* الشارع يشكك في “التوبة السياسية” لأحزاب الموالاة بين 22 فيفري، و22 مارس، مضى شهر كامل على المسيرات الشعبية للجزائريين، حراك حافظ على سلميته، تحضره، وقوته، ورغم توقعات مصالح الأرصاد الجوية بيوم ممطر أمس، الجمعة، إلا أن الجزائريين احتلوا الشارع مجددا، تحت شعار “للجزائر نسير”. وما ميز الجمعة الخامسة أنها جاءت في وقت خاب ظن من كانوا يراهنون على ضيق نفس الشعب، وهدوء الغضب مع مرور الوقت، لكن الواقع بيّن عكس ذلك، فقد بات الحراك ككرة ثلج يكبر يوما بعد آخر، وانضمت إليه جميع الفئات والقطاعات، والتحق به منذ نهاية هذا الأسبوع أكثر المؤيدين لبوتفليقة. وما قد يكون دافعا آخر على استمرار المسيرات، هو تصريحات لعمامرة في الخارج، حيث أكد على أن بوتفليقة باق في الحكم بعد 28 أفريل، والخرجات غير المتوقعة من طرف أحزاب المولاة وعلى رأسهم الأفلان والأرندي، في وقت شهد الأسبوع المنصرم رسائل مؤيدة جديدة من الفريق قايد صالح. وكان رمطان لعمامرة، قد أكد الأربعاء، أن بوتفليقة سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب ديمقراطيا بعد إقرار دستور جديد وعقد مؤتمر وطني، وهو ما يؤكد بقاءه على رأس السلطة بعد 28 أفريل المقبل، وقال لعمامرة في ندوة صحفية رفقة نظيره الألماني هايكوماس، في برلين، بحسب ما نقلت رويترز، إن الخطة الرامية للخروج من هذا الموقف والتي طرحها بوتفليقة في 11 مارس تقضي بعدم ترشح الرئيس في أي انتخابات جديدة وبأن الندوة الوطنية الجامعة هي التي ستحدد موعد هذه الانتخابات. إضافة إلى هذا، فقد شكلت تصريحات قيادي في الأرندي نقطة هامة في مسار الأزمة الجزائرية، وقد تدفع الشعب الى المزيد من التصعيد حتى تحقيق مطالبه، حيث قال صديق شهاب إن “قوى غير دستورية سييرت البلاد منذ 6 أو 7 سنوات الأخيرة” وهو تصريح ليس من علي فليس أو عبد الله جاب الله، أو أي شخص آخر من المعارضة، بل من قيادي بارز في حزب ظل يدعم بوتفليقة منذ 1999، وكان من أول المطالبين بترشحه لعهدة خامسة. ومع هذه التطورات، كان الفريق قايد صالح قد أكد في كلمة له في الناحية العسكرية الثالثة ببشار، في زيارة عمل وتفقد، إعجابه بسلمية وحضارية المسيرات الشعبية، مؤكدا أنه يوجد كل مسكلة حل، بل حلول، وقال الفريق “فكل ذي عقل وحكمة، يدرك بحسه الوطني وببصيرته البعيدة النظر، بأن لكل مشكلة حل، بل، حلول، فالمشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل، وملائمة”. ولا يقترح الفريق قايد صالح أي حلول، وليست من مسؤوليته، لكنه يعتقد “بأنها تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت، بإذن الله تعالى وقوته”. ..حشود غفيرة تحدّت البرد والمطر وبالعودة إلى مظاهرات أمس، الجمعة، فرغم الأمطار وبرودة الطقس، احتشدت جموع من المواطنين في العاصمة ومدن عدة في أنحاء البلاد، تعبيرا عن رفضهم لقرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والمطالبة بتغيير النظام. وبرزت جموع غفيرة من المتظاهرين وسط العاصمة، في ساحة البريد المركزي وساحات أخرى، وتجمع عدد من المتظاهرين قرب قصر الحكومة في في الجمعة الخامسة على التوالي لهذا الحراك الشعبي. وأكد المتظاهرون رفضهم تأجيل الانتخابات الرئاسية وتمديد العهدة الرابعة لبوتفليقة، ورددوا شعارات تطالب بالاستجابة للحراك الشعبي وتغيير النظام، في وقت قدرت بعض الوكالات الإعلامية أعداد المتظاهرين وسط العاصمة بعشرات الآلاف. كما خرجت مظاهرات حاشدة في مدن باتنة وعنابة وبرج بوعريريج وبومرداس والبليدة ترفع مطالب التغيير وتدعو للاصطفاف الوطني وتطالب بمحاسبة الفاسدين. ويدخل الحراك الشعبي شهره الثاني بعدما انطلق في 22 فبراير الماضي. وجاءت مظاهرات أمس، استجابة لدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدعم من مختلف الأحزاب المعارضة والمنظمات والنقابات. وشهدت الجمع الأربع الأولى للحراك مشاركة واسعة في مسيرات وتجمعات لفئات شعبية وعمالية مختلفة. .. الشارع الجزائري ينتفض ضدّ “راكبي موجة الحراك” وانتفض الشارع الجزائري، أمس، الجمعة، ضد من أسماهم “راكبو موجة الحراك الشعبي” من وجوه السلطة ورموزها السياسية، وأحزابٍ كانت حتى الأيام الماضية