* بلغت نسبة الفائزات في بكالوريا العام الماضي 64.73٪ مقابل 35.25 للذكور. * الذكور أكثر تسجيلا للغيابات ب 62.01٪ * الإناث أكثر تركيزا ب 61.12٪ مقابل 37.26٪ في دراسة أجرتها مديرية التربية بوهران على المترشحين للبكالوريا. من المتعارف عليه أن المرأة بطبيعتها تسعد دائما لإثبات وجودها والرفع من مستواها بتقلد أعلى المناصب، فهي في صراع دائم مع زميلها الرجل للظفر بإمتيازات جديدة تزيدها مكانة وتقديرا وإن كنّا في الأعداد السابقة قد تطرقنا إلى ملف خاص بالمرأة وما حققته من إنجازات في عيدها العالمي المصادف للثامن مارس من كل سنة، إلا أننا نعود من جديد للحديث عنها وبطريقة مغايرة مادام طموحها يفرض علينا ذلك وهذه المرة بمقاعد الدراسة وما تحاول بإستمرار تحقيقه حتى وإن كانت لم تتعد بعد مرحلة التعليم. وما دفعنا للحديث عن هذه الظاهرة، تلك الفروقات المسجّلة بصفة مستمرة في نتائج الطرفين والتي أكدتها الإحصائيات المستقاة من مديرية التربية بولاية وهران، لاسيما فيما يخص الإمتحانات المصيرية أين تجاوزت نسبة تفوّق الإناث على الذكور بكثير، هذه النقطة بالذات تستدعي تحديد الأسباب والدوافع المؤدية لذلك ونقاط ضعف الطرف الآخر الذي تراجع مستواه الدراسي، بالنظر إلى ما سجلته الممتحنة طيلة سنة دراسية كاملة وحصيلة نتائج شهادة البكالوريا لسنة 2010-2009 مثال بسيط على تفوق الإناث على الذكور، حيث بلغت نسبة الفائزات في الإختيار المصيري 64.73٪ مقابل 35.27٪ للجنس الآخر. هذا التباين الملحوظ دفع مديرية التربية لإعداد دراسة خاصة تعتمد على مسح كامل مدعم بأرقام وإنشغالات المشرفين على القطاع الذين يستبعدون أن تكون هذه الظاهرة أمرا إستثنائيا بتجسد بولاية وهران فقط. * 374 تلميذ تحت المجهر باشرت مديرية التربية بناء على النتائج الخاصة بتفوق الإناث على الذكور في دراسة أجراها مختصون على تلاميذ أقسام السنة الثالثة ثانوي نظرا لتسجيل فارق كبير في نتائج السنة المنصرمة ولتسهيل المهمة على اللجنة المنصبة خصيصا لهذه العملية فقد إختار المشرفون على البرنامج عينة من المتمدرسين المقبلين على إجتياز إمتحان شهادة البكالوريا بمختلف الشعب الدراسية وعبر عدة مؤسسات تربوية المتواجدة على مستوى ولاية وهران. وبشكل دقيق البرنامج إستهدف 374 تلميذ وتلميذة موزعين عبر 8 مؤسسات تربوية وفي عدة شعب حيث مست الدراسة 62 تلميذا من ثانوية سويح الهواري شعبة تقني رياضي وعلوم تجريبية، 58 تلميذا من مؤسسة ڤديل الجديدة شعبة آداب وفلسفة وتسيير وإقتصاد، 51 متمدرسا في اللغات الأجنبية وتقني رياضي، 42 تلميذا بثانوية العقيد لطفي و80 آخرا من مؤسستي مولود قاسم ومراح عبد القادر. ولم تقتصر الدراسة على تلاميذ الشعب العلمية أوالتقنية فقط، بل فتحت المجال للمسجلين في تخصصات عديدة، حتى لا تكون العملية محصورة في نطاق واحد ينقصها العديد من التوضيحات من حيث الفروقات في الذكاء، التحصيل، السرعة والدقة في الحساب والميولات والإتجاهات التي تختلف من تلميذ لآخر من جنس لآخر، حسب إهتمام كل واحد من هذه الشريحة وحسب قدرته الفكرية والنفسية لإستيعاب الدروس. فالإستجوابات الأولية التي باشرت فيها اللجنة أن 95.97٪ من الحصيلة الإجمالية للشريحة المختارة تهتم بالتعليم وتوليه إهتمام كبير. ومن هنا يتضح المنحنى البياني الذي حددت أبعاده النسب المتفاوتة بين الجنسين في كل مرحلة من مراحل الدراسة، بداية من المتابعة والتركيز داخل القسم حيث سجل المشرفون على العملية 61.12٪ لدى الإناث مقابل 37.26٪ لدى الذكور وهو ما ينعكس سلبا على