لن يرتاح للجزائريين بال حتى يرحل كامل رموز النظام.. هذا المعنى جسدته مسيرات أمس، التي أظهرت أن الحراك الشعبي لم يفقد وهجه حتى وهو يمر بجمعته العاشرة، رغم رهان السلطة على عامل الوقت لإعادة الجزائريين إلى بيوتهم. وقد أظهرت مسيرات أمس، مرة أخرى، وعي المواطنين الدقيق بمقتضيات المرحلة، وتفطنهم لكل محاولات التلاعب بمطالبهم الواضحة، إذ لا تنازل عن رحيل رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح والوزير الأول نور الدين بدوي وكامل المسؤولين المشاركين في إيصال البلاد إلى هذا الوضع. وحتى رأس المؤسسة العسكرية لم يسلم من الانتقاد في العديد من الشعارات التي طالبته بتنفيذ وعوده وعدم حماية العصابة، ودعته في بعضها الآخر إلى الرحيل. كما واكب الجزائريون الاعتقالات الجارية في صفوف رجال الأعمال، وطالبوا بشفافية وعدل أكبر في هذه الحملة، وإلى عدم استثناء أي طرف تورط في قضايا الفساد. وجاء على رأس المطالبات الدعوة الصريحة إلى محاسبة السعيد بوتفليقة، باعتباره، حسب المتظاهرين، رأس العصابة وزعيم القوى غير الدستورية التي كانت تفصل القوانين على هواها. كما نال الوزير الأول السابق أحمد أويحيى نصيبه هو الآخر، ودعا بعض المتظاهرين إلى محاسبته على ما فعله في السنوات السابقة، من تمكين لرجال الأعمال من مزايا غير مستحقة. ولايات الوسط.. دعوة للقايد صالح لتعجيل تنفيذ مطالب الحراك لم يتخلف سكان الوسط بالولايات الساحلية والداخلية، عن مسيرات الجمعة العاشرة التي حضرها كالعادة مئات الآلاف. وواكب المتظاهرون بشعاراتهم الاعتقالات الأخيرة لرجال الأعمال ومواقف المؤسسة العسكرية. ولم يسلم ڤايد صالح من النقد أحيانا ومن دعوات الرحيل أحيانا أخرى في بعض المسيرات. بولاية البويرة، جمعت المسيرة المليونية، أمس بعد صلاة الجمعة، كل أطياف المجتمع القاطن بولاية البويرة وحتى من الولايات المجاورة والولايات الشرقية للبلاد، في جمعة التأكيد على المطالب وهي ذهاب النظام الحاكم. وقد انطلقت الجماهير من مختلف أبواب المساجد بحي 1100 مسكن وساحة الشهداء بوسط المدينة ومن مسجد وادهوس، والتحقوا بالمتظاهرين وساروا مع المسيرة التي جابت أغلب الشوارع الرئيسية بولاية البويرة على شكل جماعات كبيرة. وقد ردّد المتظاهرون شعارات وطنية وشعارات "ليبيري لالجيري"، "في بلادي حڤرونا"، كما رفعوا أيضا شعارات "الشعب فاق"، "تتنحاو ڤاع"، "قوتنا في وحدتنا". وعمل الشباب المتطوع، خلال الأسبوع الماضي، على تهيئة ساحة عينوش حجيلة وأطلقوا عليها اسم "ساحة الحرية"، وشددوا على أن هذه الساحة يمكنها أن تصنع صورة معبرة عن الحراك في البويرة. وبالمدية، أكدت حشود المتظاهرين على ضرورة إحكام قبضة القانون والعدالة على الذين عاثوا في أموال الشعب فسادا وهدرا. وعبر المتظاهرون في مسيرتهم مرورا بمقر الولاية، وعبر حي عين المرج وسط العاصمة الولاية، ومقرات الأمن الولائي، بريد واتصالات الجزائر، عن إصرارهم على الإسراع في إيجاد مخرج للأزمة السياسية للبلاد بمقترح توافقي مع التشبث بالسلمية، والتلاحم الوطني والتحذير من الجهويات والفئويات والتمكين لحرية واستقلالية القضاء في ملاحقة العصابة ومواصلة تفكيك أواصرها ومحتوياتها المادية، اللوجيستية والبشرية. ولم تختلف مسيرة، زوال أمس الجمعة، بشوارع مدينة تيزي وزو، عن سابقاتها من ناحية التجنيد، حيث شهدت خروج عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار ومن الجنسين. وقد تم تخصيص رجل الأعمال يسعد ربراب بشعارات منادية إلى إطلاق سراحه. كما رفع المتظاهرون شعارات مناوئة للفريق أحمد ڤايد صالح، من خلال ترديد "يا بن صالح أنت رايح رايح أدي معك ڤايد صالح"، "ڤايد صالح ديڤاج". وكان لسعيد بوتفليقة نصيبه من التهجمات من خلال اللافتات وترديد "أطلقوا سراح ربراب واسجنوا السعيد". كما ردد المشاركون في مسيرة أمس شعارات مناهضة للسلطة "سيستام ديڤاج"، "السلطة القاتلة"، "سراقين سراقين حكومة الكوكايين"، "الشعب يريد إسقاطكم ڤاع''. أما في تيبازة، فقد جدد، أمس، المواطنون العهد مع الحراك الشعبي، وخرجوا في مسيرات الجمعة العاشرة، مطالبين برحيل بقايا النظام وعلى رأسهم بن صالح وبدوي وحكومته، وتحقيق التغيير الجذري والشامل للنظام. كما وجهت المسيرات رسالة إلى السلطة تؤكد فيها أن أي رهان على تراجع زخم المسيرات في شهر رمضان هو رهان فاشل، ورفعوا في ذلك عبارات "كلنا معنيون أيها الواقفون أيها القاعدون" و"رمضان ماراناش حابسين". وأكد المتظاهرون على ضرورة تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور وتمكين الشعب من اختيار القيادة التي تحكمه، كما نددوا بمحاولات التدخل الأجنبي وأشاروا إلى الإمارات وفرنسا، مطالبين العدالة بالتحرك بيد من حديد والتحقيق في ملفات الفساد وتشديد الخناق على كل الفاسدين. وجاء ذلك في عبارات رددوها "يا قضاة يا قضاة.. حققوا في الملفات" و"سياستكم فاشلة تحاسبكم العدالة" و"ديڤاج ديڤاج برلمان الكاشير.. برلمان التزوير راه جاكم التغيير". وبالبليدة، دعا المتظاهرون في مسيرة جمعة أمس، إلى تطبيق المادتين 07 و08 من الدستور، والتأكيد على أن محاسبة وتصفية الحساب مع بقايا العصابة والمفسدين يكون بعد تجسيد مطلب الشعب. ودعا مواطنو الولاية قائد الأركان "ڤايد صالح" إلى التعجيل وعدم تضييع المزيد من الوقت في تطبيق مطالب الحراك الشعبي. وجاءت الشعارات الجديدة في سياق المطلب الجوهري للشارع، والملخص في "يرحلون والجيش والشعب خاوة"، و"حذار من الالتفاف ضد مطالب الشعب"، و"لا جهوية ولا عصبية نريد حكما صالحا لا عصابة بن صالح". المراسلون الجنوب.. "لا نريد جمهورية ثانية مستنسخة" لم تمنع الشمس الحارقة سكان جنوبنا الكبير من الخروج في مسيرات الجمعة العاشرة، للتأكيد على إصرار الجزائريين على تلبية كامل مطالبهم غير منقوصة. وبعدة مدن في ولاية غرداية، انطلقت مساء الجمعة مسيرات، جدّد خلالها المشاركون التأكيد على مطلب رحيل بقايا نظام بوتفليقة، مرددين شعارات "الرحيل الرحيل ولا نريد جمهورية ثانية فوتو كوبي". وقال متظاهرون "لن نكره لن نمل"، أما في مدينة المنيعة فقد شارك المئات أيضا في مسيرة الجمعة العاشرة، مؤكدين على أن التغيير يجب أن يكون جذريا، وأنه من المستحيل على وزراء نظام بوتفليقة البقاء في السلطة. أما في الڤرارة فقد تجمع متظاهرون في شارع المدينة الرئيسي مرددين عبارة "ما نرجعوش حتى تخرجو"، وردد عدد من المشاركين في مسيرة متليلي بغرداية شعارات "لا للعصابة". وبولاية الوادي، جدد آلاف المتظاهرين خلال الجمعة العاشرة مطالب الحراك الشعبي بضرورة تغيير النظام واقتلاع عصابة الفاسدين من جذورها. وأثناء المسيرة السلمية الحاشدة وعبر محطاتها في الشوارع الرئيسية للمدينة، تعددت الشعارات التي رددتها حناجر