ترى الدكتورة شادية زيتون نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان أن السينوغرافيا لا تزال منذ نشأنها إلى يومنا هذا محط جدل ونقاش في جدوى أهميتها، والدور الذي تلعبه في العرض المسرحي، مؤكدة أنها أصبحت وسيطا فاعلا على خشبة المسرح. قالت الدكتورة شادية زيتون على الرغم من كل التحولات التي عرفها المسرح في علاقته مع السينوغرافيا وجعلته ينتقل من ممارسة يبتكر النص في مضمونها المعنى، إلى ممارسة يتولد المعنى فيها من كل شيء وكون المسرح يحمل كما من اللغات المتداخلة، شكل فضاؤه هاجسا استحوذ فكر مدعيه وخيالهم، مما أدى إلى تبلور الآراء حول مفهوم الصحيح للسينوغرافيا ومضامينها ولكيفية استخدامها ومدى أهميتها في العرض المسرحي في منتصف القرن العشرين ، حتى أصبحت حسبها وسيطا فاعلا على خشبة المسرح وفضائه، وركيزة أساسية في قراءة المخرج الذي لا يمكنه بدء التشكيل الحركي من خلق علاقة مع العناصر التشكيلية التي يبتكرها مصمم السينوغرافيا ويعمل عليها. ومن جهة أخرى أكدت الدكتور في تصريحها للحياة العربية أن رغم التطور التكنولوجي الذي نعيشه في عصرنا الحالي والتجديد في وسائل التكنولوجيا إلا أن سينوغرافيا مازالت تحقق غايتها في العرض المسرحي حيث قالت “اليوم وأمام ما نعيشه من التطوير والتجديد في وسائل التكنولوجيا لا يسعني القول إلا انه لم يعد مقبولا أن نهمش السينوغرافيا في عروضنا المسرحية ونكتفي بالتعامل مع عناصرها بصورة تجزيئية تنتج الخلل في إيقاع الحدث ودرامية الرؤيا وضبط عملية إيقاع التفاعل مع الممثل والتواصل مع المتلقي، لم يعد مقبولا استخدام السينوغرافيا من دون إبداع سياق فكري ينظمها ويسهم في تركيبة الأساس المنهجي لبنية العرض المسرحي” مضيفة”لم يعد مقبولا أن لا ندرك أهمية حضور السينوغرافيا الصحيحة والفاعلة في العرض المسرحي وأهمية دورها في الفعل الدرامي، لم يعد مقبولا استخدام شريط سينمائي في مطلق عرض مسرحي ما لم يأتي متمما للعناصر الدرامية ومشاركا فاعلا في تركيبة الحدث”، هذا وقد وجهت المتحدثة دعوة للمختصين من أجل الابتعاد عن استيراد النماذج والأساليب الأوروبية واستخدامها بالمجان، كما دعت إلى ضرورة إدراك أهمية كل عنصر من عناصر السينوغرافيا (ديكور- اكسيسوار-إضاءة- موسيقى- ملابس-ماكياج) لان كل عنصر تقول المتحدثة له فعله وبعده الوظيفي والدلالي والجمالي وان كل هذه العناصر ترتبط ببغضها ارتباطا وثيقا بعلاقة السببية ورباط الفكر، مؤكدة بأن الابتكار في السينوغرافيا يتلخص في ترتيبها التشكيلي ما بين فكرة النص وفكرة العرض بحيث ينعكس في الفعل والحدث ويولد لغة متماسكة فنيا وفكريا في صياغة المعنى بشكل مرئي ومسموع ومحسوس، أما بالنسبة للمخرج فقد أكدت محدثتنا أن هناك العديد من المخرجين لا يعونا تماما بان السينوغرافيا معادلا تعبيريا ومؤثرا في الحدث الدرامي وان عليه الاستعانة بمصمم سينوغرافيا إلا في حال كان المخرج يملك حسا تشكيليا وملما بالأسس العلمية للسينوغرافيا مما سيساعده في عرضا مسرحيا برؤية مضافة بصريا على روح النص. هذا وقد اختتمت محدثتنا تصريحها بالقول “لم يعد مقبولا في ظل ما يتعرض إليه عصرنا الثقافي من الاهتزاز وما نشهده من تراجع في معظم العروض المسرحية أن لا نعيد النظر في مسيرة المسرح ضمن العمل على إرساء المفاهيم الصحيحة لتكوين العرض المسرحي لأننا لم نتمكن من التعديل والتغيير في إدراكنا لها في المدى القريب لن يتسن لنا أن نجيز تأسيسا يضمن بقاء المسرح ، مسرح التجدد والتجديد”.