لم تعد الحركة بالعاصمة الجزائر، بعد سيطرة جائحة كورونا على المشهد الداخلي، كما كانت عليه في السابق، بعد تراجع محسوس لتحركات الناس في الشوارع. لا صوت للاحتجاجات الشعبية، ولا ضجيج للهتافات بعد حظرها من قبل السلطات، لتحل محلها حملات توعية من قبل نشطاء لتفادي التجمعات العامة والاكتظاظ. .. كورونا يعطّل الحياة العامة وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمر، الثلاثاء، بحظر الاحتجاجات بمختلف أشكالها وغلق المساجد وتعليق صلاة الجمعة والجماعة ضمن خطة للتصدي لفيروس كورونا. وقال تبون في خطاب بثه التلفزيون الرسمي إنّه “تقرر منع التجمعات والمسيرات كيفما كانت وتحت أي عنوان وغلق أي مكان يشتبه فيه بأنّه بؤرة للوباء”. وأضاف: “الوباء المتفشي مسألة أمن وطني شامل وصحي تهم الجميع، حتى لو أدى الأمر إلى تقييد الحريات مؤقتا لأن حياة المواطنين فوق كل اعتبار “. ** تضاؤل الحركة ومنذ ظهور “كورونا” في الجزائر في 24 فبراير الماضي، تضاءلت الحركة في عدد من مدن البلاد على رأسها العاصمة الجزائر وبلدياتها وأسواقها وأماكنها العامة. زاد من ذلك تسجيل وزارة الصحة الجزائرية 17 وفاة بفيروس كورونا وارتفاع عدد المصابين إلى 201، حتى 22 مارس. ..شوارع بلا زحمة وخلال جولة ل”الأناضول” في كبرى شوارع العاصمة وأكثرها اكتظاظاً بالناس، مثل “العربي بن مهيدي” و”ديدوش مراد” و”حسيبة بن بوعلي”، تم رصد تراجع محسوس في حركة الناس وسط إغلاق عدد من المحلات من مطاعم ومقاهٍ ومحلات ألبسة ومراكز ثقافية. كما خلت الطرق من الازدحام المعتاد الذي كانت تخلفه السيارات في السابق، فبدت الحركة في زمن كورونا سهلة وميسرة. ويأتي تضاؤل حركة الناس، في ظل دعوات وجهت إلى الجزائريين، للبقاء في منازلهم، وتجنب الأماكن العامة حفاظاً على سلامتهم ومنعا من انتقال العدوى إليهم. .. حملات توعية ولم يقتصر تعقيم وسائل النقل العمومي ومحطات نقل المسافرين على القرارات الحكومية الصادرة مباشرة من الرئيس تبون، حيث قام نشطاء وجمعيات جزائرية، بحملات توعية ونشاطات تهدف إلى تعقيم وتطهير الأماكن العامة مثل الساحات والشوارع والحدائق بغرض الوقاية من كورونا والحد من انتشاره. ..ثورة من خلال الحملات الميدانية والتقى مراسل “الاناضول” خلال جولته في شوارع العاصمة، شباناً يقومون بحملات ميدانية عديدة، يستعيضون فيها عن المسيرات المتوقفة حالياً. وعبر نشطاء الحراك الشعبي عن أن الحراك مستمر، وما توقفت المسيرات إلا حرصاً على صحة الجزائريين. وقال صعيب دباغي (ناشط في الحراك الشعبي): “اتفقنا على تعليق المسيرات وليس الحراك، فالحراك ثورة وسيستمر حالما ينتهي الوباء”. وأضاف دباغي: “التجمعات العامة والاحتكاك يشكلان خطرا على صحة الشعب ومنه الحراكيين، لذلك علقنا المسيرات فقط”. وأوضح أنّ “شباب الحراك سيقومون بحملات تطوعية لتطهير وتعقيم الشوارع والساحات العامة وحملات توعية عن مخاطر كورونا”. بدوره، قال مسينيسا جعفر (أحد المتطوعين لتعقيم الشوارع) إنّ “وباء كورونا خطير ونسأل الله أن يحفظ الجميع”. واستطرد قائلا: “لكن بالتوعية والوقاية والتنسيق مع بلدية الجزائر الوسطى سنتمكن من الحدّ من انتشار هذا الفيروس”. من جهته، أشار وليد يخلف (عضو ضمن مجموعة مسعفين متطوعين)، إلى أن مجموعته “تشارك في حملات التوعية هذه على مدار 24 ساعة”. وقال يخلف: “خلال الأيام الأولى من الحملة لاحظنا أنّ المواطنين لم يكونوا واعين بخطورة فيروس كورونا”. وأضاف: “مع مرور الأيام بدأ الوعي ينتشر في أوساط المجتمع وهذا ما أسعدنا، لأنّ عملية مواجهته ستكون سهلة نوعا ما”. .. حملات افتراضية “ابق في دارك” ولم تقتصر حملات التوعية على أرض الواقع فقط، بل سبقتها الحملات الافتراضية التي اتخذت من منصات التواصل الاجتماعي فضاءً لها تحت شعار “الوقاية خير من العلاج”. وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي باللغات الثلاث (العربية والإنجليزية والفرنسية) حملة “ابق في دارك”، التي تدعو إلى عدم الخروج إلى الشوارع للحماية من كورونا. وقال الناشط هشام برقوشي: “ابق في منزلك، حماية لك ولعائلتك”. وأضاف: “نتعاون كي نهزم كورونا”. وبدوره، كتب الناشط محمد حنوت: “لا تكن سببا في انتشار فيروس كورونا”، مضيفا: “ابق في المنزل”. من جهتها، غرّدت الناشطة ذهبية مشدال قائلة: “اجلس في الدار، صلّوا، تأملوا، طالعوا كتبا، شاهدوا أفلاما…وغيرها”. وأردفت: “وإذا لم تفعلوا شيئا، لا تخرجوا من دون سبب، إنقاذ حياة الآخرين ليس سهلا”. وحتى صباح الاثنين، أصاب الفيروس أكثر من 339 ألف شخص بالعالم، توفى منهم ما يزيد عن 14 ألفًا، أغلبهم في إيطاليا، الصين، إسبانيا، إيران، فرنسا والولايات المتحدة، بينما تعافى أكثر من 99 ألفًا. وأجبر انتشار الفيروس على نطاق عالمي دولًا عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية.