* الحراك الشعبي يمثل “إرادة الشعب التي لا تقهر” * رئاسة الجمهورية تفاجئ الولاة بتقرير صادم عن واقع التنمية في ولاياتهم * محاربة الرشوة واستغلال النفوذ بصرامة وتجريم عدم دفع الضرائب قريبا عقد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برفقة الحكومة، أمس، الأحد، أول اجتماع مع الولاة ال58 للجمهورية، ترأسه للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وبثت مديرية الإعلام برئاسة الجمهورية، بالتعاون مع التلفزيون العمومي، تقريرا صادما يخص الأوضاع المزرية في عدة مدن وولايات. وتطرق الريبورتاج الذي بث بأمر من رئيس الجمهورية، إلى غياب التنمية وانعدام الشروط الأساسية للحياة في عدة مناطق. وانتقد تبون واقع التنمية والتسيير المحليين ودعا الولاة إلى “القطيعة مع ممارسات العهد البائد” وإلى ممارسة صلاحياتهم القانونية في محاربة الفساد والرشوة والتقرب من المواطن لحل مشاكله، وإلغاء بروتوكول “الوفد الكبير” في الزيارات الميدانية. وطالبهم بأن تسهم الولايات في تنمية الاقتصاد الوطني والبحث مصادر تمويل داخلية من خلال دعم الفلاحين والمؤسسات الناشئة، والتسيير العقلاني لموازناتها. أعطى الرئيس تعليمات للمسؤولين المحليين بضرورة التقرب من المواطن و”كسر الحاجز الذي بناه العهد البائد بين المواطن والدولة”. وخلال افتتاحه لأشغال اجتماع الحكومة بالولاة، قال رئيس الجمهورية : “في هذا الظرف الخاص أنتم ملزمون كمسؤولين محليين بالتغيير محليا بالابتعاد كليا عن السلوكيات القديمة والتقرب من المواطن لكسر الحاجز الذي بناه العهد البائد بين المواطن والدولة حتى تسترجع الثقة المفقودة”. وطالب في هذا الاطار الولاة والمسؤولين “الكف عن تقديم الوعود الكاذبة” والالتزام بما يستطيعون فعلا تقديمه للمواطن والعمل على “محاربة اللامبالاة والاستخفاف بقضاياه” وهذا لن يتأتى الا عبر الاعتماد على الاطارات الكفؤة بغض النظر عن مشاربها. كما أكد رئيس الدولة على ضرورة مساعدة المجتمع المدني على تنظيم نفسه للمساهمة في التنمية المحلية. وانتقد الرئيس تبون، البروتوكول المعمول به في المواكب الرسمية، واصفا إياه ب”الزردة”. وفي كلمته التي تضمنت انتقادات كبيرة للنظام السابق وأوضاع التنمية والتسيير في بلاده، شدد تبون على أن المواكب الرسمية “تبذير للمال العام”. وطالب الوزراء والولاة بخفض مواكب الزيارات إلى أربع سيارات على الأكثر، داعيا إلى محاربة التبذير. “.. الحراك الشعبي يمثل إرادة الشعب” وأكد تبون أن الحراك الشعبي يمثل "إرادة الشعب التي لا تقهر". وتسبب الحراك الشعبي في الجزائر، الذي انطلق في 22 فبراير الماضي، باستقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وسجن العديد من كبار المسؤولين في عهده، إلى جانب عدد آخر من رجال الأعمال، بتهم الفساد. وقال تبون: "لقد مرت سنة على ذكرى المواطنات والمواطنين في حراك مبارك سلمي تحت حماية الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، طالبا التغيير، رافضا المغامرة التي كادت تؤدي إلى انهيار الدولة الوطنية وأركانها والعودة إلى المأساة التي عاشها بدمه ودموعه في تسعينيات القرن الماضي وبكل سلمية”. وأضاف: "الشعب الجزائري هب لانتخابات شفافة ونزيهة تلكم كانت إرادة الشعب التي لا تقهر لأنها من إرادة الله". وأشار إلى أنه وبعد انتخابه على رأس الجمهورية جدد التزامه بالتغيير الجذري، ملبيا بذلك "ما كان متبقيا من مطالب الحراك المبارك". وخاطب تبون الولاة، قائلا: "إنكم ملزمون بالتغيير على المستوى المحلي"، داعيا "إياهم لتلبة احتياجات المواطنين، والابتعاد عن السلوكات السابقة والقديمة، لاسترجاع الثقة مع المواطن”. وشدد تبون على ضرورة الاستمرار في محاربة الرشوة واستغلال النفوذ ب"صرامة"، وأنه "لا وجود لسرقة كبرى وأخرى صغرى". وأكد على ضرورة "تجريم عدم دفع