المواطنين، بينهم مجموعات من النساء، منها "الجزائريون خاوه خاوه"، كما طالبوا بمحاكمة رموزها بترديد شعارات ضد شقيق الرئيس والوزير الأول السابق، كما طالبوا في وقفتهم أمام مقر الولاية بتنحية والي الولاية وحملوه مسؤولية تزوير الانتخابات المحلية الماضية. ويواجه الحراك الشعبي بالجنوب الجزائري، عموما، تحديا مناخيا، قد يؤدي إلى تراجع كبير في عدد المشاركين بفعل ارتفاع درجات الحرارة بشمس حارقة تجعل التجمعات غير ممكنة إلا ليلا أو بعد أكثر من ساعة من صلاة العصر. وأثرت موجة الحر التي تشهدها ولايات الجنوب منذ 3 أسابيع تقريبا على درجة تفاعل المواطنين مع مسيرات الحراك الشعبي، ففي ولايتي أدرار وورڤلة تتجاوز درجات الحرارة منذ أسبوعين تقريبا 38 درجة، وهي حرارة لا تشجع بالمرة على أي تجمع في الشارع بشكل خاص في أثناء ذروة ارتفاع الحرارة مباشرة عقب صلاة الجمعة. وفي بداية الحراك الشعبي، كانت التجمعات تبدأ مباشرة بعد صلاة الجمعة بولايات أدرار وتمنراست وعين صالح وورڤلة وغرداية، وساعد الجو المعتدل على مشاركة عشرات الآلاف في مسيرات بولايات الجنوب، وكانت مسيرات يوم 1 مارس بورڤلة أضخمها على الاطلاق، إلا أنه ومع توالي الأسابيع والارتفاع الكبير في درجات الحرارة بشكل خاص في الجمعات الثامنة والتاسعة والعاشرة، فإن عدد المشاركين تراجع. وفي هذا الصدد، يقول براهيم جريو، ناشط حقوقي ومدون من ولاية أدرار: "لاحظنا منذ بداية الحراك الشعبي تجاوبا كبيرا بل وغير مسبوق بالولاية، لكن الظروف المناخية القاسية بالولاية منذ نهاية شهر مارس منعت الآلاف إن لم نقل عشرات الآلاف من الراغبين بالمشاركة من الخروج في المسيرات بسبب الحرارة الشديدة التي قاربت ال 40 درجة مئوية بولاية أدرار". وقال خيرون مصطفى، أحد الناشطين البارزين في الحراك الشعبي بالولاية المنتدبة عين صالح: "نعيش في عين صالح سيناريو مشابها تماما لما وقع قبل 4 سنوات، ففي الأيام الأولى من عام 2015، شهدت عين صالح مسيرات وتجمعات يومية لرفض مشروع استغلال الغاز الصخري، وتواصلت المسيرات إلى غاية بداية شهر أفريل ثم توقفت بسبب الحرارة الشديدة، من غير الممكن للناس هنا أن يشاركوا في مسيرات وتجمعات عندما ترتفع الحرارة، ولكن رغم هذا نرى أن الناس ما يزالون مصرين على المشاركة في مسيرات الحراك الشعبي". وبينما يبرر بعض الناشطين تراجع عدد المشاركين في مسيرات الحراك بولايات الجنوب بظروف مناخية، لجأ ناشطون إلى حلول مبتكرة من قبيل تأجيل المسيرات إلى غاية قبيل صلاة المغرب أو تنظيمها صباحا، كما وقع في غرداية، حيث لجأ ناشطون إلى تنظيم تجمعات كل يوم جمعة صباحا بساحة السوق العتيق، لإدراكهم بصعوبة مشاركة أعداد غفيرة من المتظاهرين في مسيرات تنظم بعد صلاة الظهر بالجنوب. ويقول بن سعيد كريم، أحد الناشطين البارزين في الحراك الشعبي بولاية غرداية، في هذه النقطة: "لا يجب حصر النضال ضد السلطة أو أي نضال مطلبي آخر في شكل محدد، لأن مواطني الجنوب ابتكروا قبل سنوات طرقا للنضال سبقوا بها الجزائريين جميعا، ففي ولاية ورڤلة وقبل سنوات عديدة نظمت لجنة الدفاع عن حقوق البطالين إفطارا جماعيا رمضانيا بطابع سياسي في شوارع ورڤلة، كما لجأ تجار من غرداية قبل 15 سنة إلى تنظيم أول احتجاج من نوعه بإضراب سياسي تواصل 14 يوما كاملة. علينا فقط أن ننتظر لنرى الإبداع الذي سيخرج من الجنوب". العاصمة.. "رحيل