متمسكة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وترشيحه لعهدة رئاسية خامسة، وشكك في توبتها السياسية بعد إعلان تغيير مواقفها. وحمل المتظاهرون الذين تجمعوا في ساحة البريد المركزي بقلب العاصمة، قبل بدء المسيرات المليونية المنتظرة عقب صلاة الجمعة شعار “يتنحاو قاع” أي يرحلون جميعاً، بعد أسبوع من الجدل السياسي، حول ما أسماه الناشطون في الفضاء الافتراضي ب”ركوب الأحزاب السياسية والشخصيات موجة الحراك والانضمام للشارع”. ورد الشارع أمس، في خامس جمعة من المسيرات المليونية، مبكراً، على مواقف الأحزاب والشخصيات الموالية للنظام، التي أعلنت دعمها مؤخراً للحراك العشبي ومطالب الشعب، وخصوصاً تلك الأحزاب التي يراها الشارع بأنها سبب للأزمة التي تعيشها البلاد، إذ رفع المتظاهرون شعارات موجهة لها، وهي حزب “جبهة التحرير الوطني” و”التجمع الوطني الديمقراطي” الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، وحزب “أمل الجزائر” بقيادة وزير الأشغال العمومية الأسبق عمار غول، ورئيس “الحركة الجزائرية الشعبية” وزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس. ورفع الجزائريون شعارات تحمل جملاً مقتضبة، منها من يشكك في ما أسماه البعض “توبتكم مشكوك فيها”، ويقصد به الأحزاب التي التحقت خلال الأسبوع المنقضي بالحراك الشعبي، معتبرين أن لحاقهم غير مأمون ما داموا تركوا الرئيس الذي ساندوه طيلة 20 سنة وهو في هذا الوضع الصحي. ويعتبر ذلك محاكمة علنية، بعيداً عن ما نشر في الفضاء الافتراضي والانتقادات التي وجهت للأحزاب الموالية للسلطة، إذ رفع البعض عبارة “ديقاج” أي ارحلوا، كما رفعوا أبرز الشعارات “كرهناكم تتنحاو قع” (يقصد بها كرهناكم جميعاً، ويجب أن تذهبوا جميعا) وهو ما يقصد به أحزاب السلطة. ولم تسلم الوجوه والشخصيات المحسوبة على الحكومة من الانتقادات اللاذعة، كنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي أجرى زيارات دولية نحو موسكو وألمانيا وإيطاليا، إذ شككوا بأن السلطة تريد “الإستقواء” بالخارج، حسب تعبيرهم،، وهو ما يرفضه الجزائريون، الذين رددوا أنهم “يرفضون التدخل الأجنبي في قضية عائلية”، إضافة إلى الدبلوماسي الجزائري الأخضر الابراهيمي الذي لم يسلم هو الآخر من محاكمة الشارع الجزائري إذ رفع المتظاهرون صورته مع شعار “لا يمكن بناء سفينة بخشب قديم”، فضلاً عن لافتة كتب عليه “سألوا هتلر من هم أحقر الناس الذين قابلتهم؟ قال الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم”. ورفضت مسيرات أمس، محاولة تدويل الأزمة الجزائرية، وكذا تصريحات مسؤولين أجانب، كوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن موسكو ترفض أي تدخل خارجي في الجزائر، ما اعتبره الناشطون وقوى سياسية معارضة بالتصريح غير المقبول لكون الجزائر “ليست محمية روسية”، وكذا تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال إن باريس مستعدة لمرافقة انتقال سلس للسلطة في الجزائر. وقبل أربع ساعات من موعد التظاهرات المقررة عقب صلاة الجمعة، توافد الآلاف من الجزائريين إلى ساحتي البريد المركزي وأودان وسط العاصمة. ولم تمنعهم الأمطار المتساقطة من النزول باكراً إلى الشوارع، ولوحظ انتشار طفيف لقوات الشرطة التي تتمركز في المواقع ذاتها التي كانت تتمركز فيها منذ أسابيع، حيث يتحكم الناشطون والطلبة والمحامون والمجموعات الشبابية في الحراك للإبقاء على طابعه السلمي، ومنع أي إخلال. وجرت تظاهرات أمس، وسط تغطية إعلامية غربية لافتة، إثر سماح السلطات لعدد من القنوات، الفرنسية خاصة، بالدخول إلى الجزائر، وذلك بعد شهر من منعهم، وترحيل صحافيين أجانب وصلوا في وقت سابق إلى مطار الجزائر. كما رفع المتظاهرون الأعلام الوطنية والرايات الأمازيغية، وكذلك العلم الفلسطيني، الذي يظل حاضراً في مسيرات الحراك الشعبي. .. توقف وسائل النقل الجماعي واستبقت السلطات انطلاق تظاهرات الجمعة الخامسة من الحراك الشعي، بوقف عمل وسائل النقل العمومية، وأعلنت خطوط السكك الحديدية توقفا مؤقتا للخدمات، كما أوصدت محطات المترو في العاصمة، أبوابها أمام الركاب، بالإضافة إلى حافلات النقل العمومي، فيما استمرت حافلات النقل الخاص بالعمل، لكن بالحد الأدنى.