الضرائب"، مؤكدا أنه “سيتم غلق سبل استيراد الكماليات والأمور التي يمكن إنتاجها”. وأضاف أن "الجزائر تستورد الرمل والذرة والعصائر وهذا أمر خطير، والتزامنا مع الاتحاد الأوروبي في مجال التبادل لا علاقة له بالقرار"، قائلا: "سأركز خلال الفترة القادمة على اقتصاد جديد، وسنحاول الخروج في أقرب وقت بسياسة جديدة لبناء صناعة ومناهج جديدة ننتهجها، فالوقت يداهمنا، لن نفعل المعجزات ولكن ما هو مطلوب منا هي المعجزات حقا". وتأسّف الرّئيس لما وصفه ب"الماضي المأساوي للجزائر والذي كبّد الدولة خسائر في إطار الفساد، واليوم هنالك من يحاول ضرب الاقتصاد الوطني وهم بارونات منظمة سنحاربها". وأضاف: "الضرائب يدفعها الموظف البسيط بينما المستثمرون المستفيدون من قروض الدولة يتهربون لذلك قرّرنا من الآن فصاعدا تجريم من لا يدفع الضّرائب وهو المنهاج الذي تسير عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية وهوما سنسير وفقه لاحقا". وأشار إلى أن الأموال التي قدّمتها البنوك لعدد من المستثمرين فاقت ال1200 مليار دينار جزائري، مؤكّدا أن الدولة ستعمل على استرجاع المبلغ في أقرب الآجال. ودعا تبون "إلى تشجيع المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الخيرية التي ليس لها أهداف سياسية لخدمة المواطن وكذا الاعتماد على أشخاص ذوي كفاءة لحل المشاكل وليس على معيار الولاء في شغل المناصب”. .. الأطفال والقرية المنسية على صعيد يتعلق بالأطفال، طالب تبون الولاة بالاهتمام بهذه الفئة، وبث مشاهد قال إنها “لا تشرف الجزائر” عن معاناة الأطفال في عدد من المناطق الفقيرة والنائية. من بين تلك المناطق، كانت هناك قرية معزولة بولاية غليزان، واحدة من نماذج “الفوارق التنموية” في الجزائر، وهي القرية التي عانت من ويلات الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، وقدمت عشرات الضحايا، إضافة إلى أماكن أخرى في غرب وشرق ووسط وجنوب البلاد، نقلها التلفزيون العمومي في وقت سابق. ووصف تبون تلك المناطق ب”المنسية التي يعيش فيها مواطنون منذ ما قبل الاستقلال”، متطرقا للميزانيات المالية الكبيرة التي كانت قد رُصدت لتلك المناطق وخلقت “واقعا مرا لأنها لم توضع في مكانها”. وفي هذا الصدد، منح الولاة مهلة ثلاثة أشهر لتسوية المناطق الفقيرة والمعزولة. وتعمل الحكومة على مدار يومين من الاجتماع، على شرح مخطط عملها وآليات تنفيذه، وفق المقاربة المحلية الجديدة التي أقرها الرئيس عبد المجيد تبون، خاصة ما تعلق منها ب”إنهاء الحكم الفردي والقضاء على الفساد الإداري والمالي”، والتي تعتمد على مشاركة المحافظات بما فيها من ولاة ومجالس منتخبة. ومن المرتقب أن يخرج الاجتماع بتوصيات، يتم إلزامها على المحافظين ال58 والمجالس المحلية المنتخبة، والتي تحدث عنها الرئيس الجزائري الشهر الماضي في لقائه مع وسائل الإعلام المحلية. .. تخصيص مبلغ إضافي ب100 مليار دج لفائدة البلديات أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أنه سيتم خلال شهري أفريل وماي القادمين تخصيص مبلغ إضافي يقدر ب 100 مليار دج لفائدة البلديات وذلك لتمكينها من دفع عجلة التنمية المحلية. وأوضح رئيس الجمهورية في كلمته بمناسبة افتتاح أشغال لقاء الحكومة بالولاة ، بأن وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية “رصدت في ديسمبر الفارط، ضمن صندوق التضامن ما بين الجماعات المحلية، 80 مليار دج على شطرين”، مضيفا بأن بلديات الوطن “ستستفيد في أبريل ومايو القادمين من مبلغ آخر يقدر ب 100 مليار دج”. وتابع الرئيس تبون، بأن الوضع الذي تعيشه حاليا بعض مناطق الوطن “مرفوض تماما لأننا نملك الامكانيات لمواجهته”، داعيا بالمناسبة المسؤولين المحليين الى “التكفل بالطبقة المعوزة وجعلها شغلهم الشاغل”. وشدد رئيس الدولة في نفس السياق على أهمية التوزيع العادل لثروات البلاد بين مختلف جهات الوطن، مشددا على ضرورة “تجند الجميع لتحسين الأوضاع في مناطق الظل والأرياف”. ..