رموز النظام البوتفليقي أولويتنا" خرج المتظاهرون في عاصمة الجزائر، في عاشر جمعة منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، حيث أكدوا على ضرورة رحيل جميع المسؤولين "المغضوب عليهم"، وعلى رأسهم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، قبل الانتقال إلى مرحلة محاسبة المتورطين منهم في قضايا فساد، كما رددوا أكثر من أي وقت مضى عبارة: "الجزائريون خاوة خاوة"، وذلك للرد على الأطراف التي تريد تقسيم الشعب. ومثل الجمعات السابقة، شهدت مداخل العاصمة الجزائر، عبر الطرق السيارة ازدحاما كبيرا، خاصة من الناحية الشرقية، بسبب السدود الأمنية الكثيرة على مستواها، وهذا منذ ليلة الأربعاء، ثم الخميس إلى الجمعة، الأمر الذي منع الكثير من المواطنين من الالتحاق بالحراك الشعبي في العاصمة الجزائر، وتسبب في عودة المئات منهم إلى الولايات المجاورة وحتى ولايات بعيدة عن عاصمة الجزائر. أما الذين تمكنوا من الالتحاق بالعاصمة، فقد صنعوا أجواء استثنائية ليلة الخميس إلى الجمعة، وبدأوا تظاهرهم عبر ساحتي البريد المركزي وموريس أودان، واستمروا إلى غاية صباح يوم أمس الجمعة، حيث تجمهروا مبكرا في أدراج البريد المركزي، حاملين الرايات الوطنية، ومرددين مختلف العبارات المنادية برحيل "العصابة". ولم ينقص عدد المتظاهرين في الجمعة العاشرة من الحراك الشعبي، حيث بقي التجنيد كبيرا، ولم تقل عزيمة الراغبين في تنحية كل من يرمز إلى النظام "البوتفليقي"، خاصة وأن أغلب المطالب المرفوعة من طرف الجزائريين عبر الأسابيع العشرة الماضية منذ بداية الحراك الشعبي قبل شهر ونصف الشهر لم تلب. وبعد أداء صلاة الجمعة، التحق مئات الآلاف من المصلين من مساجد العاصمة القريبة من وسط الجزائر، على غرار مسجد عبد الحميد بن باديس، والرحمة، والتوبة وغيرها، بساحتي البريد المركزي وموريس أودان، الأمر الذي جعل أغلب الشوارع ممتلئة عن آخرها، على غرار حسيبة بن بوعلي، العربي بن مهيدي، مصطفى بن بولعيد، ديدوش مراد، وغيرها، وهي الأجواء التي استمرت لساعات وبقيت احتفالية، خاصة وقد شاركت فيها عائلات، من أطفال وكبار في السن، ورجال ونساء، إضافة إلى مشاركة بعض الفئات العمالية والاجتماعية، على غرار متقاعدي الجيش الوطني الشعبي الذين توافدوا بقوة على العاصمة من أجل المشاركة في المظاهرة العاشرة، حيث انزووا في ركن من ساحة البريد المركزي وراحوا يرددون الأناشيد الوطنية، ويطالبون برحيل المسؤولين الفاسدين، كما شارك أهالي المفقودين خلال العشرية السوداء في المظاهرة حاملين لافتات تنادي بمحاسبة المتورطين في اختفاء أبنائهم، كما شاركت شخصيات وطنية على غرار ظريفة بن مهيدي، أخت الشهيد العربي بن مهيدي، في المظاهرة المليونية. وردد الجزائريون المتظاهرون في العاصمة عبارات مختلفة، على غرار: "ترحلوا جميعا، تتنحاو ڤاع، تتحاسبو ڤاع، كفى وعودا كاذبة، كليتو لبلاد يا سراقين، كل جمعة مسيرة"، فيما رفع متظاهرون شعارات كثيرة مناهضة لخطاب قائد الأركان أحمد ڤايد صالح، الثلاثاء الماضي. كما أكد الجزائريون المتظاهرون أكثر على سلمية المظاهرة، إضافة إلى التوحيد بين صفوف الجزائريين في حراكهم الشعبي، حيث بقوا يرددون: "الجزائريون خاوة خاوة". كما استذكر المتظاهرون كلا من الشاب رمزي بن يطو، الذي توفي الجمعة الفارطة بعدما بقي لمدة أسبوع في الإنعاش، جراء