شكل تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وعملها الدبلوماسي لاستقلال الجزائر موضوع مائدة مستديرة نشطت على هامش الدورة 23 من الصالون الدولي للكتاب الذي يحتضنه قصر المعارض الصنوبر البحري إلى غاية 10 من الشهر الجاري، شارك فيها مؤرخين جزائريين و أجانب. وتم تنشيط هذه المائدة المستديرة من قبل المؤرخ عبد المجيد مرداسي والدبلوماسي السابق محمد خلادي والمؤرخ الصيني كسين ديونغ وكذا المؤرخ الأمريكي ماتيو كونلي، واستذكر عبد المجيد مرداسي مؤلف كتاب “الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، مهمة تاريخية”، تأسست الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية سنة 1958 التي اعتبرها منبثقة من التوجهات السياسية لمؤتمر الصومام سنة 1956, انطلاقا من اقتراح حسين آيت أحمد سنة 1957 ومختلف الاجتماعات والتي أفضت إلى تنظيم مهيكل على شكل دوائر مكلفة بتحضير هذه الحكومة. وكشف المؤرخ الجزائري الأسماء التي تم اقتراحها لرئاسة الحكومة المؤقتة و هم محمد لمين دباغين المرفوض من قبل قادة الحرب المسجونين في فرنسا، وكريم بلقاسم المرفوض من طرف عبد الحفيظ بوصوف ولخضر بن طوبال (عضوين في لجنة التنسيق والتنفيذ)، قبل أن يفرض اسم فرحات عباس نفسه نظرا لأنه شخصية عاقلة وأهل للمفاوضات، ومن جهته اعتبر المجاهد والدبلوماسي الأسبق محمد خلادي إنشاء الحكومة المؤقتة على أنه ثمرة الانضمام الكثيف للنخبة السياسية الفكرية الجزائرية لقضية الاستقلال التي حملتها جبهة التحرير الوطني بعد بلوغها النضج عقب انعقاد مؤتمر الصومام، كما أفاد المتحدث ذاته أن إنشاء الحكومة المؤقتة التي وصفها بالصدى القوي لمؤتمر الصومام، كان المنفذ السياسي الوحيد الذي من شأنه إخراج الجزائر من معزلها، ذلك أن جيراننا المحاذين كانوا تحت وطأة فرنسا المستعمرة، على حد تحليله، ولدى تطرقه إلى العمل الديبلوماسي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، أوضح المؤرخ الأمريكي ماتيو كونيلي، باحث في تاريخ تصفية الاستعمار أن الإستراتيجية الدبلوماسية لحسين آيت أحمد التي انتهجتها الحكومة المؤقتة اعتمدت على إيجاد توازن بين البلدان الاشتراكية والغربية مع استغلال المكانة التي يمكن للجزائر المستقلة احتلالها في سياق الحرب الباردة، كما تناول الباحث الأمريكي كذلك رفض الولاياتالمتحدةالأمريكية تقديم دعم عسكري لفرنسا خشية فشل آخر مشابه للذي وقع خلال الحرب الهند الصينية. كما أبرز كونيلي أن الأعمال المنجزة في الجزائر مثل “معركة الجزائر” كانت موجهة لدعم عمل الممثلين الجزائريين لكسب المعركة على مستوى الأممالمتحدة. فعلاوة على إضعافه للدبلوماسية الفرنسية سمح هذا العمل كذلك بكسر المواجهة التي كانت قائمة على انفراد بين فرنسا الاستعمارية وجبهة التحرير الوطني وهو الأمر الذي أدى إلى تكفل المجتمع الدولي بالقضية الجزائرية. ن.ل