدعي القلق ونتمنى أن نوفق في التعامل مع ملفات تسيير الصالح العام عن طريق المراقبة الصارمة والنصائح التوجيهية والمرافقة الدائمة والتكوين المتواصل. أصبحت عنابة في السنتين الأخيرتين قبلة للهجرة غير الشرعية، كيف ترون الظاهرة وهل من تدابير لفرملة تدفق الشباب إلى الضفة الأخرى من المتوسط على متن قوارب الموت؟ ٌ الهجرة غير الشرعية ظاهرة عالمية ولا تختص بها الجزائر وحدها غير أنها عندنا اخذت طابع الحلم، فليس من المعقول أن يحرق طبيب أو مهندس دولة وصاحب شهادة جامعية عليا في الوقت الذي يمكنه أن يبني مستقبله هنا. إن صرعة الحلم الأوروبي بدأت تأفل بعد أن وجد المهاجرون غير الشرعيين أنفسهم في ظروف مزرية داخل محتشدات بالدول المستقطبة. وكثير منهم تيقن أنه يجري وراء سراب لذلك باتت حدة الظاهرة تخف سواء في عنابة أو على مستوى الولايات الساحلية الأخرى وأعتقد أن الدولة أخذت على عاتقها معالجة الظاهرة ولن تتخلى عن مسؤولياتها في حماية الشباب. انطلقتم مؤخرا في عملية واسعة لإعادة تهيئة طرقات المدينة المهترئة، فمتى تنتهي معاناة المواطنين مع التدهور الحاصل في هذا الميدان؟ ٌ ما يمكنني التأكيد عليه في هذا المجال أنه وبحلول شهر جوان القادم سوف يتم القضاء على كل النقاط السوداء التي تعرفها عنابة في هذا الميدان وأنتم تلاحظون أن العملية جارية وقد تم تعبيد معظم الطرقات في الأيام الماضية ونحن نعمل على أن تستعيد عنابة مكانتها السياحية وتستقبل المصطافين في ظروف حسنة. أعلن عن استفادة عنابة من مشاريع سياحية ضخمة غير أنها بقيت مجرد بوهمب بين قوسين فهل انسحبت المؤسسات الخليجية كما يشاع؟ ٌ فيما يخص المشاريع التي أعلنتها ''سيدار'' السعودية بالولاية فما تزال الأمور على مستوى الوزارة المعنية والشركة على اتصال دائم بها وهو الأمر الذي يعني تمسكا بتلك المشاريع وإنما كما هو معلوم هناك إجراءات إدارية حتمية يخضع لها كل مستثمر والتي تسمح بتجسيد المشاريع المعلنة تسربت مؤخرا أخبار عن لقاء جمعكم بمسؤولين من السفارة الهندية على خلفية قضية شركة افراند سميت واركسب مع مركب ارسيلور، ماذا تناولتم فيه وكيف تتابعون تطورات الوضع داخل المركب؟ ٌ لم التق أي مسؤول هندي بهذا الخصوص ومركب الحجار أو ارسيلور ميطال أصبحت له وضعية خاصة بعد توقيع عقد الشراكة في 2002 وما يحدث هو خلاف تجاري وليس لنا دخل من قريب أو بعيد في القضية والعدالة وحدها من ستفصل في النزاع بين ارسيلور ميطال وفراند سميت واركس. تحضرون رفقة مطرب الراب لطفي مبادرة جديدة بعد مبادرة كبش لكل عائلة، هل يمكن لقراء ''البلاد'' أن يطلعون على فحواها؟ ٌ حقيقة لطفي مهتم بقضايا الولاية والمبادرة التي تحدثتم عنها نسعى من خلالها إلى القضاء على البطالة ومساعدة الشباب في الحصول على مناصب عمل تزرع الأمل بينهم ترتكز أساسا على لقاءات مباشرة مع هذه الفئة وسنتخذ خلالها إجراءات ملموسة تساعد على عودة الثقة في الوطن. وبالمجمل فان جوهر المبادرة يحمل في طياته رسالة إلى الشباب مفادها ثقوا في بلادكم.