إصابته في مسيرة الجمعة 12 أفريل في تافورة بالجزائر العاصمة، خاصة أن والده شارك في المظاهرة على مستوى مبنى البريد المركزي، حيث تلقى العزاء من طرف الجزائريين الذين قاموا بمساندته، كما استذكر المتظاهرون ضحايا المبنى الذي انهار في القصبة، حيث رددوا: "القصبة ربي يرحمهم، والقصبة الشهداء، والزوالية الدولة قتلتهم"، في إشارة منهم إلى أن وفاتهم كانت جراء إهمال السلطات، خاصة مسؤولي ولاية العاصمة ،في ترحيلهم إلى سكنات لائقة. أما عن عملية استدعاء أو إيداع الحبس الاحتياطي التي مست عددا من المسؤولين ورجال الأعمال خلال الأسبوع الجاري، فاعتبرها المتظاهرون المتحدثون إلى "الخبر" ب"غير الكافية"، خاصة أن المطلب الأول للجزائريين اليوم هو تنحي من لا يزالون في الحكم، على غرار رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي، وهما المسؤولان اللذان طالبهما أغلب المتظاهرين بالتنحي، معتبرين رحيلهما هو بداية انفراج الأزمة، خاصة إن تم تعويضها بشخصيات تلقى قبولا لدى الحراك الشعبي، وليس بمسؤولين آخرين من النظام البوتفليقي. كما ذهب آخرون إلى وصف "المحاسبات" التي تمت ب"اللا حدث"، خاصة إن لم ترافقها إجراءات عقابية في حق الذين يثبت تورطهم في قضايا الفساد، خاصة إن لم يتعرض المسؤولون الكبار، على غرار السعيد بوتفليقة، ووزير الحكومة السابق أحمد أويحيى، إلى المحاسبة، كونهم، حسب المتظاهرين المتحدثين ل"الخبر"، هم الذين كانوا يحكمون الجزائر ويسيطرون على دواليب الحكم. واكتفت مصالح الأمن، مثل الجمعة الماضية، بإغلاق نفق الجامعة المركزية، حيث ركنت العشرات من الشاحنات التابعة لها في مداخلها، سواء المطل على نهج باستور أو في الجهة المقابلة لساحة موريس أودان، كما قام عدد من الشباب المتطوع بالوقوف بين مصالح الأمن وبين المتظاهرين لتفادي أي احتكاك ممكن بين الطرفين، وبالتالي تفادي وقوع أي تجاوزات، وهو الأمر الذي نجحوا فيه، حيث تمكنوا من المحافظة على سلمية المظاهرة، رغم مشاركة أكثر من مليون عاصمي فيها. كما شهدت المظاهرة قيام العشرات من الشباب بتنظيف الشوارع مساء، خاصة في الأماكن التي مر منها المتظاهرون. ولايات الشرق.. مطالب بضم السعيد بوتفليقة وأحمد أويحيى إلى قائمة الحساب عرفت مسيرات الجمعة العاشرة بشرق البلاد توافد ملايين المتظاهرين الذين توحدوا على نبض قلب رجل واحد، وصوت واحد وهو "رحيل جميع العصابة ومحاسبة كل أفرادها"، حيث أجمعت حناجر الملايين على محاسبة السعيد بوتفليقة وأحمد أويحيى ووضعهما على رأس القائمة. خرج كالعادة مئات الآلاف من القسنطينيين في مسيرتهم العاشرة، ضد النظام الحالي، حيث جددوا رفضهم لاستمرار بن صالح ومن معه في الحكم، كما طالبوا بمحاسبة كل الوزراء الذين عملوا في عهد بوتفليقة وسجنهم، وقد كان شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة وأحمد أويحيى أول المطلوبين لتقديمهم للعدالة، كما عبروا عن تضامنهم مع المؤسسة العسكرية، شريطة تطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، وإعادة الشرعية للشعب الذي قرر واختار، وأنهم مواصلون للمسيرات حتى خلال شهر رمضان.. وعرفت الجمعة العاشرة من الحراك بسطيف توافدا كبيرا للمواطنين، فقد تجمع السطايفية بعشرات الآلاف في مقر البريد المركزي وساحة مقر الولاية، وأكدوا أنهم عازمون على ترحيل كل العصابة. ورفعت شعارات تنادي بحسم