* دعوة للاهتمام بكتابة السيناريو الحلقة المهمة في العمل السينمائي نظمت أول أمس، وفي إطار فعاليات الدورة العاشرة من المهرجان الدولي للسينما الفيلم الملتزم المقامة برياض الفتح إلى غاية 16 من الشهر الجاري، ندوة فكرية حول موضوع السيناريو ودوره في نجاح أو فشل العمل السينمائي، تحت عنوان “من الفكرة إلى التاريخ ومن التاريخ إلى السيناريو، فن الاستلهام دون الخيانة”، شارك بها عدد من صناع السينما الحاضرين في هذه الدورة والذين أكدوا بضرورة الاعتناء بالفكرة وتطويرها في شكلها النهائي أثناء وبعد كتابة السيناريو. ككل سنة وفي إطار المهرجان الدولي للسينما الفيلم الملتزم، تنظم المحافظة ندوات فكرية وعلمية يشارك فيها مدعوا المهرجان، إثراء لفعالياته ولمناقشة أهم القضايا التي تعيقه، وفي الدورة طرح المهرجان موضوعان يرى صناع السينما أنهما في غاية الأهمية أولهما موضوع حول السيناريو الذي يبقى أهم عنصر في صناعة السينما، أما الموضوع الثاني يتعلق بجدلية “سينما المرأة”، الندوة الأولى شارك في إثراء محاورها كل من الجزائريين الأكاديمي والكاتب أحمد بجاوي، الصحفي والسيناريست بوخالفة أمازيت، السيناريست والمخرج التونسي محمود بن محمود، والكاتب المخرج جورجي بالابانوف. وبالمناسبة استعرض السيناريست الجزائري “بوخالفة أمازيت” تجربته في تأليف بعض الأفلام السينمائية التي تعنى بالتاريخ وتشتغل على الذاكرة، معرجا على بعض المشاكل التي تعيق وتعرقل عمل السينمائيين خاصة كتاب السيناريو في مقدمتها تسييس التاريخ منذ سنة 1962، مع العلم أن الكتابة التاريخية مسؤولية وأمانة تقع في البداية على عاتق السيناريست وتمتد المسؤولية إلى كل الشركاء في العمل، و يضيف بأن التاريخ بكل أحداثه وجزئياته مازال يشكل أحد المواضيع المهمة والملهمة في السينما، مشيرا إلى أن بعض الحقائق التي يتم تزييفها تاريخيا تعقد مهمة كاتب السيناريو، معتبرا أن رؤية الفيلم في شكله النهائي بالصورة التي كتب بها تحدي كبير ورهان قد يكسبه صناع الأفلام التاريخية في حال ما لم يتعرض جزء منه إلى الحذف. من جهته أكد المخرج “غيورغي بالابانوف” أن السيناريست عندما يتجه للعمل على قصص ووقائع تاريخية فإنه قد بلغ أولى مراتب الالتزام، خطوة تستدعي منه أن يكون متصالحا مع نفسه وصادقا معها لأنه سيحظى بثقة المئات أو الآلاف من المتابعين، معتبرا أن الخطأ احتمال وارد ولكن على الأقل عليه احترام المتلقي الذي يتوجه له بهذا العمل أو ذاك ويكون وفيا له وللمادة الحساسة التي يتعامل معها وهي التاريخ، مضيفا بأنه عندما تكتب مثلا قصصا عائلية أو اجتماعية يمكنك استحضار العواطف، لكن لما يتعلق الأمر بالذاكرة الجماعية وقصص إنسانية يبنى عليها جانب من التاريخ الإنساني فمن الضروري أن تتعامل مع المعطيات والأحداث بحذر وأمانة، وهذا بحد ذاته التزام. أما الناقد الجزائري أحمد بجاوي فقال أن السيناريو يجب أن يكون وفيا للتاريخ ومستوفيا له وناقلا أمينا للأحداث والوقائع، والاحتمال في أن يكون المبدع وفيا للتاريخ وابتعاده عن سياقاته وارد جدا، مشيرا بهذا الصدد إلى الدور الكبير الذي يقوم به رواد السينما الجزائرية أمثال محمد لخضر حمينة ورشيد بوشارب في الكتابة التاريخية سينمائيا، فالعلاقة التي شيدتها السينما بالتاريخ هي “علاقة تفاعلية”، إذ تحول السينما القصص التاريخية لذاكرة مرئية والتاريخ يزودها بعديد المواضيع التي تترك أمام المبدع حرية الاختيار بين البطولات الفردية أو الجماعية. وعاد المخرج التونسي “محمود بن محمود” إلى الفكرة التي انطلق منها لكتابة فيلمه الأخير “فتوى” المتوج بأكثر من عشرين جائزة، حيث أشار إلى أن فكرة العمل بناها على مقالين تداولتهما الصحافة البلجيكية حول معسكر جهادي ببلجيكا، تحمس للفكرة وشرع في كتابة القصة والسيناريو كما تطرق إلى بعض التعديلات التي طرأت عليه بعد انسحاب الطرف البلجيكي من المشروع مع إبقائه على منتجي العمل البلجيكيين الأخوين جون بيار ولوك داردان المتوجين