التحصيل الدراسي للتلميذ ويجعله شبه مستحيلا في بعض الأحيان أما بالنسبة لمدى إنجاز الواجبات المنزلية فيبقى الإختلاف يطرح نفسه كذلك في هذا الجانب عن طريق عمليات حسابية تؤكد التباعد الملحوظ بين الجنسين. وبما أن ظاهرة تفوق الإناث على الذكور تترجمها تلك الأرقام فإن إهتمام الطرف الأول بالدراسة والرفع من مستواه يدفعه للبحث دوما عن الطرق الناجعة التي تحقق له ذلك. حيث أن نسبة 71.30٪ من جنس الإناث يلجأن للدروس الخصوصية وهذا بالإستعانة بالمدارس الخاصة التي أضحت توفر لهن ذلك فيما أن 7.59٪ من الذكور فقط يقبلون عليها وهي نسبة قليلة جدا مقارنة مع الحصيلة الأولى، علما أن التلاميذ يحتاجون للدعم في مادتي الرياضيات والفيزياء ب 32.44٪ بالنسبة للأقسام العلمية والتسيير المحاسبي والمالي ب 8.57٪ بالنسبة لشعبة التسيير والإقتصاد، ثم الإنجليزية، الفرنسية والفلسفة ب 5.36٪ بالنسبة لتلاميذ الأقسام الأدبية. * الذكور وألاّ إهتمام ويرى المشرفون على قطاع التربية أن عوامل عديدة تتحكم في الظاهرة كالغيابات، التأخير والرسوب بغض النظر عن الدّوافع النفسية، الإجتماعية وحتى الأسرية، حيث توصلت نفس الدراسة إلى تسجيل عدد كبير من الغيابات للطرف الثاني الذي يحاول بإستمرار مغادرة مقاعد الدراسة وقضاء معظم وقته خارج المؤسسة ليصل المنحنى البياني 62.01٪ مقابل 5.8٪ عند الإناث اللواتي يتخفون من أي تأثيرات سلبية وفي هذا الشأن فإن هذه الأخيرة تحصد أحسن المعدلات في المواد العلمية أولا ثم العلمية بنسبة أقل نوعا ما. بالمقابل فإن الرسوب في إمتحانات آخر السنة بإختلاف المستويات التعليمية له إنعكاسا كبيرا على مصير التلميذ الذي قد يُحرم من الإنتقال إلى القسم الأعلى، إلا أننا هنا لانقف أمام نفس التباين المسجل سابقا حيث تنقلب القاعدة وتطرأ عليها بعض الإستثناءات نتيجة إحصاء نسب متفاوتة بين الذكور والإناث الذين لم يسعفهم الحظ لتجاوز هذه المحطة خاصة في الطور المتوسط. ومن خلال النتائج التي توصلت إليها اللجنة فقد تبين أن الفارق والتباين في المستوى الدراسي بين الجنسين يزداد حدة كلما إنتقلنا من مرحلة تعليمية لأخرى حيث يكون هذا الإختلاف واضحا بالنسبة لتلاميذ أقسام السنة الثالثة ثانوي في كل الشعب وبدون إستثناء وسرعان ما يبدأ يتلاشي في الطور المتوسط إلى أن يقلّ تماما في الطور الإبتدائي. * تفوق تترجمه دوافع نفسية وإجتماعية وإن كان التقرير الذي أعدته مديرية التربية قد ألمّ بجميع الجوانب إلا أن علماء النفس لهم تفسيرهم الخاص بهم إعتمادا على الحصص التي يجربها الأخصائيون على عدة حالات حيث ترى هذه الأخيرة أن الفتاة وما تعيشه من ضغوطات يفرضها عليها محيطها تجد نفسها ملزمة لتجاوز كل القيود التي قيدتها عدة سنوات نتيجة التمييز الذي تعمل به الأسرة بينها وبين جنس الذكر. فالجانب النفسي حسبهم له تأثير كبير على الفتاة خاصة من زاوية الخوف الشديد من الفشل والمكوث في البيت وهو ما يدفعها بإستمرار لفرض نفسها وتحقيق طموحها ومواصلة دراستها تحت أي ضغط مادام هذا العامل تحول إلى حافز لا شعوري يشجعها على بذل مجهود أكبر والتفوق والنجاح بدءا بالطور الإبتدائي ووصولا إلى مرحلة التعليم العالي، أضف إلى ذلك أسباب إجتماعية أخرى كعدم السماح لها في الإشتراك في ممارسات ترفيهية على خلاف الشاب الذي له كل الحرية في إختيار الوسيلة والطريقة التي تساعده على قضاء وقته خارج الدراسة ومنه فإن تصور حياة مستقبلية ناجحة هي النظرة الوحيدة التي ترسمها الفتاة لنفسها بنسبة 94.90٪ من العدد الإجمالي لهذه الشريحة.