الموقف والقبض على سعيد بوتفليقة رأس العصابة. وفي الطارف، تواصل أمس الحراك الشعبي بحشوده الضخمة في سلميته العاشرة، وقد ثمنت الشعارات لحمة الشعب مع جيشه، والإصرار على تنحية بن صالح من رئاسة الدولة واستقالة بدوي وحكومته، والتطبيق الفعلي لسيادة الشعب لمرحلة انتقالية. كما دعت الشعارات إلى مواصلة محاربة الفساد وحيت صحوة العدالة في تطبيق القانون وطالبت برأس ما أسمته "رأس أفعى الفساد" السعيد بوتفليقة وبقية المتآمرين مع قوى خارجية ضد الوطن. وفي باتنة، اختار المنظمون والمشاركون في مسيرة الجمعة العاشرة، أمس، أن تكون نقطة الالتقاء هي ساحة الحرية بوسط المدينة، وهو ما استجاب له المشاركون الذين قدموا من مختلف أحياء المدينة. وعرفت نقطة التجمع بساحة الحرية توافد عدد معتبر من مختلف الأعمار، بما في ذلك العنصر النسوي وكذا العائلات لكن بأعداد أقل من المسيرات السابقة، وقد رفع عدد منهم شعارات تطالب رئيس أركان الجيش، الفريق ڤايد صالح، وبقية الجنرالات بإظهار موقف المؤسسة العسكرية الحقيقي من هذا الحراك، فإما مع الشعب وإما مع العصابة، كما أصر المتظاهرون على ضرورة تشكيل لجنة انتقالية في أقرب الآجال، في الوقت الذي أثنى المشاركون على تحرك العدالة لمحاكمة المفسدين. وانطلقت مسيرة الحراك الشعبي بمدينة تبسة في جمعتها العاشرة من ساحة النصر ثم قاعة سينما المغرب، ومتابعة السير على محيط السور البيزنطي إلى غاية مقر الولاية، حيث ارتفع عدد المشاركين بعد تدفق جموع المصلين من المساجد، وقد رفع المتظاهرون لافتات للمطالبة برحيل بن صالح وبدوي وبوشارب، مع الرفض القطعي لإشراف رموز النظام البائد على المرحلة الانتقالية، مع الإلحاح على مكافحة الفساد من طرف المؤسسة القضائية المستقلة، دون تدخل أو تأثير على الضمير المهني للقاضي. كما خرج، أمس، بعد صلاة الجمعة، مواطنو ولاية خنشلة في مسيرة الجمعة العاشرة التي تعد الأكبر منذ انطلاق الحراك في 22 من شهر فيفري الماضي، مطالبين بتحرك العدالة والتمسك بالوحدة الوطنية والسلمية لتحقيق المطالب، مؤكدين أن الحراك الشعبي لا بد أن يمتد إلى قطاعات أخرى كقطاع الرياضة الذي عرف تعفنا كبيرا خلال عقود، مطالبين برحيل هؤلاء. كما طالبوا بتجسيد رغبة الشعب في التغيير وتجسيد العدالة على أرض الواقع. وحملت المليونية العاشرة ببرج بوعريريج، التي شهدت حضور آلاف المواطنين من الولايات المجاورة، بعد صلاة الجمعة، أمس، رسائل ترجمت تفاعل الشارع مع القرارات المتخذة من طرف قيادة الجيش، وردود الفعل حول الملفات المقدمة للعدالة، وهتف المتظاهرون "بركات من الفتنة مطلبنا رحيل العصابة"، "كلنا شعب واحد مطلبنا الحرية"، "كلنا شعب واحد كلنا خاوة خاوة"، وبعد أن جابت المسيرة المليونية العاشرة نهج الجمهورية ونهج هواري بومدين، اعتصم الجمع الغفير أمام قصر الشعب مرددين النشيد الوطني، تحت تصفيقات الجميع، مجددين مطلب رحيل بن صالح وبدوي، وبمحاسبة السعيد بوتفليقة، ودعت الهتافات العدالة إلى أداء واجبها بعيدا عن الإملاءات، "لا وصاية على العدالة". المسيرة الأم بميلة عرفت هذه المرة تقليصا في مسارها، حيث انطلقت من روضة الشهداء بعين الصياح وانتهت بالحديقة العمومية رشيد شعبوب تخفيفا على المتظاهرين لا سيما الكبار والعائلات. وقد رفع المتظاهرون شعارات قوية أهمها "الشعب يأمر القايد صالح باجتثاث العصابة" و"لا تلهونا