أكد الخبير في شؤون الطاقة، الدكتور بوزيان مهماه، أن التحفيزات الجبائية الذي تضمنها مشروع قانون المحروقات قيد المناقشة، تخدم مصالح الشركة الوطنية للمحروقات (سوناطراك)، بالدرجة الأولى، فضلا عن كونها تساعد على تحفيز المستثمرين الأجانب. وفي مداخلته أمام أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتخطيط للمجلس الشعبي الوطني، حضرها خبراء في مجال الطاقة، أوضح السيد مهماه بأن التحفيزات الجبائية المقترحة في مشروع قانون المحروقات ترمي إلى “رفع العبء عن سوناطراك”، كون الشركة التي تعد القاطرة الأساسية للاقتصاد الوطني سيكون بإمكانها، “استغلال أكبر وأمثل للمكامن المستكشفة وبالتالي رفع قدرات الانتاج وحجم الصادرات لمدة ستة سنوات أخرى”. وحسب رأيه، فإن القانون الساري المفعول حاليا “أضر بسوناطراك بالدرجة الأولى ” لأنه لم يسمح للشركة باستغلال المكامن والحقول المكتشفة “بسبب النظام الجبائي المعمول به الذي يكبد سوناطراك تكاليف باهضة مما يجعل عمليات الاستغلال غير مربحة اقتصاديا”. وأوضح في هذا الصدد بأن “أكثر من 90 بالمئة من أعباء هذه الاستكشافات كانت بالمجهود الذاتي لسوناطراك والتي بلغت 150 استكشاف من الحجم المتوسط والصغير منها 100 استكشاف قابل للاستغلال إلا أنها لم تستغل بسبب الأعباء الجبائية التي تترتب عنها ” في هذا الصدد أشار ذات الخبير الى أن احتياطات هذه المكامن غير المستغلة تتجاوز احتياطاتها 600 مليون طن مكافئ بترول، ما يمثل أكثر من ستة أضعاف الصادرات الوطنية من المحروقات المحققة سنة 2018 والتي بلغت 8ر92 مليون طن مكافئ بترول. واستطرد قائلا بأن مشروع قانون المحروقات الذي يثير جدلا كبيرا، جاء للبحث على نقطة التوازن الطاقوية والاقتصادية وفقا للمعطيات المتاحة من حيث الإمكانيات التكنولوجية وواقع تحولات سوق النفط العالمية . وتابع مدافعا :”أرى ان مشروع هذا القانون جاء متوازن لأنه يتضمن 80 مادة تخص نشاط المنبع ثم تأتي الأحكام المتعلقة بالجباية وهي 47 مادة تليها الأحكام العامة والإطار المؤسساتي الذي يحتوي على 45 مادة.” مطمئنا بأن مشروع القانون “جاء لتدعيم مكانة سوناطراك خاصة في مهمتها الأساسية وهي نشاط المنبع “. وحسبه، مشروع القانون، قيد النقاش، “تمت صياغته لانقاد الوضع المالي للبلاد وكذا تعزيز قدرات سوناطراك كقاطرة اساسية للاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة اخرى رفع قدرات الاستكشاف وتطوير القدرات الإنتاجية للشركة” . وأضاف بان مشروع قانون المحروقات يضمن أيضا تحقيق التوازن الطاقوي وتطوير قدرات سوناطراك في استيفاء حاجات السوق الداخلية من الطاقة وكذلك الرفع من حجم الصادرات. وذكر في هذا الصدد بأن السوق الوطنية استهلكت 43 مليار متر مكعب من الغاز في 2018 ، منها 25 مليار مكعب استغلت في إنتاج الكهرباء فقط، موضحا بأن 55 بالمئة مما هو مسوق من الغاز الطبيعي يوجه لإنتاج الكهرباء . واعتبر ذات الخبير ما اسماه ب “الرفاه الكهربائي” هو من حق كل مواطن ومطالبة المواطن للحد من استهلاك الكهرباء والغاز بحجة تحقيق الفعالية الطاقوية “يعد خطابا خطيرا” اذ من حق كل مواطن استعمال وسائل التدفئة والمكيفات الكهربائية والتهوية لأنها ببساطة خدمات باتت أساسية . كما أشار بأن القانون يتوخى أساسا تحرير ارادة سوناطراك من البيروقراطية الإدارية حيث دعا في هذا الإطار الى تبني بنموذج حديث وعصري في مجال المناجمنت التجاري. من جانب آخر ، ركز ذات الخبير على الموارد البشرية لسوناطراك، مشددا على ضرورة الحفاظ عليها باعتماد نظام للأجور يقترب على الأقل، من الأجور السائدة لدى الشركات العالمية، محذرا انه ” بدون اعتماد برنامج جديد ومحين للأجور في إطار نموذج الأعمال يستحيل المحافظة على القدرات البشرية اوتطوير التكنولوجيات”. وفيما يخص تطوير الطاقات المتجددة، أعتبر السيد مهماه أنه يستحيل تحقيق تنويع طاقوي دون تطوير الطاقات التقليدية (الأحفورية) كما اقترح انشاء قانون اطار للانتقال الطاقوي يقضي بإنشاء هيئة وطنية للتنسيق فيما بين القطاعات للرفع من مساهمة المصادر الطاقوية الأخرى وعلى رأسها الطاقات المتجددة . وأخيرا خلص الى القول أن التنويع الطاقوي على غرار التنويع الاقتصادي خارج المحروقات يقتضي “حتما وليس خيارا” تطوير قطاع الطاقة وتعزيز الاحتياطات.