يستعد الفكاهي الجزائري المغترب محمد فلاڤ لتقديم عرضه المسرحي الجديد بمدينة »نيم« الفرنسية والذي يحمل عنوان »في الجزائر« لتستمع الجالية الجزائرية والغاربية بهذا العرض المشوّق الذي يضم أربع نصوص قصصية وقعها الفنان محمد فلاڤ بنفسه سنة 2002 حيث عالج من خلالها أهم المشاكل الإجتماعية التي يعيشها المواطن الجزائري في ظل غياب الثقة وانعدام المسؤولية لدى بعض الأشخاص ومدى تأثير ذلك على حياة المواطنين الآخرين الذين فقدوا الثقة فيما بينهم لأسباب عديدة ومن المقرر أن يقدم محمد فلاڤ هذا العرض المسرحي الفكاهي قريبا في عدد من الدول الأوروبية والمغاربية بعد النجاح الكبير الذي حققه هذا الأخير من خلال مسرحية »كل الجزائريين ميكانيكيين« التي أثارت بدورها إشكالية كبيرة وسط النقاد الجزائريين الذين اعتبروا العرض إهانة للمواطن الجزائري خصوصا أن فلاڤ قد قدم لعرض بطريقة تهكمية وساخرة على الحياة التي يعيشها الجزائريون مما سبب استياء الكثير من الأشخاص. ورغم هذه الإنتقادات التي وجهت للفكاهي »فلاڤ« إلا أن هذا الأخير لا زال يواصل عرض مسرحيته في فرنسا والمناطق المجاورة التي تتكلم عن قصة زوجين »سليم« و»شهرزاد« اللذان فقدا وظيفتهما كمدرسين للغة الفرنسية بالجزائر بسبب سياسة التعريب ليجد هذين الأخيرين نفسيهما مجبرين على العمل في مرآب لإصلاح السيارات لكسب عيشهما والتخلص من شبح البطالة الذي صار يلاحقهما بعد أن فقدا وظيفة التدريس، فتدور العديد من النقاشات والحوارات بين هذين الزوجين حول المشاكل والهواجس التي صارت تنكّد عليهما حياتهما لكن وبسبب الأعطاب التي تتعرض لها إحدى السيارات ينسى كل منهما مشاكله وهمومه ويحاولان إصلاح هذه المركبة المعطّلة التي أصبحت مصدرا للحصول ومنفذا للإبتعاد عن الشجارات والمشاكل. وعليه فإن محمد فلاڤ حاول من خلال هذا العرض أن يسلّط الضوء على الوضعية الإجتماعية التي يعيشها المواطن الجزائري وكمّ المشاكل التي يواجهها في حياته العادية طارحها بذلك فكرة السيارة المعطّلة التي تستدعي الإصلاح حتى تعود لسابق عهدها وهذا ما ينبغي أن يقوم به الجزائريون مطالبا إياهم بضرورة التضامن والتلاحم لإيجاد الحلول وإصلاح ما أفسده الدهر. ومن جهة أخرى، فإن نجاحات هذا الفنان الفكاهي لا زالت متواصلة من خلال آخر أعماله في مجال السينما وهذه المرة مع الأفلام الكارتونية حيث جسّد هذا الأخير إحدى الشخصيات الكارتونية في فيلم الرسوم المتحركة بعنوان »قط الحاخام« للمخرج »خوان سفر« و»أنطوان ديليفو« في حين قام بوضع موسيقى الفيلم المطرب العالمي أنريكو ماسياس، علما أن محمد فلاڤ قد مثل في هذ العمل إلى جانب الممثلة المخضرمة حفصية حرزي وهي من أم تونسية وأب جزائري، إذ تؤدي هذه الأخيرة دور »زلابية« في قصة تدور أحداثها حول عائلة يهودية تعيش في الجزائر في سنوات العشرينيات وقد اقتبس العمل عن سلسلة كتب للرسوم المتحركة تحمل نفس العنوان، وكتبه للسينما »سوندرينا جاردال« و»جوان سفر« اللذان عالجا ظاهرة تعايش المسلمين والمسيحيين في الجزائر. وتجدر الإشارة أن الفكاهي محمد فلاڤ يعتبر من أهم الفكاهيين الجزائريين الذين تربعوا على عرش الكوميديا المسرحية بالدول الأوروبية حين عُرف هذا الأخير بتهكّمه وسخريته من مأسارة الشعوب وانتقاده للمظاهر الإجتماعية والسياسية الراهنة عبر مختلف الدول العربية والغربية خصوصا الجزائر، مما ولد لديه شعبية كبيرة وسط الجالية الجزائرية والجمهور الفرنسي على وجه الخصوص، وللعلم فهو خريج الفنون المسرحية بالعاصمة الجزائرية سنة 1968 حيث بقي هناك لمدة 4 سنوات وجسّد العديد من الأدوار المسرحية وكذا التلفزيونية والسينمائية ورغم أنه ينحدر من منطقة القبائل، إلا أن لهجته كانت جد مفهومة وحضوره القوي على الخشبة مكّنه من التألف في آداءه ليقرر سنة 1978 أن يسافر إلى فرنسا وكذا بهدف تطوير امكانياته الفنية وولوج عالم الفكاهة المسرحية والسينمائية من أبوابه الواسعة ليعود سنة 1985 إلى الجزائر ويعمل في المسرح الوطني الجزائري كممثل ومخرج مسرحي ليقدم سنة 1987 أول عرض مسرحي له بعنوان »مغامرات تشوب« الذي تحصل من خلاله على جائزة النقاد، ليتمكن بعدها من ثقل منصب مدير المسرح لبجاية لكن هذا لم يفسح له المجال لتوسيع إبداعاته المسرحية وتحقيق طموحاته الفنية على الخشبة والوصول إلى العالمية، وبالفعل فقد استطاع نجم الفكاهة الجزائرية من اعتلاء منصة الإحترافية بعد أن قدم عروضا مسرحية ناجحة جدّا جعلت من محمد فلاڤ إسما فكاهيا لامعا في الدول الأوروبية، حيث قدم سنة 1989 عرض »كوكتال كوروتوف« وفي سنة 1991 قدم عرض »بابور أستراليا« الذي فاز من خلاله بجائزة شرفية عام 2003 لتليه أعمال أخرى ناجحة رغم الإنتقادات اللاذعة التي وجهت لها من طرف النقاد الجزائريين الذين رأوا أن فلاڤ قد بالغ كثيرا في معالجته للقضايا الجزائرية على ركح المسرح.