بالمحاكمات، نريد تنحية العصابات"، كما ردد المتظاهرون شعارات أخرى كعادتهم "بن صالح ديڤاج، "بدوي ديڤاج" وغيرها من الشعارات. وفي سكيكدة لم تمنع حرارة الطقس التي ميزت أمس المواطنين من الخروج في المسيرة العاشرة السلمية الحاشدة، التي حملت فيها العديد من الشعارات التي يطالب من خلالها برحيل الباءات الثلاث، عبد القادر بن صالح رئيس الدولة الذي هو غير شرعي، وكذا نور الدين بدوي رئيس الحكومة غير المعترف بحكومته، ومعاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني غير الشرعي هو الآخر. كما طالبوا بمواصلة محاربة الفاسدين من زمرة النظام البوتفليقي الفاسد الذين نهبوا أموال الشعب، مناشدين في نفس الوقت القايد صالح تمسكه بتطبيق المادة السابعة من الدستور حتى يصبح الشعب هو الدستور الرسمي للبلاد، والقضاة بمواصلة فتح ملفات الفساد. وفي جيجل، خرج عشرات الآلاف من السكان في مسيرتهم العاشرة، وسط إصرارهم على مواصلة الحراك إلى غاية رحيل كل رموز النظام. ولايات الغرب.. شعارات رافضة لمواقف رئيس أركان الجيش كانت مدينة وهران على الموعد، نهار أمس، في الجمعة العاشرة للحراك الشعبي، حيث خرج آلاف المتظاهرين إلى وسط المدينة بعد صلاة الجمعة، ليلتحقوا بالمعتصمين في ساحة أول نوفمبر قبل هذا الموعد. وكان المشاركون في المسيرة متخوفين من "محاولات الاسترجاع والتوجيه" التي حدثت الجمعة الماضية. وقد استجاب عدد كبير من المشاركين في مسيرة أمس للنداءات الموجهة عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، لكسر "الخطة التي اعتمدها محاولو الاسترجاع الأسبوع الماضي"، والذين عمدوا إلى تشكيل مربعات للمتظاهرين يتقدمها "مناضلوهم حاملين مكبرات صوت يملون فيها الشعارات"، كما قام آخرون بتوزيع ملصقات "موجهة" كادت أن تحدث فتنة في الجمعة التاسعة. وتوجه كثير من المشاركين في مسيرة أمس مباشرة من أحيائهم إلى مفترق طرق الشهيد زبانة، بينما سار نحوها الذين تجمعوا في ساحة أول نوفمبر ليسير معهم المتجمعون في ساحة الحريات في شارع العربي بن مهيدي. وتشكل تجمع ضخم في موقع اللقاء تحت تمثال "زبانة"، ورفع المتظاهرون أمس شعارات جديدة موجهة مباشرة إلى قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، منها التي اتهمته بالتواطؤ مع "العصابة" وأخرى تدعوه للرحيل معها. كما رفع المتظاهرون في وهران مطلب "القبض على سعيد بوتفليقة" وإحالته على القضاء. وبتيارت، واصل المواطنون مشاركتهم القوية في الحراك الشعبي للجمعة العاشرة تواليا، بالخروج في مسيرة سلمية للمطالبة برحيل بقايا النظام ورموزه ومحاسبتهم، جابت الشوارع الرئيسة وصولا إلى نقطة التجمع الحاشد بساحة الشهداء، كما جرت العادة نظرا لشساعتها ورمزيتها التاريخية والاجتماعية، فهي تحتضن موقع استشهاد علي معاشي ورفيقيه وتقع أسفل المسجد العتيق قبالة الينبوع الشهير "عين الكرمة" التي شرب منها أحد أكبر قادة الفتح الإسلامي عقبة بن نافع. وللجمعة العاشرة على التوالي لم يتأخر أحفاد مدينة معسكر عن الموعد، حيث خرج الآلاف من سكان المدينة في مسيرة سلمية وحاشدة، بعدما تجمعوا في ساحة الأمير عبد القادر التي تحولت إلى مكان دائم للحراك الشعبي. وأهم ما ميز المسيرة هو إقدام مجموعة من مثقفي المدينة على إطلاق "تيفو" عملاق من إحدى البنايات مكتوب عليه عدة شعارات منها "وينك وينك يا عدالة، الفساد