في منتصف ديسمبر 2019، تم في الكويت تشكيل مجلس وزراء جديد برئاسة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح مكوَّنة من خمسة عشر وزيراً بينهم ثلاث نساء وثمانية وزراء سابقين وأربعة وزراء جدد، بالإضافة إلى رئيس مجلس الوزراء، وأدّت الوزارة الجديدة اليمين الدستورية أمام أمير البلاد في السابع عشر من ديسمبر 2019. واللافت للنظر هو وجود 3 نساء يدخلن الوزارة لأوّل مرة، وهو عدد يعتبر كبيراً بالنسبة لمجلس وزراء يعتبر عدده محدوداً ولا يزيد أعضائه عن ثلث أعضاء مجلس الأمة وفقاً للدستور الكويتي القائم والمعمول به منذ عام 1961. ومجلس الوزراء في الكويت هو مؤسسة سياسية مهمة جداً في الحياة السياسية، فالسلطات الدستورية الواسعة المناطة بأمير البلاد تتم ممارستها عن طريق مجلس الوزراء الذي يسيطر وينسق على سياسية الحكومة والإدارة الحكومية. ومجلس الوزراء يحدد السياسات عبر تقديمه لبرامجه إلى مجلس الأمة «البرلمان» لكي يبت فيها. أعضاء مجلس الوزراء في الكويت يصبحون أعضاءً في مجلس الأمة فور تعيينهم وأدائهم اليمين أمام الأمير، وذلك وفقاً للدستور، فيصبحون بذلك مؤهلين للمشاركة في نقاشاته ولهم صوت مسموع في تداولاته، إلا في حالة واحدة هي أن يكون وزير منهم خاضعا للاستجواب والمسائلة من قبل مجلس الأمة، ولأن دستور دولة الكويت يتيح استقطاب الوزراء من بين أعضاء مجلس الأمة المنتخبين ومن خارجه، فإن عدد أعضاء مجلس الوزراء، بالإضافة إلى رئيسه يجب أن لا يزيد على ستة عشر فرداً يشكلون في مجملهم ثلث عدد أعضاء المجلس. والحكمة وراء ذلك هي منع الفرع التنفيذي من الحكومة الكويتية من أن يصبح عدد أعضائه متضخماً على حساب عدد أعضاء مجلس الأمة. ولهذا السبب يلاحظ بأن العديد من الحقائب والاختصاصات تم دمجها تحت سلطة وزارة واحدة ووزير واحد، فعلى سبيل المثال الشيخ أحمد منصور الصباح هو نائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للدفاع، وأنس خالد الصالح هو نائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للداخلية ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، وقس على ذلك. ووفقاً للدستور من المطلوب أن يتقدم مجلس الوزراء الجديد ببرنامجه الشامل إلى مجلس الأمة كخطوة أولى للسير إلى الأمام في أداء مهامه. هذا البرنامج يجب أن يتم تقديمه من قبل رئيس مجلس الوزراء في خطاب يلقيه أمام مجلس الأمة يقوم فيه بتسطير السياسات الداخلية والخارجية للحكومة. بعد ذلك يقوم أعضاء مجلس الأمة بإبداء آرائهم وملاحظاتهم وردود أفعالهم على البرنامج. ومن الأمور المطلوبة من مجلس الوزراء تقديم بيان مالي حول الأوضاع الاقتصادية للبلاد مرة واحدة على الأقل خلال السنة إلى مجلس الأمة. ومن الأمور اللافتة للانتباه أن جميع الامتيازات الممنوحة لأعضاء مجلس الأمة والقيود المفروضة عليهم هي منطبقة أيضاً على أعضاء مجلس الوزراء حتى وإن كان اختيارهم قد تم من خارج مجلس الأمة، لكن على صعيد القيود والشروط المفروضة علَى الوزراء، هي أشد وأقسى من تلك المفروضة على أعضاء مجلس الأمة. النظام السياسي الكويتي يعمل بكفاءة في ظل الدستور المعمول به حالياً، ويعيش الكويتيون حياتهم السياسية وفقاً له منذ عام 1961 وحتى الآن دون إجراء أية تعديلات عليه، وخلال السنوات الطويلة التي مرت منذ استقلال الكويت يمارس كل من مجلس الوزراء ومجلس الأمة اختصاصاتهما التي نتج عنها تحقيق نجاحات مهمة للكويت كوطن وللكويتيين كشعب، خاصة من زاوية الرقابة المشتركة على المال العام. ودون شك أن الحكومة الكويتية بشقيها التشريعي والتنفيذي قد واجهت الكثير من الصعاب خلال مسيرتها منذ الاستقلال، خاصة في البدايات الأولى لتأسيس الكويت كدولة حرة مستقلة، ثم بعد ذلك من آثار الغزو الغاشم والقيام بإصلاح ما يمكن إصلاحه نتيجة للدمار الهائل الذي لحق بالبلاد. إن الوضع السياسي القائم يمثل ويعكس الاستجابات والمبادرات الخيرة التي أبدتها النخبة السياسية تجاه الشعب الكويتي مثلما هي عاكس لقبول الشعب الكويتي ورضاه عن أوضاعه وإنجازاته بشكل عام. الإتحاد الاماراتية