بالسعفة الذهبية في مهرجان “كان”السينمائي، حيث قال بهذا الصدد “بأن السيناريو إذا أخلصت له قد لا يضمن لك النجاح لكن يضمن لك فرصة وإمكانية الاستمرارية في الكتابة والإبداع إلى غاية وصولك حيث تتطلع”، مستطردا “بأن السيناريو هو بطاقة العبور والفيصل وواجهة أي عمل فني، كما أن تقديم فكرة وقصة في شكل سيناريو يمنحك فرصة التنافس مع العشرات من المهنيين والمختصين في المجال”، وعن حماية السيناريو من التحريف قال بن محمود إن التعديلات والملاحظات التي قد ترد من المنتجين يجب أن يحافظ فيها الكاتب على الجوهر وقيمة الموضوع دون التأثر بالتوجه الأيديولوجي الذي يتخذه البعض كوسيلة ضغط، ولهذا يضيف المتحدث إن مصير الفيلم يحسم في مرحلة السيناريو. أما الناقد الجزائري أحمد بجاوي فقال أن السيناريو يجب أن يكون وفيا للتاريخ ومستوفيا له وناقلا أمينا للأحداث والوقائع، والاحتمال في أن يكون المبدع وفيا للتاريخ وابتعاده عن سياقاته وارد جدا، مشيرا بهذا الصدد إلى الدور الكبير الذي يقوم به رواد السينما الجزائرية أمثال محمد لخضر حمينة ورشيد بوشارب في الكتابة التاريخية سينمائيا، فالعلاقة التي شيدتها السينما بالتاريخ هي “علاقة تفاعلية”، إذ تحول السينما القصص التاريخية لذاكرة مرئية والتاريخ يزودها بعديد المواضيع التي تترك أمام المبدع حرية الاختيار بين البطولات الفردية أو الجماعية. ..السينما المرأة بحاجة إلى الكثير من الشجاعة في الطرح والجمالية أما الموضوع الثاني الذي طرحه المهرجان وشاركت به مجموعة كبيرة من صانعات السينما يتعلق ب” نساء سينمائيات ونساء في السينما”، فقد أكدت فيه المشاركات على الفوارق التي تتواجد بين المرأة والرجل سواء من ناحية التيمات التي تطرح أو فرص العمل والحصول على التمويل وذلك سواء في البلدان المتقدمة أم النامية وأبرزت السينمائيات اللواتي شاركن في النقاش الصعوبات التي تصادفهن في العمل السينمائي بمختلف مهنه خاصة مجالي الإخراج والإنتاج، واتفقت المشاركات في مداخلاتهن على أن الكثير من السينمائيين والنقاد يرون انه على السينمائيات العمل التيمات الخاصة بالمرآة وترك المواضيع الأخرى للرجال . حيث تقول المخرجة ابوليني تراوري من بوركينا فاسو بهذا الصدد أن تناولها لمسالة العجز الجنسي عند بطل احد أفلامها أثار موجة من الاستنكار والغضب ليس من قبل السينمائيين والنقاد فقط بل أيضا من طرف الجمهور لرفضهم الفكرة من أساسها، كما تطرقت في حديثها إلى الصعوبات التي تتلقها في عملها في مقدمتها مسالة الحصول على التمويل مقارنة بزملائها من الرجال. من جهتها ذكرت المخرجة الفرنسية جاكلين قوزلاند المولودة في قسنطينة بان المرأة التي تشارك في المقاومة أوقات النزاعات والحروب وتفرض نفسها إلى جانب الرجل تتقهقر وضعيتها في زمن استتباب الأمن إذ يحاول المجتمع إرجاعها إلى البيت وحصر مهمتها في تربية الأولاد. وذكرت الكاتبة الايطالية “لوسيانا كاستلينا” الجهود التي تبذلها المرأة في السينما من اجل فرض رؤيتها مشددتا على ضرورة أن تقوم بتنويع المواضيع التي تطرحها في أعمالها منها المواضيع الذاتية التي تتناولها بكثير من الجمالية والجرأة كامرأة بحسها. وقالت الكاتبة من جهة أخرى أن الإشكالية المطروحة بشان السينمائية ليست خاصة بالبلدان النامية بل هي أيضا مطروحة في البلدان التي تزدهر فيها الصناعة السينماتوغرافية مستشهدة بعدد السينمائيات المتوجات في محافل كبير مثل الأوسكار و”كان” وغيره من المهرجانات الكبرى. وقالت المنتجة أمينة حداد أن هناك رغبة لدى السينمائيات الجزائريات في فرض أنفسهن على الساحة بالعمل و بالالتزام و يتأكد هذا الميل كما أضافت من خلال ما يلاحظ من أعمال وجهود مخرجات شابات مثل ظريفة مزنر وأيضا ياسمين شويخ، ولا يقتصر جهد السينمائيين الجزائريين حسبها على إنتاج الأفلام بل هناك أيضا مساعي أخرى لا يجاد فضاءات تساهم في تطوير السينما والعمل على إيصال اهتمامات المواطن من خلال الصورة . نسرين أحمد زواوي