داير حالة"، "ترحلوا ڤاع"، "لا لحكم العصابة" وشعارات أخرى "جمهورية ماشي مملكة"، "صوري صوري ڤايد صالح والشعب ماشي جايح". كما رفع المتظاهرون شعارات أخرى "لا رجوع حتى نحقق دولة القانون"، "الجيش وأسلاك الأمن والعدالة من صلب الشعب". وجدد سكان ولاية تيسمسيلت موعدهم مع الحراك الشعبي للجمعة العاشرة، حيث نزل المئات منهم في مسيرة سلمية انطلقت من ساحة لعقاب بقلب مدينة تيسمسيلت، وجابت شوارع وأحياء، لتعود إلى نقطة البداية. وردد المواطنون شعارات مناهضة للنظام ورموزه، مطالبين بالقبض على رأس العصابة، في إشارة إلى شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، ومحاسبة كل المتورطين في الفساد والنهب. وجدد المحتجون مطلب رحيل الحكومة والرئيس بن صالح معتبرين أنهم لا شرعية لهم. وعاشت ساحة أول نوفمبر بسيدي بلعباس موعدا تاريخيا مع الحراك، حيث رفع "تيفو" عملاق للراية الوطنية قبل أن تنطلق السيول البشرية مشيا على الأقدام، في مسيرة حاشدة جابت المسار المعتاد، وسط هتافات داعية لرحيل رموز النظام من سدة الحكم، في صورة بن صالح وبدوي بمعية أحزاب الموالاة المعروفة على غرار "الأفالان" و"الأرندي". وحملت بعض الشعارات المكتوبة رسائل "استحالة الذهاب إلى الموعد الانتخابي ليوم 4 جويلية في ظل حكم العصابات"، ودعت كتابات أخرى قائد الأركان إلى حسم الأمور مع من وصف برأس العصابة "مستشار الرئيس السابق سعيد بوتفليقة" الذي نادى من شاركوا في موعد أمس بتوقيفه واستدعائه الفوري للتحقيق "باعتباره الرأس المدبر لكل ما مس البلاد من مساوئ خلال العهدات الأربع الفارطة للرئيس المستقيل". وتمسك آلاف المواطنين من الحراك الشعبي بمدينة غليزان، التي انطلقت من أمام مسجد النور لتشمل الشارع الرئيسي محمد خميسي والعديد من الأحياء المتاخمة له، بمحاكمة كل رموز النظام الذي وصفوه بالفاسد والإسراع بتحويلهم أمام المحاكمة، بما يوفر ظروفا مواتية لإجراء الانتخابات الرئاسية دون هؤلاء. وقال عدد من المشاركين في المسيرة التي عرفت مشاركة قياسية، إن التحول الديمقراطي الذي ينشده الحراك الشعبي مرهون بالقضاء على العصابات المتغلغلة في دواليب السلطة، سواء مركزيا أو محليا بالولايات. وعلى غير العادة، رفعت مجموعة من المواطنين المشاركين في المسيرة الشعبية لافتات تطالب برحيل القايد صالح. محملين إياه بقاء الرموز في الحكم وتسييرهم شؤون البلاد والعباد. وشهدت مدينة تلمسان مسيرة الجمعة العاشرة والتي حضرتها جموع كبيرة قدمت من داخل وخارج المدينة، حيث تجمعوا في الساحة المركزية للمدينة، رافعين الرايات الوطنية، مطالبين بن صالح وبدوي بالرحيل، وشعارات أخرى مطالبة بزوال النظام الفاسد. وقد انطلقت هذه المسيرة من ساحة وسط المدينة إلى غاية مقر الولاية. وفي مغنية شهدت المدينة هي الأخرى مسيرة كبيرة جابت شوارع البلدية، ورفع أهلها نفس مطالب الحراك الشعبي في كل المسيرات. ولم يتخلف سكان ولاية مستغانم من مختلف بلديات الولاية عن المشاركة في مسيرة الجمعة العاشرة، وقد ميزها ارتفاع قياسي في عدد المتظاهرين. وركزت الشعارات على تطلعات الجزائريين خلال المرحلة الانتقالية "لا نقبل أي تفسير حتى يثبت التغيير"، "جمهورية نوفمبرية لا ملكية". وأظهرت مسيرة الجمعة العاشرة "إشادة واضحة" بمواقف الجيش مع الشعب وتصميما على مواصلة نضالهم السلمي حتى تغيير النظام بأكمله.