لا حواجز في التعديل الدستوري عدا ما يتعلق بالوحدة والهوية الوطنيتين جدد الرئيس تبون تأكيده على أنه “لا توجد هناك حواجز” في التعديل الدستوري المرتقب، باستثناء ما يتعلق بالوحدة والهوية الوطنيتين. وأشار الرئيس إلى أنه استمع، مؤخرا، لعرض قدمه له رئيس لجنة الخبراء المكلفة بصياغة اقتراحات لمراجعة الدستور، أحمد لعرابة، حول ما تجسد إلى غاية الآن في هذه الورشة، حيث “شددت على أنه ليس هناك حواجز (بهذا الخصوص)، عدا الوحدة الوطنية مع عدم المساس بالهوية الوطنية”. وذكر رئيس الدولة بأنه و فور الانتهاء من إعداد مسودة التعديل الدستوري، ستوزع هذه الأخيرة على الجميع “حتى يكون دستورا توافقيا”، مضيفا بأنه “من حق الجميع التعليق سلبا أو إيجابا” على الوثيقة. وأوضح رئيس الجمهورية بأن الدستور المقبل “سيكرس الفصل بين السلطات حتى يعرف كلا عمله و هو ما سيبعدنا عن كل ما عشناه سابقا و الانزلاقات التي نجمت عن الحكم الفردي المتسلط”. كما أضاف بأن التعديل الدستوري المرتقب يأتي ضمن “السياسة الجديدة التي نريد انتهاجها لإحداث التغيير”، متابعا بالقول “يجب أن نبني سويا، ديمقراطية حقة و صلبة، لا تكون ظرفية ولا على المقاس و نحن نسير تدريجيا على هذا الدرب”، الذي سيكون التعديل الدستوري أول محطة فيه لكونه “أساس الحكم في كل الأنظمة”. وفي سياق ذي صلة، أشار الرئيس تبون إلى إمكانية إنشاء محكمة دستورية مستقبلا تكون مستقلة و تضطلع بإصدار الأحكام في النزاعات بين السلطات، و هذا “بغض النظر عن المجلس الدستوري الموجود حاليا”. وكمحطة ثانية، سيتم الشروع في مراجعة القانون العضوي المنظم للانتخابات في خطوة ترمي إلى “إبعاد المال الفاسد و الفاسدين عن السياسة” و تسمح ب”خلق طبقة سياسية جديدة من الشباب” الذين يشكلون النسبة الأكبر من التركيبة البشرية للشعب الجزائري، مثلما أوضحه رئيس الدولة، وأكد الرئيس تبون بهذا الخصوص أن قانون الانتخابات “سيراجع تماما وسيتضمن ضوابط للوصول إلى المراكز عن طريق الانتخابات”،و هذا بغية “القضاء على مظاهر التهرب من المسؤولية و شراء الذمم”. كما أضاف بأن قانون الانتخابات سيراجع “حتى نصل الى مؤسسات منتخبة لا غبار عليها، تمتلك صلاحيات دستورية، و يكون بإمكانها مسائلة أي كان و التطرق للملفات التي تهم الرأي العام”. … توحيد البطاقية الوطنية للسكن أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، الأحد، بتوحيد البطاقية الوطنية للسكن لتشمل مختلف الصيغ السكنية قصد الوصول الى توزيع عادل للسكنات. وحث الرئيس تبون الولاة الى “الرجوع الى الشفافية في قوائم السكن التي تنشر لكي يأخذ كل ذي حق حقه” داعيا الى “توحيد بطاقية السكن لمختلف الصيغ بما فيها السكن الريفي والترقوي المدعم لمعرفة المستفيد الحقيقي من السكن”. وأكد أن “حل معضلة توزيع السكنات التي تدفع في كل مرة المواطنين للاحتجاج بغلق الطرقات” يكون من خلال “الالتزام بالشفافية والاعتماد على بطاقية وطنية للسكن وبالتكفل بالتظلمات التي يرفعها المواطنين غير المستفيدين” مع “الابتعاد عن المحاباة والخلفيات في توزيع السكنات”. وذكر رئيس الجمهورية انه تم خلال السنوات الفارطة، الكشف عن منح 16 الف و800 شهادة اقامة مزورة بالجزائر العاصمة تم منحها بقيمة 1.500 دج للشهادة قصد الاستفادة من سكن من طرف أشخاص يقطنون بولايات أخرى. ووصف تبون هذه العملية، التي تجعل المواطن يمد يده لجيبه ليحصل على شهادة اقامة مزورة، “أخطر من الرشوة الكبيرة”. وتجدر الاشارة الى ان مخطط عمل الحكومة، الذي يستند الى برنامج رئيس الجمهورية، يهدف لضمان “حق المواطن في سكن لائق”، من خلال تنفيذ برنامج جديد يضم مليون وحدة سكنية بمختلف الصيغ وتسليم مليون ونصف مليون وحدة في افاق 2024.